التهمة دحلاني!!

تابعنا على:   23:15 2016-09-28

فؤاد أبو حجلة

في تبريرهم لدوافع الارتباط مع السلطة أو بعض رموزها الفاسدة يلجأ بعض الكتاب والصحفيين الفلسطينيين إلى الهجوم على أصحاب الرأي المتحررين من جبرية الخضوع لضغوط الولاء الشعاراتي للسيد الرئيس وبطانته، ومن يتمترسون خلف أسوار المقاطعة، ومن يلوكون الكلام في دفاعهم عن التنسيق الأمني مع العدو وعن قمع الأجهزة الأمنية للوطنيين في أزقة نابلس وضواحي رام الله وقرى الخليل، وعلى امتداد خريطة الدولة الموعودة والموؤودة.
أتعرض لهذا الهجوم باستمرار، وقد واجهت في السابق تحريضا مستمرا من ذوي القناعات الديمقراطية أدى إلى استئصالي من صحيفة "الحياة الجديدة" وحرماني من إطلالة متواضعة على قراء قليلي العدد، لكنهم الأقرب إلى القلب لأنهم في الوطن.
ولأنني لم أتوسل أصحاب القرار الديمقراطي لإعادتي إلى نافذتي المغلقة في الصحيفة، تحولت في عيونهم إلى مغرد خارج السرب، رغم أن الموجود قطيع وليس سربا. وصرت في لحظة مشبوها ومشكوكا في ولائه للوطن ولقائد الوطن والوطنية السيد رئيس الدولة ورئيس المنظمة ورئيس الحركة والقائد العام والحاكم بأمره في واحة الديمقراطية الفلسطينية في قلب صحراء القمع في المنطقة العربية.
ثم تبددت الشبهة واستخلص المحرضون أنني لست مجرد مشبوه، بل متورط في انتقاد السلطة والسيد الرئيس لأنني "دحلاني"، رغم أنني كنت أعتقد أنني يمكن أن أكون ماركسيا مثلا.
ذكرني الوصف الذي أسبغه علي أحد كتاب البلاط العباسي بوصف آخر كان يطلقه علي وعلى الكثيرين من أقراني إعلاميون محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين وإعلاميون محسوبون على أنظمة الممانعة الاسمية، كانوا يسمونني "عرفاتيا" معتبرين العرفاتية تهمة كبيرة وخطيرة. وكنت، مثل غيري من العرفاتيين، أعتز بهذه "التهمة"، وأحزن لحال الأبرياء منها.
أعود إلى توصيفي الأخير باعتباري دحلانيا، لأسأل: ماذا يعني ذلك؟
أعتقد أن المقصود بهذه التهمة هو قناعتي بضرورة الإصلاح المطلوب والواجب في حركة فتح. وهذه قناعة آثمة بالفعل في زمن التفرد بالحكم والقمع في سياق التنسيق الأمني المقدس مع العدو، وفي زمن اللون الواحد والخطاب الواحد والرؤية الواحدة التي تتحكم بحاضرنا وتريد أن تتحكم بمستقبلنا ليظل مأمون العواقب، وبعيدا عن المواجهة مع العدو، على أمل أن يكون هذا العدو صديقا ذات يوم.
وأعتقد أن من يرتبط مصلحيا مع رموز فاسدة في السلطة لا ينبغي أن يفتح على نفسه الصغيرة أبواب الرد حين يتهم الآخرين في ذمتهم وفي قناعاتهم الوطنية.
ولأنني لا أحب الكشف عن بعد، وأفضل المصارحة وجها لوجه، فإنني استنكف عن كشف تفاصيل يعرف العباسي الذي يعتبر دحلانيتي تهمة كم هي مؤذية لشخصه الكريم وصورته النقية.
لست رداحا ولا دساسا، وأترك الخلق للخالق، لكنني أسأل الكاتب العباسي: ما الذي يستفزك في قناعتي بقيادي كان الوحيد الذي لم يرد اسمه في تقرير الفساد للمجلس التشريعي في عهد الشهيد أبو عمار. ولم يرد اسمه، رغم ورود أسماء كثيرة جدا، في تقرير الرقابة. ولم تستطع الجزيرة الحصول على دليل واحد يدينه في وثائقها عن مرحلة المفاوضات، رغم رغبتها الشديدة بالامساك ولو بمعلومة صغيرة، ورغم أن هذه الوثائق أدانت معظم المفاوضين. ولم نقرأ عنه شيئا في ما كشفته وثائق ويكيليكس التي عرت كثيرين غيره.
هل يمكن أن يكون كل هذا من باب الحظ مثلا، أم أن الرجل يحمل في جيبه حجابا يحميه من عيون البصاصين وعسس الكاشفين.
وأخيرا فإن الكاتب المحترم الذي يتهمنا بالقبض يعرف جيدا أنه كان يقبض عندما كان يُقبض علينا.
ليس مطلوبا أن يكون الكتاب نسخة واحدة، وليس غريبا أن يكتب البعض بايحاءات من أولي الأمر، لكن المطلوب فقط قليل من الحياء

اخر الأخبار