مصـر وتـركيا ... هلْ سَتكونُ النّتيجة واحدةً؟!
تاريخ النشر : 2013-12-31 10:18

إن صحَّ ما سمعناه أنا وعدد من الزملاء، أمس الأول من أحد الإعلاميين البارزين في تركيا، حول الوضع هناك، وارتباك حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، فإننا مقبلون على حالة شبيهة بالحالة المصرية، فقد كان الرجل ذا نظرة سوداوية إلى الحاضر والمستقبل، حين تحدث عن الغرور الذي أصاب أردوغان، وأصبح الحاكم الوحيد الآمر والنّاهي في الشأن التركي، وأنّ التذمر تعدى خصومه إلى الدائرة الضيّقة المحيطة في حزبه، وأنّ الحزب يشهد استقالات عديدة احتجاجاً على سياسات أردوغان، الذي تحوّل كما وصفه هذا الإعلامي إلى ديكتاتور، سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية، ومحاربته للحريات الإعلامية بشكل كبير، حيث ضاق صدره بأيّ انتقاد، على حدِّ قول الرجل. وأنّ الشارع التركي بدأ يراجع حساباته، باتجاه رفع الدعم عن الحزب، نتيجة تخبطات أردوغان الكثيرة، والتي لم تعد تُحتمل!!! وأنّ الشّعب سيقول كلمته في الانتخابات المقبلة، وستكون مدوية وفاجعة بالنسبة لأردوغان.
  هذا ملخص ما جاء به هذا الإعلامي التركي، بدورنا نقول، إن أردوغان بسياسته الداخلية، استطاع أن يمحو سجلاً كبيراً من التضييق على الحريات في تركيا، كما أنه من الطبيعي أن يواجَه بخصوم عناد، وخصوصاً أنه نجح بالتهيئة لحياة كريمة للمواطن التركي، من حيث التنمية والبطالة وارتفاع دخل الفرد، وأنعش الاقتصاد التركي حتى أصبح من الاقتصاديات العملاقة في المنطقة، أو ربما في العالم. وهذه المعادلة من الطبيعي أن لا تُعجب أركان الدولة العميقة في تركيا، الذين ظلوا مسيطرين على الحكم في تركيا عقوداً طويلة، وينقلونها من فشل إلى فشل.
  أمّا من الناحية السياسية، فيجب من منظور بعض القوى الإقليمية والدولية، أن يُعاقب أردوغان لأنه حاول أن تكون تركيا قوة إقليمية، تُعيد التوازن للشرق الأوسط، سواء بمواجهة إسرائيل، أو بمواجهة إيران الشيعية، حيث حاول أيضا أن تكون تركيا دولة سنية قوية توازن قوة الدولة الإيرانية الشيعية، وهذا ربما لم يُعجب بعض القوى الدولية، التي ترى في المذهب الشيعي  بقيادة إيران ممراً لكل الحلول في المنطقة، فكان من الواجب أن تُوضع العراقيل في مسيرة الرجل، الذي أظهر صلابة قوية في مواجهة خصومه.
  لا نُدافع عن أردوغان، ربما له أخطاؤه في الداخل والخارج وهذا طبيعي في اللعبة السياسية، يصيب السياسي ويخطئ خصوصاً في منطقة عاصفة كمنطقتنا، ولكنّ التجربة التركية في عهده ماثلة للجميع على كل المستويات الإقليمية والدولية، وكما قلنا استطاع أن يُعيد الهيبة للدولة التركية، اقتصادياً وسياسياً، وأحداث باخرة مرمرة ليست ببعيدة عنا، الحادثة التي يعتبرها الشارع العربي والإسلامي، نقطة مضيئة في تاريخ تركيا،
بينما يعتبرها خصومه أنها مراهقة سياسية لم تكن واجبة.
  من الواضح تماماً أننا في بداية مشوار، ربما يكون طويلاً وصعباً،
في محاولة كسر حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة أردوغان، لأنّ التجربة من وجهة نظر أركان الدولة العميقة من العلمانيين في الداخل التركي، والكثيرين في المنطقة والعالم، تجاوزت حدودها وباتت مزعجة لهم، ولا بدّ من عرقلتها وإفشالها، وهنا يكون الرّهان على صلابة الحزب وقيادته، وحنكته السياسية، والرّهان الأكبر يكون، كيف يحافظ الحزب على رصيده في الشارع التركي أولاً وأخيراً؟ لأنه هو الذي سيحسم المعركة بين أردوغان وخصومه، لنراقب ونرَ النتيجة!! هل ستكون نهاية تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، مماثلة لحزب الحرية والعدالة المصري؟ أم أنّ الأول سيكون أقوى عوداً وأصلب مراساً وأعمق تجربةً فينفذ من كيد خصومه؟!

عن الدستور الاردنية