دحلان يتقدم بعناصر لـ"خريطة طريق مستقبلية" تضع حدا للانقسام وتخرج من "مازق التفاوض"
تاريخ النشر : 2013-12-31 08:06

أمد/ اعلن النائب محمد دحلان عن تقدمه بخطوات يراها ضرورية للتقدم نحو المستقبل وانهاء الانقسام الفلسطيني وقطع الطريق على اقتناص القرار الوطني من خلال مسار تفاوضي خطر، وتوجه دحلان للرئيس عباس وحركة فتح وفصائل العمل الوطني بتلك الرؤية في ذكرى انطلاقة حركة فتح والثورة المعاصرة من خلال كلمة وجهها الى ابناء الحركة والشعب الفلسطيني  وجاء فيها:
        أخواتي واخوتي في ارض المجد والصمود  في فلسطيننا العزيزة الغالية ، وفي كل أماكن الشتات واللجوء والمنفى  

        في ذكرى انطلاقة حركتنا العملاقة الرائدة ' فتح ' ، ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة واول الرصاص واول الحجارة ، أتوجه اولا بتحية إكبار ووفاء لشهداء حركتنا الأبية الوفية للعهد والقسم ، من اصغر شبل قدم حياته ثمنا لحرية شعبه ، الى زعيمنا المؤسس الشهيد الخالد أبدا ' ابو عمار ' "ابو الوطنية الفلسطينية المعاصرة"، والى رفاق دربه ومسيرته العظام الذين عبدوا طريق المجد و الاستقلال بدمائهم و أرواحهم الطاهرة ، الى ' ابو جهاد ' رمز البناء الثوري و الانتفاضة ، و الى ' ابو أياد ' رمز الفكر و العمق السياسي ، والى سائر رموزنا الأبطال ابو علي أياد و كمال عدوان و ابو يوسف النجار وابو صبري، الى ماجد ابو شرار و ابو الهول و ابو المنذر ، الى خالد الحسن وهاني الحسن و صخر ابو نزار ، و الى معلم الأجيال ابو علي شاهين .

        و اسمحوا لي ايضاً ان أتوجه بتحية مجد و إجلال لأولئك الأبطال من قادتنا الميدانيين الذين سقطوا شهداء  في مواجهة الاحتلال و انتفاضات شعبنا المتواصلة ، و اولئك الأبطال المدافعين عن عزة ' فتح ' و كرامتها في قطاعنا الصامد ، قطاع غزة ، فليس من ' فتح ' ، و لا ' فتح ' منه في شيء كل من ينسى اولئك  الأبطال الذين تصدوا برجولة و شهامة لحرب تصفية فتح و استعباد أهل القطاع .        

        أخواتي و اخوتي    

        حركة فتح لم يكن لها ان تصل الى هذه المكانة من القوة و القيادة و الانتشار ، دون تلك التضحيات الجسام التي خلدها من سقطوا تحت علم فلسطين وراية فتح العملاقة ودون ذلك العطاء الذي يشكل فخرا لكل بني الانسانية ما سطره أبطالنا الأسرى ، القابعون منهم في زنازين المحتل ، او اولئك الأبطال المحررون ، و لولا صمودهم و عنادهم الوطني ، لولا عزيمتهم المنقطعة النظير على تحويل الزنازين الى مدارس للوطنية و الآباء و الشرف ، لما كانت هناك فتح ، و ما كانت هناك قضية او وطن ، والى اخوتي أسرى فتح ، بل كل أسرى الوطنية الفلسطينية ، أتوجه في هذه المناسبة الخالدة لهم بالشكر و العرفان و الاحترام ، و أقول لهم ان كانت البشرية كلها أظهرت ذلك الفخر و الاعتزاز بالزعيم العالمي نيلسون مانديلا ، فان بينكم العشرات و المئات من ذلك النموذج البطولي الفذ و الفريد ، و أتوجه بالخصوص الى اخي و رفيقي مروان البرغوثي بتحية وعهد وفاء على قسمنا المشترك ان لا هدوء ولا سكينة و لا استقرار قبل ان نحرر وطننا ونقيم دولتنا المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية ان شاء الله .

