الاكراد في فلسطين

تابعنا على:   10:12 2020-06-19

مأمون هارون رشيد

أمد/ عرفت فلسطين تواجدا للاكراد فيها منذ حوالي 850 عاما , وذلك حين دعى صلاح الدين الايوبي المسلمين للجهاد لاخراج الصليبين من القدس وفلسطين , فقد توافد أعداد من الجند الاكراد الذين التحقوا بجيش صلاح الدين للجهاد في فلسطين , وذلك في عهد الملك الصالح أيوب , جاء معظم هؤلاء الجند من مناطق شمال العراق حاليا , ومن مناطق الشمال الشرقي لسوريا الحالية .

شكلت فلسطين عبر التاريخ قبلة اسلامية للاكراد المسليمين لما تحظى بة من رمزية دينية , فمن القدس اسرى النبي محمد علية الصلاة والسلام , ومنها عرج الى السماء , وهى مهد المسيح , وأرض الانبياء , وتزخر فلسطين بالمعالم الدينية الاسلامية التي تجعلها مقصدا للمسلمين الاكراد , سواء في القدس حيث المسجد الاقصى وقبة الصخرة , و في أمكن أخرى مختلفة من فلسطين كالخليل حيث الحرم الابراهيمي , وغزة حيث قبر جد الرسول صلى الله علية وسلم هاشم بن عبد مناف , و شكلت فلسطين أيضا مقصدا تجاريا للتجار الاكراد في ذلك الوقت , بالاضافة الى أنها الطريق الذي كان يسلكة الحجيج في رحلة العودة من الحج من مكة المكرمة , لزيارة القدس والنزول بها لتقديس حجهم , فبقى الكثير منهم على مر العصور بجوار الاقصى والاماكن المقدسة .

تعتبر مدينة غزة وعبر التاريج هى العاصمة الجنوبية لفلسطين والمدينة الاهم استراتيجيا , فهى المعبر بين اسيا وافريقيا , فقد غزاها الفراعنة في حروبهم مع الشرق لما كانت تشكل لهم أهمية استراتيجية وعسكرية , وتأثرت غزة بكل الحضارات كالرومانية والبيزنطية البابلية والاشورية والفارسية وغيرها من الحضارات , فقد كانت تعتبر هدفا مهما لما تشكلة من اهمية استراتيجة لجيوش تلك الحضارات لفرض سيطرتها وحماية جيوشها , وقد تأثر السكان في غزة وعبر التاريخ بكل تلك الحضارات , فكانت تعتبر من المدن المتقدمة , انتشر فيها التعليم والزراعة والبناء والصناعات كالنسيج والفخار , وكانت مقصدا للتجاروالتجارة , حتى أن هاشم بن عبد مناف توفى فيها في احدى رحلاتة التجارية الى بلاد الشام فيما عرف فيما الاسلام برحلة الشتاء والصيف حيث دفن فيها , لذلك سميت غزة هاشم تيمننا بجد الرسول علية الصلاة والسلام .

استقر جزء من الاكراد الذين جاءوا فلسطين مع صلاح الدين في غزة , فقد عرف عبر التاريخ أن من يحكم القدس وغزة يحكم فلسطين , فعمل صلاح الدين على انزال رجالة في غزة ليشدد من قبضتة وسيطرتة على فلسطين , نزل الاكراد في منطقة شرق مدينة غزة , سميت فيما بعد بالشجاعية , نسبة الى القائد الكردي ( شجاع الدين عثمان الكردي ) , الذي استشهد في احدى المعارك مع الصليبين عام 637 هجري عام 1239 ميلادي حيث انتصر المسلمون في تلك المعركة , وتعتبر الشجاعية الان من أكبر احياء غزة وأقدمها وتقسم الى قسمين اجديدة والتركمان .

عاشت العائلات الكرية في غزة في حارة سميت حارة الاكراد نسبة لهم , و تعرف اليوم بحارة بغداد في حى الشجاعية , ويوجد في المنطقة بعض الاثار والمعالم الكردية التي تشهد على الوجود الكردي في غزة , ومنها قصر حتحت الذي تم تشيدة في القرن الثاني عشر الهجري في عهد الدولة العثمانية , ويوجد الى جانب القصر مسجد السيدة رقية , وجامع ابن عثمان الاتريان ( وحتحت هى عائلة كردية جاءت الى غزة وعمل رجالها في التجارة وصناعة النسيج , وكانوا ذوي نفوذ كبير , حتى أن جدهم الاول تزوجت من شقيقة السلطان العثماني , ولازالت هذة العائلة موجودة حتى الان ) , وقد أطلق أهل غزة اسم صلاح الدين علي اكبر شارع في قطاع غزة والذي يصل جنوب القطاع بشمالة , من رفح على الحدود المصرية حتى شمال القطاع , ويقطع الشارع قطاع غزة الى نصفين شرقا وغربا , وذلك تيمنا بالقائد صلاح الدين .

فالاكراد اذن جاءوا الى فلسطين أما جنودا مع صلاح الدين , واما بهدف التجارة والعمل , أوالالتحاق بالوظائف الحكومية وخاصة في حقبة الدولة العثمانية , كانت فلسطين مزدهرة في تلك الحقبة من عهد الحكم العثماني , وذلك بحكم موقعها الاستراتيجي الذي ساعد على هذة النهضة , وكذلك بحكم اختلاطها بالحضارات غربا باتجاة اوروبا وشرقا باتجاة اسيا وجنوبا باتجاة مصر على مدار الازمنة كما أسلفنا .

بنى التجار الاكراد البيوت , وأقاموا المحلات التجارية في حى الشجاعية في غزة في عهد الدولة العثمانية , حيث قدر عد بيوتهم أنذاك بحوالى 200 بيت , وقد وصل عدد منهم الى مناصب هامة في سلك الدولة العثمانية .

ومن العائلات الكردية التي سكنت غزة والتي لازالت متواجدة , عائلة الكرد والكردي والايوبي والظاظا وحتحت , تعايش الاكراد والفلسطينيون في غزة , وسادت ولازالت علاقات التسامح والتحابب بينهم , بل أن الاكراد قد انصهروا في المجتمع الفلسطيني , فلم تعد تفرق بين الكردي والفلسطيني , وقد خاضوا مع الفلسطينين المعارك ضد الاحتلال , وعانوا ولازالوا ويلات الحروب وظلم الاحتلال جنبا الى جنب مع الفلسطينين .

ارتبطت منظمة التحرير الفلسطينة خلال مرحلة نضالها في الخارج وقبل العودة الى فلسطين , ارتبطت بعلاقات طيبة مع القوى الثورية الكردية , التي قاتل العديد من عناصرها في صفوف الثورة الفلسطينية , و في العام 1999 افتتح في رام الله برعاية الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات , افتتح مكتب للحركة الكردية في فلسطين , حيث بادر الرئيس عرفات حينة الى رعاية المؤتمر التأسيسي لجمعية الصداقة الفلسطينية الكردية , وهى أول جمعية صداقة كردية عربية تبعها ذلك اقامة أول جمعية صداقة كردية عربية في أربيل في العراق .

كلمات دلالية

اخر الأخبار