المصالحة والتهدئة..مساران متوازيان هل يلتقيان!

تابعنا على:   10:49 2018-07-30

كتب حسن عصفور/ وأخيرا ذهبت حركة فتح الى القاهرة، حاملة "ردها الخاص" على الورقة المصرية، بعد إن إحتارت في تسميتها، وعل رئيسها عباس "وجدها" بوصفها "فكرة مصرية"، رد يحمل بالمعني الحقيقي "رفض إيجابي"، كونه وضع "شروطا" على الورقة من حيث التبويب والمضمون..

فتح من حيث المبدأ ترفض تشكيل حكومة وطنية قبل أن "تتمكن" حكومتها الخاصة" المسماة زورا رسميا بأنها "حكومة توافق وطني"، وهي بريئة جدا من تلك التسمية، فلا هي حكومة بالمعني العام، ولا يمكن وصفها بالتوافقية بل ولا حتي بحكومة فتح بالمعني السياسي، بل هي حكومة بمقاس رغبات عباس الشخصية..

هذه ليس "عقبة" فقط بل هي مفتاح "الحل" أو "التخريب"، ، فمصر وبحكم خبرتها عبر الجولات التصالحية السابقة، تدرك يقينا أن حماس لن تقبل "تسليم القطاع" كليا الى حكومة ليست منها، ولا تتوافق معها، بل حكومة شاركت في حصارها وحصار قطاع غزة، لذا لو أن فتح أصرت في مسار المصالحة من تلك البداية، قل "سلاما"..

هناك عقد قد تكون أكثر صعوبة من تشكيل الحكومة بالنسبة لعباس ووفده الفتحاوي، خاصة مسألة "الجباية" وحصة "أمن حماس" منها، وكذلك قضية سلطتي الأراضي والقضاء، إذ تشير الورقة المصرية الى أنهما فعليا بحاجة الى "حل خاص"، ربما تكون مصر جزءا من تشكيل لجانه في المرحلة الأولى، وهو ما تراه فتح مكافأة سياسية لحماس..

فتح هي من عليها التوضيح لمصر وليس حماس، وهي السابقة الأولى في سياق مسار المصالحة منذ البحث الأول عام 2006، حيث كانت حماس تحت الضغط، الوطني والمصري، وراهنا ربما إنقلبت المعادلة وتغيرت كثيرا، حيث فتح ورئيسها تحت ضغط وطني ومصري بل وأممي..

فتح تتفاوض على المصالحة ضمن "شروط" مرهقة لها سياسيا ودورا، في حين حركة حماس سلمت أمرها التصالحي بعد أن وافقت بلا أي تحفظ على الورقة المصرية، التي منحتها "تفوقا معنويا وسياسيا" على فتح، ومن أجل التفرغ كليا لمسارها "التفاوضي الخاص" مع إسرائيل عبر مصر والأمم المتحدة، حول ملفات التهدئة وتبادل الأسرى..

حماس تمتلك ميزة مضافة بهذه الورقة، التي لا يوجد لفتح أو عباس أي تأثير عليها، بل ربما لم تعد تعلم حقيقة المسار التفاوضي الخاص بقطاع غزة، والذي يبحث حلولا سياسية - إنسانية، كشف عنها ملادينوف في ورقته، وبدأت حماس تسريبها بطريقة إعلامية ( كان عليها أن تخاطب الشعب الفلسطيني بطريقة أكثر إحتراما)..

وتضمنت تسريبات حماس عن الصفقة المقدمة لها، "تنفيذ مشاريع لقطاعات حيوية (الصحة، الكهرباء، الصرف الصحي والمياه، التشغيل المؤقت)، وزيادة مساحة الصيد وعودة المعابر إلى ما كانت عليه قبل مارس"، و"زيادة رواتب موظفي السلطة بنسبة 6%، وإيجاد حل لمشكلة موظفي غزة".

و"الشروع في مسار منفصل لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي".

وجوهر "الصفقة الحمساوية مع إسرائيل" يتضمن قضايا تتعلق بشكل أساسي بعمل الحكومة، أي حكومة، ما يفرض عمليا أن تكون هي المشرفة على عملية بحث تلك القضايا، لكن ما يحدث خلافا لذلك، ويتم تجاهل فتح رئيسا وحكومة، في تضارب "مصالح" او "مهام" قد يفتح باب الصدام المبكر أو "التفجير المتأخر"..

كان بالإمكان وضع "قواعد عمل مشتركة" بين مسار التصالح ومسار "التهدئة"، حتى دون توافق كلي أو دون تشكيل "وفد تفاوضي مشترك"، لكن عبر "آلية متفق عليها" بين حماس وفتح والفصائل الأخرى..

مسار المصالحة، وإفتراضا أنه وصل الى نهايته المنتظرة شعبيا، وتم "هزيمة مخطط أعداء الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام"، فكيف يمكن لحكومة وطنية جديدة أن تتابع ما إتفقت عليه حماس مع إسرائيل، وكيف لها تنفيذ ما لم تكن طرفا به، والأخطر كيف لحكومة كهذه أن تضمن حقا "التهدئة" أمنيا، وهي لا تملك أي سلطة فعلية على الأجنحة العسكرية للفصائل في قطاع غزة، بل كل ذلك الملف خارج سياق مسار المصالحة..

هل يمكن حقا بحث المصالحة والوصول الى "نهاية إيجابية" وبعض أطرافها خارج سياق الملف الأكثر تعقيدا في قطاع غزة، مسار التهدئة..

مسألة يجب أن تكون حاضرة بشكل عملي وليس "إفتراضي" في البحث التفاوضي بين أطراف المنظومة الفلسطينية برعاية الشقيقة الكبرى مصر..دونها وبكل وضوح لا تكملوا في مسار أعرج به عناصر التفجير المبكر..

لا تدعوا الإستثناء قائما مهما كانت "عقدته" فلكل "عقدة حل وحلال"!

ملاحظة: في إجتماع "لجنة الإحالة" الأخير - تنفيذية المنظمة سابقا - خطف عباس دائرة شؤون المغتربين من تيسير خالد ممثل "الديمقراطية"، وضمها الى ملكيته الخاصة الى جانب الصندوق القومي والدائرة الإقتصادية..مهام بلا حصر شكله صار "الغضنفر عباس"!

تنويه خاص: الرئيس البرازيلي الأسبق والأكثر شعبية في تاريخها "لولا"، محكوم بسجن في قضية فساد..بعيدا عن الكذب أو الصح، التهمة تجديد شقته على شاطئ بحر من ميزانية الدولة..تخيلوا لو هذا الحكي في بلادنا ..وين بيروح "لصوص بقايا الوطن"!

اخر الأخبار