        أخواتي واخوتي        

        تحل الذكرى  ال49 لانطلاقة فتح وسط اجواء من الغموض السياسي و الانقسام الوطني ، و في ظل اشرس حملة استيطانية إسرائيلية لم نشهد لها مثيلا من قبل، متوازية مع حركة تهويد للقدس والمقدسات، ومترافقة مع أحلك ظروف اقتصادية و معيشية تحيط بشعبنا الصامد من كل الجهات ، مهددة بتقويض قضيته الوطنية من جهة ، و بتقويض ابسط حقوق و مقومات العيش الكريم من جهة اخرى ، بل لعل الاولى تفسر الثانية ، فمن اجل إقصاء الشعب عن المشاركة الفاعلة في إدارة قضيته ، و المراقبة و المحاسبة على حقوقه الوطنية العادلة ، هناك من يحاول أشغال الشعب بنوع اخر من الحقوق و المتطلبات ، بافتعال أزمات حياتية يومية ، تبدأ من الماء و الطعام و الكهرباء ، مرورا بحق العمل و الراتب ، انتهاء بيوميات استمرار الانقسام الوطني غير المسبوق،  و الخلاف الداخلي الأطول في تاريخنا الحديث ، لكني أقول لمن لا يدري ، و لمن لا يريد ان يتعلم ، بان البطالة و الجوع و الظلام و القهر السياسي و الاجتماعي ، كلها عناصر و أدوات لن تنزع فلسطين منا ، بقدر ما هي علامات لانهيار القديم و ولادة عصر جديد ، عصر يقرر فيه الشعب مسار الأحداث وطنيا و إقليميا ، ليثبت كما اثبت الشعب المصري البطل الأبي في ثورة  25 يناير وما حققه بثورته العظيمة في 30 يونيو بان الشعب هو القائد ، و الشعب هو المعلم ، و شعبنا هو اعظم و اكبر من كل قياداته السابقة و الحالية و القادمة كما اعتاد زعيمنا العظيم ابو عمار ان يقول دوما .

        أخواتي و اخوتي

        ليس بيننا من يرفض طريق المفاوضات السياسية لمجرد الرفض ، لكننا ايضاً لم نقبل ولن نقبل يوما منطق التفاوض من اجل التفاوض ، لان ذلك يعني قبول استبدال الهدف بالوسيلة ، و من متابعة يومية دقيقة أقول لكم ان الموقف التفاوضي الفلسطيني يفتقد الى عناصر قوته الحيوية ، من وحدة وطنية متماسكة و التفاف شعبي و عمق عربي و دولي ، الى جانب الغياب الملفت لباقي أطراف المجتمع الدولي ، و ترك الرسن بيد الولايات المتحدة الامريكية وحدها ، و اخشى في هذه اللحظات العصيبة ان يكون البعض منا يقف على أبواب رهانات وهمية بإمكانية التوصل عبر المسرب التفاوضي الحالي الى حل عادل يؤمن قيام دولتنا الفلسطينية المنشودة على حدود الرابع من حزيران  1967 و بعاصمتها القدس الشرقية و إيجاد حل مشرف لقضية اللاجئين وفقا للقوانين و القرارات الدولية

        و أقول لكم بكل صراحة ، بان ما لدي من معلومات مدققة ، لا تشير الى ذلك الاتجاه ، و لا تبشر بخير ، و لا تفصح عن نوايا إسرائيلية أمريكية جدية في تعاطيها مع أدنى متطلبات الحل العادل ، وقد يسال البعض ما العمل إذن ، و ما هو البديل ، و هل هنالك طريق اخر ؟

        بكل موضوعية و اخلاص أقول لكم اخوتي و أخواتي ، ان لم يكن هناك طريق او بديل اخر ، فذلك لن يكون معناه القبول بنحر القضية الوطنية و تدمير مستقبل الشعب ، و لكني ايضاً أقول لكم ، نعم و الف نعم هنالك اكثر من طريق اخر ، و هنالك اكثر من بديل اخر ، فنحن شعب لم نولد على طاولة المفاوضات لنموت حولها ، بل نحن شعب ولد ت ثورته من رحم المعجزة ليحقق المستحيل .        

        أخواتي و اخوتي        

        الخيارات أمامنا واضحة وضوح الشمس ، و ليس بينها الاستنكاف عن الوسائل السياسية المتعددة ، و لا بينها مقاطعة المفاوضات لمجرد العبث و المناكفة ، لذلك أدعو بكل حرص و اخلاص الأخ ابو مازن و الأخوة و الزملاء في اللجنة المركزية لحركة فتح ، كما أدعو كل قادة و هيئات وشخصيات العمل الوطني الفلسطيني الى وضع خارطة طريق وطنية فلسطينية ، خارطة مستقلة عن أية ضغوط او مغريات او تهديدات ،  خارطة نحتشد حولها جميعا لما يجب عليها ان تحمل من أسس واضحة تمكننا من إنهاء هذا الانقسام المؤلم ، و تجمعنا على مفاهيم و قواعد حماية أهدافنا الوطنية و تعزيز ادواتنا و وسائلنا الكفاحية ، بما في ذلك وسائل العمل السياسي و من بينها المفاوضات .

