في حوار مطول..

العمري: عباس أضعف المرشحين المحتملين لخلافته.. والحياة الاقتصادية مدمرة في غزة بسب إسرائيل وحماس

تابعنا على:   15:01 2023-04-01

أمد/ عواصم: نشرت قناة "فرانس 24" الناطقة بالعربية، مقابلة مطولة مع غيث العمري، المستشار السابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس، والمفاوض  السابق والمحامي المتخصص في حقوق الإنسان والمدافع عن الحوار وحل الدولتين.

وركزت المقابلة على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ،والصعوبات والعقبات التي يواجهها الشباب، ومستقبل السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس محمود عباس منذ 18 عاما، واستفادة حركة حماس من الوضع المتأزم بالضفة الغربية المحتلة.

وغيث العمري، هو محام متخصص في حقوق الإنسان وباحث بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو ممثل معترف به في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي توقفت في العام 2014.

المفاوض الفلسطيني السابق، لا سيما في قمة كامب ديفيد ومحادثات طابا والمستشار السابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى عام 2006، كان في زيارة لباريس هذا الأسبوع لعرض مشروع "همسات من غزة" الذي شارك فيه بنفسه، وهذا المشروع هو عبارة عن سلسلة من أفلام الرسوم المتحركة القصيرة التي تعرض شهادات فلسطينيين يروون حياتهم اليومية الصعبة تحت حكم حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة.

ويسلط مشروع "همسات من غزة" الضوء على صعوبات الحياة اليومية للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس ويقبع تحت الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007.

تناول غيث العمري، في الحلقة الأولى، الصعوبات والعقبات التي يواجهها الشباب الفلسطيني في سياق الأزمة الاقتصادية والشلل السياسي، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، كما يشير في معرض حديثه إلى التوترات بين الفلسطينيين وبين حكومة بنيامين نتانياهو، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، والتي تتسبب في استبعاد أي أمل، في الوقت الحالي، لاستئناف عملية السلام.

بينما تحدث في الحلقة الثانية، عن الوضع السياسي في الضفة الغربية المحتلة ومستقبل القيادة الفلسطينية فيما يدخل حكم الرئيس محمود عباس عامه الـ 18 برام الله. جدير بالذكر أن آخر انتخابات رئاسية فلسطينية تعود ليناير/كانون الثاني 2005 وآخر انتخابات برلمانية ليناير/كانون الثاني 2006.  

الحلقة الأولى..

فرانس24: ما هي الآفاق المتاحة اليوم لأي شاب فلسطيني يبلغ من العمر 20 عاما؟

غيث العمري: اليوم، في غزة أو في الضفة الغربية المحتلة، يبدو الوضع ميؤوسا منه تماما للشباب الفلسطيني. فالآفاق المستقبلية محدودة للغاية بالنسبة للشباب في غزة. فهم ليس لديهم الكثير من الخيارات. إن إمكانية العثور على وظيفة في قطاع غزة تكاد تكون شبه منعدمة؛ فالحصار الإسرائيلي قد دمر الاقتصاد تماما، إضافة بالطبع لممارسات حركة حماس.

وقال، إن أراد شاب فلسطيني القيام بأية أعمال تجارية في قطاع غزة، فهو يجب إما أن يكون عضوا في حماس أو على الأقل مقربا منها. وإذا لم يكن كذلك فهو ليس لديه أية فرصة لتحقيق ذلك، لهذا السبب نرى الكثير من الشباب في غزة يخاطرون بأنفسهم في الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط. ونسمع كل يوم عن غرق شباب فلسطينيين في محاولة الوصول إلى أوروبا. بينما يقرر آخرون حمل السلاح والانضمام إلى جماعات المقاومة.

وتابع، في الضفة الغربية المحتلة أيضا، يبدو الوضع ميؤوسا منه، من المؤكد أن الوضع الاقتصادي هناك أفضل قليلا، لأن المنطقة أكثر انفتاحا على الأسواق الإسرائيلية والأردنية، ولكن الآفاق تظل محدودة، إن الاحتلال الإسرائيلي يحد من التنمية الاقتصادية، في حين أن الفساد السائد داخل السلطة الفلسطينية يولد أيضا نقصا في الفرص لجيل الشباب.

