ذكرى رحيل الفنان عبد الله حداد فنان الثورة ( 1938م – 1994م )

تابعنا على:   14:44 2020-02-09

لواء ركن / عرابي كلوب

أمد/ الفنان الكبير / عبد الله حداد حمل هموم الفن والتراث الفلسطيني على عاتقة وصال وجال في اصقاع الارض مع مجموعات متعددة من ابناء شهداء فلسطين ، الذين غنوا للوطن والشهداء والثورة والعودة ايام الزمن الجميل ، من كلمات وابداعاته الذي الف ولحن واخرج القديم باصالته وعراقته ، مازجا اياه مع حاضرنا ، ليبدع في اخراج لوحات غنائية جميلة مع رقصات شعبية ، اكدت على عمق الارتباط بالوطن وعلى الاستمرارية للاجيال القادمة .
عبد الله حداد من مواليد مدينة حيفا عام 1938م ، عاش وتربي وترعرع منذ طفولته فيها ، هاجر مع اهل ابية وهو في سن العاشرة من العمر اثر النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني ، تاركا وراءه امه التي لم يشأ القدر ان يجتمع معها .
ترك عبد الله حداد مهد طفولته وعاش في الشتات ، ترك حيفا متجها نحو سوريا ومنها الى لبنان ، بعد أن انهى دراسته كانت انطلاقته الفنية ، فبدأ العمل في كتابة البرامج الفنية للاذاعة اللبنانية ، متنقلا بين التأليف والاعداد والتلحين والكتابة المسرحية واللحن والاغنية التي كانت تعبر عن نبض الشارع الفلسطيني ، شارك في العديد من المسلسلات والافلام .
ركز الفنان / عبد الله حداد منذ الستينات والسبعينات من القرن الماضي على القضية الفلسطينية والانتماء الوطني ، وعمل في مسيرته على تجديد التراث الفلسطيني ، حيث كان يأخذ الموسيقى التراثية الفلسطينية ويضيف اليها كلماته كأغنية ( والله شفتك يا علمي ) والتي ادخلها ايضا في عمله ( العرس الفلسطيني ) والتي لاقت صدى كبير في ذلك الوقت ، ومازالت حاضره حتى يومنا هذا ، اضاف الى تناولة الفلكلوري العربي الشرقي بتفاصيلة متنقلا به بين اكثر من دولة حرصا منه على تقديم العمل الشامل الذي يخاطب الجميع ، ايمانا منه بان الفن لغة يفهمها الجميع ، ومن كتاباته ايضا ( انا عربي اصيل والقهوة والميزانية ولابنيلك ، ولعبة ، يا مهرتي ) اضافة الى تأديته لدور في مسليل كرتوني .
في بداية السبعينات من القرن الماضي اسس فرقة مدار الشعبية للفنون في لبنان ، التي قدمت عرضها مباشرة ، كما درس الاطفال في مدارس ( اسعاد الطفولة والصمود ) والتي تعني باطفال الشهداء والايتام ، حيث درسهم الموسيقى بالمشاركة مع فنانين اخرين وموزعين موسيقيين متخصصين .
كان الفنان / عبد الله حداد مسؤولا عن ( الكلمة واللحن ) حيث كانت الفرق التي خرجت من المدارس تسافر وتجول العديد من الدول العربية والامريكية والاوروبية ، لعرض الفلكلور والفن الفلسطيني بوجه حضاري بالكلمة والموسيقى ، ونالت هذه الفرق قبولا ونجاحا كبيرا في ذلك الوقت ، وتم تأسيس فرقة زهرة المدائن فيما بعد وهي فرقة تابعة ل ( م.ت.ف ) واعضاء الفرقة كانوا من اطفال مدرسة اسعاد الطفولة الذين اصبحوا شبابا فيما بعد ، اصروا على الاستمرار في الفرقة لتقديم الفن الفلسطيني للعالم .
لقب عبد الله حداد بفنان الثورة الفلسطينية ، ومنحته المانيا في احدى جولاته الفنية مع الاطفال لقب ( المربي الفاضل ) ، لما لاحظوه من حب الاطفال له اضافة الى ما تم تقديم من تنسيق وتدريب في اعماله .
لطالما راوده حلم العودة الى وطنه فلسطين ، فهي قضيته الاولى والاخيرة ، وهذا بدا واضحا في اغانية واشعاره فهي مليئة بالحنين للوطن وتطالب بالعودة .
غادر الفنان / عبد الله حداد بلاد المنافي التي ارتحل اليها بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان عام 1982م اثر الاجتياح الاسرائيلي له الى عدن حيث شارك في احتفالات اعياد الثورة التي اقيمت في عدن ومن ثم الى تونس ، وبعد سنين لجأ الى منفى آخر الدنمارك مع زوجته وبناته الاربعة ، حاملا قضيته في قلبة ، وحاملا مشوارة الطويل مع الكفاح رافضا الذل والاهانات ، لقد كانت الغربة له غولا احاط به وباحلامه تجاه قضيته ، انما كان ايمانه بالله وبالقدر المحتوم وبانه في هذه البلاد سوف يكون مطمئنا على بناته الاربعة كان هذا هو العامل الايجابي في غربته .
هذا وقد عرضت عليه الدولة الدنماركية ان يقوم بالتعليم في معهد الموسيقى وان ينشأ فرقة ويتم دعمها بكل الوسائل المتاحة لديهم لما وجدوه من امكانيات كبيرة في التلحين والكتابة وتدريب الاطفال في هذا المجال ، لكن حالته الصحية حالت دون تشكيل فرقة دنماركية فلسطينية قادرة على احياء التراث الفلسطيني ، حيث مرض بالقلب مما سبب له معاناة كبيرة في مراحل متقدمة ، نصحة الاطباء بعدم ممارسة الغناء على المسرح ، لكن الموسيقى بقيت تمده بالقوة للبقاء .
رحل الفنان / عبد الله حداد بتاريخ 9/2/1994م في مدينة اوغوس الدنماركية بعد ان اعتلت صحته وتم مواراة الثرى هناك .
رحل تاركا لنا ارثا فنيا كبيرا خلال مسيرته النضالية .
عبد الله حداد الفنان والملحن الكاتب ، يا من اعطيت بلا حدود ، وتفتق ذهنك عن عبقريات سخرتها لفلسطين حالما بالعودة الى مسقط رأسك مدينة حيفا ، وها انت تموت وتدفن بعيدا عنها في الدنمارك بمدينة اوغوس .

رحم الله فنان الثورة / عبد الله حداد واسكنه فسيح جناته . .

اخر الأخبار