        أخواتي و اخوتي

        و اسمحوا لي ان أدعو الجميع لنجعل من يوم فتح ، يوما لانطلاقة فلسطينية جديدة نحو وحدة الصف و الدرب ، و دون ان يتنازل اي منا عن قناعاته ، فذلك ليس ما هو مطلوب ، بل المطلوب ان نتقابل جميعا في منتصف الطريق ، لا من اجلنا ، بل من اجل فلسطين و القدس ، من اجل ذكرى كل شهيد و عذابات كل جريح و أسير ، من اجل كل طفل وام ، من اجل كل لاجئ و مبعد ، و من اجل كل ذلك اقترح بعض القواعد و الأسس للنقاش الوطني العام ، لعلي بذلك اسهم بقسط بسيط جداً مما نحلم به ونصبو اليه

  اولا : الشروع الفوري بخطوات عملية للمصالحة الوطنية الفلسطينية عبر وفود مفوضة و لمدة أسبوعين متواصلين في مقر الجامعة العربية و تحت رعايتها المباشرة ، بهدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، و لتحقيق ذلك لا بد من :-

        - الشروع فورا بتشكيل حكومة انتقالية مستقلة مهمتها الوحيدة إتمام اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال مدة أقصاها  6 اشهر و رفع الحصار عن قطاع غزة

        - بالتوازي مع قيام الحكومة المؤقتة تشكل لجنة وطنية فلسطينية لإجراء انتخابات لمجلس وطني فلسطيني جديد خلال مدة أقصاها  6 اشهر

        - يحرم استخدام العنف و السلاح في اي خلاف داخلي

        - تشكيل هيئة مراقبة عربية برئاسة الامين العام لجامعة الدول العربية يكون لها الحق  بتحديد الطرف المعطل و ادانته  واتخاذ ما يلزم من اجراءات ردعية تمنع تعطيل مسيرة انهاء الانقسام.

     ثانيا: العودة الى استكمال مسار تعزيز مكانة "دولة فلسطين" في المؤسسات الدولية بما يمنحها الحق في الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية..والارتقاء بتطوير عضوية فلسطين في الامم المتحدة وصولا الى العضوية الكاملة.

    ثالثا: وضع ضوابط وأسس للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تضمن عدم المساس بالثوابت الوطنية المتفق عليها و ان تكون النتائج معروفة مسبقا و لتحقيق ذلك لا بد من :-

        - رفض معلن و مسبق لأية اتفاقات جزئية او مرحلية او برامج زمنية متوسطة او طويلة الأجل ، الا لغايات تنفيذ الاتفاق نفسه و بما لا يتجاوز الثلاث سنوات و تحت إشراف و محاسبة دولية صارمة

        - ضمان السيطرة السيادية الفلسطينية على حدود  4 حزيران  1967 و ضمان السيادة على كافة الموارد الوطنية من ارض و مياه و اجواء

        - عدم القبول باي تواجد عسكري إسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية بعد انتهاء المرحلة التنفيذية المعرفة بثلاث سنوات .

        - التوافق حول قوات عربية و دولية فاصلة بين دولتي فلسطين و اسرائيل على ان تكون خالية من أية مشاركة إسرائيلية مباشرة او غير مباشرة

        - قطاع غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين و ينطبق عليه ما ينطبق على سائر أراضي الدولة من حقوق و قواعد وواجبات و يحرم وطنيا أية تجزئة او تقسيم للدولة ، و اعتبار الربط و الترابط الجغرافي البري بين جناحي الوطن أساسا غير قابل للمساومة

        - إيجاد حل عادل و مشرف لقضية اللاجئين و طبقا للقرارات الدولية و العربية

        - يعرض اي اتفاق محتمل على المجلس الوطني الفلسطيني الجديد والهيئات المنتخبة ، و/ او استفتاء شعبي في فلسطين و أينما أمكن في الشتات حتى باستخدام طرق الكترونية مشروعة .

      رابعا : الحفاظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل و تحريم التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية ، و الامتناع عن التدخل في شؤون الغير و خاصة الأشقاء العرب و تحريم الصدام مع أية دولة عربية       

        أخواتي و اخوتي

        عام اخر صعب و عصيب مر على شعبنا و وطننا ، لكننا شعب يعرف كيف يجتاز المحن ، شعب مبدع و يتفوق على نفسه دوما ، شعب لن يهدأ و لن يترك احد يهدأ او يهنأ قبل انتزاع استقلاله و استعادة ارضه و ممارسة سيادته ، و من يعمل او يحلم بغير ذلك ، يكون كمن يصب الزيت على نار مشتعلة ، ليؤجج ثورة جديدة تهز العالم اجمع ، كل ذلك لأننا شعب اعتاد الفداء و التضحية ، كما اعتاد ان يؤمن دوما بالسلام ان وجد شريك سلام حقيقي ، لذلك كله ابتهل الى الله العلي القدير ان يعزز صبرنا و صمودنا ، وان يرسخ إيماننا ان لا طريق الى الحرية و الخلاص الا بالصمود والوحدة  والفداء ، فبذلك وحده سيعلم الجميع و يتعلم بان سلام الشرق الاوسط يمر فقط عبر بوابة الدولة الفلسطينية المستقلة ، بوابة عاصمتنا الحبيبة القدس .