وأضاف العمري، فليس الاقتصاد وحده هو الذي دمر في هاتين المنطقتين، بل الحياة السياسية أيضا تكاد تكون منعدمة جراء غياب النشاط السياسي. ووفقا لاستطلاع رأي اطلعت عليه مؤخرا، يعتقد 50 بالمئة من سكان غزة أنهم لا يستطيعون انتقاد حركة حماس بأمان، ويعتقد 50 بالمئة من سكان الضفة الغربية المحتلة أنهم لا يستطيعون كذلك انتقاد السلطة الفلسطينية بأمان.

وتابع، لم تكن الحياة السياسية الفلسطينية ديمقراطية أبدا، لكنها كانت حية ونشطة. فبإمكان الشباب الفلسطيني أن ينضم إلى حركة فتح أو إلى التشكيلات السياسية الأخرى الأصغر حجما، وأن يصبح بذلك ناشطا سياسيا ومهما وناجحا. اليوم، لم يعد كل هذا موجودا، لأن هذا الفضاء السياسي قد أغلق. فهو لا يمكنه انتقاد السلطة الفلسطينية بدون المخاطرة بأن يزج به في السجن.

وأعرب العمري، ينطبق الشيء نفسه على قطاع غزة مع حركة حماس، وهو الأمر الذي يمكن التحقق منه في "همسات من غزة"، لذلك عندما لا تكون لديك فرص ازدهار اقتصادي وتحرم أيضا من الفضاء السياسي، ينتهي بك الأمر حتما إلى اليأس.

- هل لا يزال الجيل الشاب من الفلسطينيين مؤمنا بالسياسة والديمقراطية؟ أنت تتحدث أيضا عن اليأس؛ فما الذي يجب القيام به لمنحهم الأمل مرة أخرى؟

قال العمري، إنه إذا نظرت إلى الجمهور الفلسطيني اليوم بصورة عامة، فإنه لا يولي ثقته لأي شخص. لا يثق الفلسطينيون في نوايا إسرائيل للمضي قدما، وليس لديهم ثقة أكبر في حكامهم لتحسين ظروف حياتهم اليومية.

وأضاف، يأتي ذلك نتيجة لمجموعة من عدة أسباب أهمها: فشل عملية السلام، وفشل وإهمال القادة السياسيين، وإغلاق مجال العمل السياسي، ولا يمكننا فعل الكثير من أجل إحياء عملية السلام اليوم بسبب ما يحدث في إسرائيل، ولكن على الأقل يمكننا فعل الكثير من أجل إصلاح نظام الحكم.

أولا: يجب على المجتمع الدولي أن يبدأ في اتخاذ عدد من الإجراءات مرة أخرى فيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ لأننا لا نستطيع الحديث عن الشؤون الداخلية الفلسطينية بدون الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي. ويجب على المجتمع الدولي أن يضغط، بدعم من شركاء إسرائيل العرب الجدد، على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ تدابير تؤدي بنا إلى الاقتراب من إنهاء الاحتلال. كما يجب أن يتبنى مواقف أكثر حزما عندما يدلي بعض الوزراء الإسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش، الذي لا يعترف حتى بوجود الفلسطينيين، بتصريحات غير مقبولة.

ثانيا: يجب أن نضغط على حلفاء القادة الفلسطينيين، في كل من غزة ورام الله، لإفساح المجال السياسي لأولئك الذين ينتمون للمعارضة. وفيما يتعلق بحماس، يجب أن نتجه بأنظارنا صوب مؤيديها الإقليميين: قطر، الممول الرئيسي لها، وتركيا، الداعم السياسي الأكبر لها. هذان البلدان حساسان للغاية تجاه الضغوط الأوروبية والأمريكية عليهما، لأن الدوحة شريك تجاري مهم للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فيجب على المجتمع الدولي أن يعمل مع حلفائه من العرب، الأردن ومصر.

وأخيرا: يجب أن ننظر إلى الحالة الاقتصادية وأن نحاول التعامل مباشرة مع القطاع الخاص الفلسطيني. يجب أن نوجد مشاريع على الأرض تعود بالنفع على عدد كبير من الفلسطينيين أو مشاريع تستثمر في القطاع الخاص من أجل السماح للأخير بالاستقلال ومقاومة ضغوط الحكام الفاسدين في كثير من الأحيان.

