"نتنياهو" 2014
تاريخ النشر : 2013-12-31 16:29

"بنيامين نتنياهو" يودع عام 2013 بفرحة؛ ليستقبل عام 2014 بفرحة أكبر. "نتنياهو" سينتعش أكثر، ويشعر بالغبطة والسرور، والفرحة الغامرة؛ وهو يرى سوريا على حدوده الشمالية تتدمر، وجيشها يستنزف؛ وعلى الحدود الجنوبية يرى جيش مصر يضعف أكثر فأكثر، عبر دخوله معارك سياسية داخلية معقدة.

"نتنياهو" فرح ومسرور بالوضع العربي والفلسطيني؛ فعام 2014 هو عام بقاء الانقسامات والحروب الداخلية العربية- العربية؛ وهو ما يعني بكل بساطة إفساح المجال له للعب في الميدان لوحده، كيفما شاء.

عام 2014 بالنسبة ل"نتنياهو" سيكون عام السخرية من المجتمع الدولي، والقوانين الدولية، وسيضرب بها عرض الحائط ساخرا مستهزئا بها، وسيكون عام السخرية أيضا من 300 مليون هم شعوب ودول العالم العربي.

على المستوى الداخلي؛ سيواصل "نتنياهو" عام 2014 تحصين جبهته الداخلية، وسيواصل التهام وسرقة أراضي القدس المحتلة والضفة الغربية، وسيسن المزيد من القوانين الجائرة بحق الفلسطينيين، وسيفرض المزيد من الوقائع على الأرض بقوة السلاح.

"نتنياهو" يعلم علم اليقين أن العالم لا يحترم الضعفاء؛ بل الأقوياء؛ وان علاقات الدول فيما بينها تقوم عبر موازين القوى والمصالح، لا موازين الحقوق والعدالة؛ ومن هنا هو يدرك انه سيبقى عام 2014 قويا بالدعم الأمريكي والغربي اللامحدود، وسيبقى يهدد ويتوعد من يريد من العرب والفلسطينيين.

سيبقى "نتنياهو" – كما عهدناه - يراوغ ويماطل، ولن يقدم شيئا للفلسطينيين الضعفاء بحسب تقديراته وتقييماته؛ فهو لا يوجد شيء عنده ليقدمه بالمجان دون مقابل، ولن يتوقف عن البطش والتنكيل بالشعب الفلسطيني؛ من اعتقالات، واقتحامات، ومصادرات، وتجريف أراضي المزارعين، وقتل وجرح وسجن من يريد...

لا نستبعد على "نتنياهو" عام 2014 أن يشن حربا على لبنان، أو حتى يكرر غاراته على سوريا، ففائض القوة لديه؛ عدا  عن عنجهيته وغروره وكبرياؤه الذي  هو بلا حدود؛ يدفعه للتهور أكثر فأكثر، مستغلا ضعف الحالة العربية والفلسطينية، والاكتفاء عقب كل عدوان من قبل العرب بالشجب والاستنكار؛ وهو ما يسعده كالعادة.

الحروب تعتبر بمثابة الروح لجسد "نتنياهو". دولة الاحتلال القائمة على القوة والردع كما يقول كتابها ومفكروها، لن تسكت على تعاظم قوة حماس في غزة، ومن المتوقع أن يشن "نتنياهو" حربا على غزة؛ ولكن يبقى السؤال عن الثمن الذي لا يتوقعه "نتنياهو" من هكذا مغامرة.

سيزور "كيري" المنطقة مرة تلو أخرى، ويضغط على الطرف الفلسطيني الضعيف، وسيقول ل"نتنياهو" كلام لينا، وسيتمنع "نتنياهو"، ومن ثم يوافق ما دام الأمر لا يتعدى تقديم تنازلات وتسهيلات شكلية.

قراءة ما هو متوقع من "نتنياهو" عام  2014، ومن بينها إفشاله للمفاوضات، على شاكلة ضم الأغوار، ورفضه إرجاع الحقوق لأصحابها؛ تحتم على القوى الفلسطينية إعادة النظر في خططها وبرامجها؛ والبحث عن أوراق القوة وتفعيلها من جديد؛ التي يمكن من خلالها الضغط على "نتنياهو" وإخضاعه؛ وهي أوراق قوة كثيرة وحقيقية، وقادرة على إخضاع "نتنياهو" المتعجرف.

بكل بساطة؛ احتلال مريح ومربح أكثر؛ هو ما يخطط له "نتنياهو" عام 2014. قلب المعادلة؛ بجعل الاحتلال أكثر كلفة وخسارة ل"نتنياهو"؛ سيدفعه، ويجعله يفكر بشكل جدي وحقيقي بترك الضفة الغربية، كما ترك غزة وجنوب لبنان؛ وهذا يتطلب اتفاق القوى الفلسطينية على مقاومة من نوع جديد؛ تجعل ثمن الاحتلال باهظا؛ ويا ليت قادة القوى تتفق عام 2014، وتجيد قيادة سفينة التحرير، وسط الأعاصير والأمواج العاتية، نحو بر الأمان، وكنس الاحتلال إلى مزابل التاريخ!