قراءة في الصحف العربية الثلاثاء 31-12-2013
تاريخ النشر : 2013-12-31 12:13

"الحياة"

يبدو أن تجربة حكم الإسلاميين وصلت إلى أقصاها مع النموذج التركي الذي أريد له أن يكون الصورة المثلى لكيفية تكيف حزب أيديولوجي مع آليات الحكم الديموقراطي. لقد استفاد حزب "العدالة والتنمية" إلى أقصى الحدود من ظاهرة تشهدها كل النظم الديموقراطية، وهي أن السلطة تستهلك الحزب الحاكم وتفسده. وقد أدرك زعيم الحزب رجب طيب أردوغان باكراً هذه الظاهرة عندما كان رئيساً لبلدية إسطنبول، فاعتمد الشفافية والشعبوية من أجل اكتساح القاعدة الانتخابية للأحزاب التقليدية الأتاتوركية. كما أنه أدرك أن الموقع الخاص للمؤسسة العسكرية في الدستور استهلك هو أيضاً عبر الانقلابات العسكرية وحملات القمع والاضطهاد التي استهدفت أساساً التيارين الإسلامي واليساري.

ومنذ وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى الحكم في 2002، اعتبر أردوغان أن التأييد الشعبي الواسع الذي حاز عليه عبر صناديق الاقتراع يحميه من التآكل في السلطة. كما اعتبر أن الغطاء الإسلامي تحصين إضافي من هكذا تآكل. وراهن الزعيم الإسلامي التركي على إنهاك المؤسسة العسكرية التي كانت وحدها تشكل خطراً على حكمه، بفعل الموقع الذي تحتله دستورياً. لقد أنهكها عبر سياسة مزدوجة، تركيب ملفات جنائية لكبار الضباط، عبر اختراق كبير لجهازي الشرطة والقضاء، وعبر إظهار أن احتمالات التدخل العسكري وممارساته القمعية، كما حصل بعد انقلاب الجنرال ايفرين، تشكل مانعاً قوياً من التقارب التركي مع أوروبا وتالياً إضعاف ملف عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي.

"القدس"

واصلت تقارير الأنباء الإشارة إلى أن العقبات الرئيسة أمام أي اتفاق خلال الجولة الحالية من المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية هي الرفض الفلسطيني الذي يمكن تفهمه لقبول المطلب الاسرائيلي بأن تعترف فلسطين صراحة بإسرائيل "كدولة يهودية"، وهو مأزق قانوني وفكري غريب من الواضح أن الهدف منه هو جعل أي اتفاق مستحيلا، بينما يعزز في الوقت نفسه حملة العلاقات العامة الاسرائيلية الفاشلة لتحميل الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال المسؤولية عن نجاح اسرائيل في تفشيل المفاوضات.

قبول الفلسطينيين لهذا الطلب الاسرائيلي قد يمثل الخضوع الفلسطيني الظاهر لوضع من الدرجة الثانية للمواطنين الفلسطينيين في اسرائيل، وتمييع حقوق ملايين من اللاجئين الفلسطينيين، بالإضافة لقبول فلسطيني ضمني لتطهير فلسطين عرقيا وتبرير ذلك أخلاقيا.، وهذا بالتالي سيقتضي الاعتراف بأن الفلسطينيين أقل من مستوى البشر، وليسوا مؤهلين للحقوق الإنسانية الأساسية.

ولا يمكن لأي قيادة فلسطينية أن تقبل هذا الطلب وتستمر في البقاء. وهذا هو السبب في تقديم اسرائيل لهذا الطلب.

وبينما لا يتوقع سوى عدد قليل من الناس أن تسفر الجولة الحالية من المفاوضات عن أي نتيجة (وهي المفاوضات التي تقول وسائل الإعلام الاسرائيلية أن بنيامين نتنياهو يريد تمديدها عاما آخر بعد انتهاء موعدها النهائي أواخر نيسان، ليتمكن من قتل الوقت بينما يواصل بناء المستوطنات) فإن دولة فلسطين تستطيع ويجب أن تقوم بعمل بناء الآن لتجريد "الدولة اليهودية" من معناها، وهو المعنى الذي يبدو أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يعتبره أفضل أمل له لتحويل اللوم، على الأقل من وجهة النظر الغربية، إلى الفلسطينيين.

 

"الخليج"

اليمن مثلها مثل غيرها مازالت تتخبط بدمها، لم تعرف بعد طريقها إلى الخلاص، والخروج من دوامة العنف منذ الحراك الشعبي السلمي في العام 2011 الذي يسجل لها بعدم تحوله إلى العنف .

ورغم أن هذا الحراك أدى إلى سقوط النظام السابق، وحلول نظام آخر بديل حاول فتح الطريق للوصول إلى نظام ديمقراطي تعددي من خلال المؤتمر الوطني للحوار من أجل صياغة نظام يضع حداً للانقسام الحاصل بين شمال اليمن وجنوبه، ويرفع عن المناطق اليمنية كافة الحيف والفقر وانعدام التنمية من خلال خطة إنقاذية تستطيع توزيع الدخل بالعدل والتساوي وتضع حداً للفساد، إلا أن الجهود لم تتكلل بالنجاح المطلوب حتى الآن .

فالصيغة الفيدرالية التي أعلن الاتفاق عليها لم ترض كل الأطراف، كما أن قوى جنوبية مازالت على مواقفها المتعنتة الرافضة لأي شكل من أشكال الوحدة من خلال إصرارها على الانفصال، كذلك فإن الإرهاب لايزال يشكل تهديداً خطيراً لليمن، من خلال عمليات التخريب والاغتيال ومهاجمة المؤسسات المدنية والعسكرية، إضافة إلى عمليات التفجير التي تطال المدنيين بشكل أساسي .

ثمة من يعتقد أن دوامة العنف والإرهاب والصراعات السياسية، وعرقلة عملية الحوار ونتائجها، لن تتوقف مادامت هناك قوى خارجية لها أصابع تعمل في الداخل، وتجد أرضية تساعدها في تنفيذ أهدافها من خلال أدوات محلية تشكل جزءاً من النسيج الوطني، اليمني، وهو أمر ينطبق على اليمن كما على غيره من الدول العربية التي تحولت إلى مسرح للصراعات الإقليمية والدولية، وتدفع شعوبها الثمن غالياً .

المشهد اليمني لايزال سوداوياً، رغم كل الجهود التي تبذل، لأن هناك من لايزال يصبّ الزيت على النار سراً وعلانية، ولأن القوى الظلامية التكفيرية تواصل نهجها العنفي التدميري تنفيذاً لمآرب ومخططات تلتقي بشكل مباشر مع كل القوى المعادية للأمة العربية، وفي مقدمتها العدو الصهيوني .

اليمن مثل غيرها من دول عربية تغرق في دوامة الدم، بحاجة إلى وعي عربي رسمي وشعبي يدرك مدى الخطر الذي يحيق بالأمة، وإلى استنهاض روحها وإطلاق خطة مواجهة إنقاذية شاملة .