هل لا تزال تخبر الشباب الفلسطيني بأهمية عدم التخلي عن الإيمان بحل الدولتين، دولة فلسطينية تعيش بجوار إسرائيل؟

أجاب العمري، نعم، لأنه ببساطة لا يوجد بديل لهذا الحل. إذا نظرنا إلى طبيعة الصراع وأسسه، يمكننا أن نرى أنه صراع بين حركتين وطنيتين تربطهما صلة قوية جدا بالأرض نفسها، ولديهما أيضا هوية قوية جدا خاصة بهما. لماذا تم إنشاء دولة إسرائيل في المقام الأول؟ لأن الشعب اليهودي يحتاج إلى بلد خاص به، ليس فقط من أجل أمنه، ولكن ليكون أيضا قادرا على التعبير عن هويته بحرية.

وأضاف، إذا نظرت إلى الجانب الفلسطيني، فسترى أنه يريد الشيء نفسه. فهويته الوطنية وعلاقته بهذه الأرض قوية جدا أيضا. هذا هو السبب في أن فكرة دولة واحدة ليست حلا جيدا. فماذا ستكون لغتها الرسمية، العبرية أم العربية؟ هل يحمل علمها الألوان الإسرائيلية أم الفلسطينية؟ لأننا إن جمعنا هاتين الهويتين الوطنيتين معا في دولة واحدة، فإنهما لن تذوبا أو تختفيا.

وتابع العمري، ببساطة، سننتقل من صراع دبلوماسي إلى حرب أهلية. فإذا قمنا بتوحيد الفلسطينيين والإسرائيليين في دولة واحدة، فسيتعين علينا تدمير الهوية الإسرائيلية أو الهوية الفلسطينية، لكن أيا من هذين الحلين ليس أخلاقيا ولا واقعيا. في النهاية، فقط حل الدولتين هو الحل الوحيد المتاح؛ حيث يمكن لكل دولة التعبير عن تطلعاتها وهويتها الوطنية.

وقال، إن التحدي اليوم هو الضمان الدائم بأن تظل إمكانية حل الدولتين قابلة للتطبيق وممكنة للأجيال القادمة، نظرا لأن هذا الحل لا يمكن تحقيقه اليوم بسبب الضعف السياسي للجانب الفلسطيني وتطرف الحكومة الإسرائيلية الحالية. وهذا هو السبب في أن قضية المستوطنات الإسرائيلية تعد أمرا حاسما.

وأردف، أنه ومن الضروري كذلك ضمان بقاء النظام السياسي الفلسطيني سليما. لأنه إذا انهار، فلن يتبقى أحد للتحدث معه على الجانب الفلسطيني. من أجل ذلك فإنه من الضروري إصلاح السلطة الفلسطينية وإحياء الأمل عبر تشجيع المبادرات الاقتصادية المشتركة ومواصلة التعاون الأمني بين الطرفين.

وأكد، أننا في النهاية نعرف أن دولة إسرائيل موجودة لتبقى ولن تزول، تماما كما لن يختفي الفلسطينيون أيضا، لذا فإن الطريقة الوحيدة لحل هذا الصراع هي من خلال الحوار. حتى لو كان ذلك مستحيلا اليوم.

الحلقة الثانية..

ما تقييمك للوضع بالضفة الغربية المحتلة حيث يتمسك محمود عباس بالسلطة منذ 18 عاما؟  

أفاد غيث العمري، يواجه سكان الضفة فراغا سياسيا وأمنيا يدفعهم للابتعاد والانصراف عن حكومتهم وعن مؤسساتهم، والتوجه والتحول نحو فاعلين آخرين.

وتابع، على سبيل المثال، محاكم الضفة الغربية تفتقد للإمكانيات إلى درجة أن الحصول على أي حكم يتطلب عدة سنوات، وفي حال تمكنت من الحصول عليه فتنفيذ ذلك الحكم يستغرق عدة سنوات أخرى. وبالتالي، فإن السكان لم يعودوا يلجأون إلى السطات لحل مشاكلهم ما يساهم في تفكك السلطة وفقدان شرعيتها. 

ففي كل مدينة أو محافظة بالضفة الغربية المحتلة، يسعى الناس لحل مشاكلهم بأنفسهم نظرا لعجز السلطات عن ضمان أمنهم، ما يفسر ظهور مجموعات مسلحة صغيرة هنا وهناك.

وقال العمري، في جنين، مثلا، تسيطر حركة "الجها" على الوضع إلى جانب مجموعات صغيرة. أما في الخليل، إلى الجنوب، يسود نوع من الهدوء بفضل حركة القبائل والعشائر. يجب الفهم، هنا، أن فقدان السلطة الفلسطينية لحكمها وشرعيتها يغذي ويبرز ضعفها السياسي.

وتابع، نعلم بأن ضعف السلطات والحكومة يترتب عليه انهيار النظام بمجرد نشوب أزمة أو حادث. ويخشى كثيرون أن يتسبب رحيل محمود عباس عن السلطة، سواء بسبب سنه المتقدم أو لأسباب سياسية، في فراغ كبير ساهم (عباس) بنفسه في خلقه، وهو سيناريو يجعل من إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية خطرا واقعيا.

أليس هناك قادة من شأنهم خلافة محمود عباس في الحكم؟  

أجاب العمري، لم تكن الحياة السياسية الفلسطينية ديمقراطية على الإطلاق، لكنها كانت نشطة وحية. هذا الأمر لم يعد موجودا لأن ذلك الفضاء السياسي انطفأ، وقد عمل الرئيس عباس ومقربيه على تشويه صورة وسلطة أي قيادي يبرز في الساحة.

وقال، في ظل حكم ياسر عرفات، كان هناك دوما مرشحان أو ثلاث من شأنهم خلافته ومن بينهم محمود عباس، لكن اليوم، لم يعد هناك أي مشرح بارز لخلافة عباس لأن الرئيس عمل على إضعاف كل المرشحين المحتملين.    

وتابع، فقد تم إزاحة كل من كانوا يختلفون معه في الرأي، من بينهم مثلا محمد دحلان الذي اُستبعد عن اللجنة المركزية لحركة "فتح" قبل عشر سنوات، وناصر القدوة، ابن شقيقة عرفات الذي استبعد أيضا.

وأضاف، في الوقت الحالي، هناك عشر شخصيات على الأقل وضعت كرسي الرئاسة نصب عينها لكن لا أحد منها يحظى بالنفوذ السياسي اللازم أو الشعبية الكافية لأجل فرض نفسه على حساب الآخرين.

وأعرب العمري، أنه في غياب مرشحين أقوياء أو شرعيين، هناك خطر أن تسير المنافسة بينهم في الاتجاه السيء. فنحن نعلم بأن هناك عددا هائلا من الأسلحة الخارجة عن السيطرة بالضفة الغربية، وأن بعض المرشحين المحتملين لخلافة عباس شرعوا في جلب داعمين لمعسكرهم، ما يرجح فكرة مسار طويل وعنيف في الوقت ذاته.    

- يمكن القول إن نظرتك إلى حقبة عباس قاسية، بما في ذلك الاستراتيجية الدبلوماسية التي دفعت السلطة الفلسطينية للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.    

قال غيث العمري، لست الوحيد الذي ينظر إلى حصيلته نظرة قاسية، فحسب آخر استطلاعات للرأي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، فإن 80 بالمئة من الفلسطينيين يعتبرون بأن السلطة الفلسطينية فاسدة.

وأضاف، 80 بالمئة منهم يعتقدون بأن محمود عباس يجب أنت يرحل عن السلطة. ويرتبط اسم عباس بعملية السلام إذ أنه كان وراء اتفاقات أوسلو (في سبتمبر/أيلول 1993) وأحد موقعيها، وقد تسبب فشل هذه الاتفاقات في فقدان الشرعية بالنسبة لعباس.

وتابع، عندما فشلت عملية السلام، سارعت السلطة الفلسطينية لحفظ ماء الوجه فلجأت إلى الأمم المتحدة (لانتزاع عضوية فيها)، لكن هذه المقاربة تعاني مشكلين.

المشكل الأول أنها لا يمكن أن تحقق النجاح المرجو منها لأن الدخول كعضو في الأمم المتحدة يستدعي موافقة مجلس الأمن، علما بأن الولايات المتحدة بصفتها عضوا بالمجلس قالت مرارا بأنها لن تسمح أبدا بذلك.

ويجب التذكير هنا بأن السلطة الفلسطينية رفضت تبني موقف توافقي في عام 2011، عندما طالبت بالعضوية. وقد سعت يومها فرنسا، العضو في مجلس الأمن، والأردن، كعضو عربي بالأمم المتحدة، لإقناع الفلسطينيين بتعديل لائحتهم بهدف وضعها على سكة النجاح، إلا أنهم رفضوا ففشلت المبادرة.

المشكل الثاني أن السلطة الفلسطينية، عندما تنجح في الانضمام إلى بعض وكالات الأمم المتحدة، فذلك لا ينعكس على حياة الفلسطينيين، إذ يرى غالبيتهم أن مثل هذه المبادرات لا تعود عليهم بأي فوائد. وتستمر السلطة الفلسطينية في تلك الخطوات لأن ليس لديها ما تفعله، ورغم أن مساعيها لا تثير حفاوة الفلسطينيين وليس لديها وقع بالأراضي الفلسطينية.   

 كنت أحد أقرب المستشارين من عباس محمود، ما الذي دفعك لترك منصبك في 2006؟ 

كنا نعتقد، أنا وكثيرون ممن التحقوا بأبي مازن في الماضي، أنه كان خلال توليه منصب رئيس وزراء ياسر عرفات زعيما ملتزما بالإصلاحات والسلم والدبلوماسية. وظل ملتزما بعد اعتلائه كرسي الرئاسة، في طريق الدبلوماسية والسلم، لكنه لم يكن أبدا إصلاحيا ولا مؤيدا للإصلاحات.

محمود عباس تغاضى أيضا عن الفساد الذي ينخر السلطة الفلسطينية من الداخل. قررت ترك منصبي عندما شاهدت كيف كان يسعى لعرقلة عمل سلام فياض، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وكان فياض إصلاحيا يتمتع بالكفاءة اللازمة لتشكيل حكومة فلسطينية نظيفة وفعالة وقادرا على التأسيس لاقتصاد حقيقي.      

هل برأيك يمكن أن تستفيد حركة حماس من الوضع المتأزم بالضفة الغربية المحتلة؟

قال غيث العمري، إن حماس تقوم بكل ما في وسعها لكي يتفجر الوضع في الضفة الغربية المحتلة وتنهار السلطة الفلسطينية التي تتهمها علنا بالخيانة. فهي تعتبر بأن زوال السلطة الفلسطينية سيجعل من الحركة حتما المحاور الوحيد عن الشعب الفلسطيني لدى المجتمع الدولي ودول المنطقة.

وتابع، بغية الوصول إلى هدفها، تستخدم وسائل شتى، مثل دفع خلاياها النائمة بالضفة الغربية إلى تنفيذ هجمات إرهابية، نعرف ذلك من خلال التقارير اليومية عن تفكيك هذه الخلايا بالضفة.   

وأضاف العمري، تسعى حماس أيضا إلى تقديم الدعم المالي لبعض الجماعات المسلحة مثل "عرين الأسد" في نابلس. وكانت في الماضي لا تمول سوى أعضائها وأنصارها، لكنها اليوم مستعدة لدفع المال لكل من هو مستعد لإطلاق رصاصة، مؤمنة بأن ذلك سيساهم في خلق الفوضى التي من شأنها خدمة مصالحها.

وأردف ، أخيرا، ورغم أنها لا ترغب بحرب في غزة قد تنزف قواتها، إلا أنها مستعدة لإثارة مواجهة مع إسرائيل، لاسيما خلال شهر رمضان، إذا اعتبرت أن ذلك سيكون له انعكاسات على الضفة الغربية المحتلة. فقبل عامين، وخلال رمضان، خاضت حماس حربا ضد إسرائيل متيقنة بأن النزاع سيطال الضفة الغربية ويزعزع استقرارها.

اخر الأخبار