فتح الإنطلاقة 49 و تحديات المستقبل
تاريخ النشر : 2013-12-30 23:50

إقتربت فتح من نصف القرن على إنطلاقتها و الشعب الفلسطينى يقترب من الذكرى 66 لنكبته , و لا زالت فتح تواجه تحديات داخلية و محلية و إقليمية و دولية رغم كل الإنجازات الكبيرة التى حققتها الحركة فلسطينيا و عربيا و دوليا , ولا زال الصراع قائما بكافة أشكاله وفى كل الإتجاهات حتى يكتمل الحلم الفلسطينى في الحرية و الإستقلال وسط كل التعقيدات الداخلية و الإقليمية و الدولية , و صعود دول و هبوط أخرى , و صعود إحزاب و سقوط و تراجع أخرى لتبقى فتح شامخة عزيزة ساطعة , شعلة لم تنطفىء يوما في تاريخ الصراع لانها الهوية الفلسطينية و البرنامج الوطنى الفلسطينى , و حلم الشعب الفلسطينى في الحرية و الإستقلال و إقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف على الأراضى المحتلة عام 1967م , و حل عادل لقضية الآجئين على أساس القرار الدولى 194 على الأراضى الفلسطينية لأصحاب الاراضى بعيدا عن السيادة العربية على أراضيها في الدول المجاورة كمخرج لإسرائيل للهروب من إستحقاقات السلام الحقيقى المعترف به دوليا مقابل أن تحكم أحزاب أو أفراد مستجدين على الحكم في المنطقة في صفقات مشبوهة .

ان القراءة الدقيقة لحركة فتح للمعادلة الفلسطينية و الإقليمية و الدولية أعطى صفة الديمومة للحركة في مجارات المتغيرات الإقليمية و الدولية مع الحفاظ على الثوابت الفلسطينية المعترف بها دوليا , و مكنها من توسيع جبهة الأصدقاء و الحلفاء من العرب و المسلمين و غيرهم في مواجهة كل التحديات للحفاظ على الشعب الفلسطينى و مصالحه و متطلبات حياته اليومية و نضاله المستمر في الوطن و الشتات دون أن يتمكن العدو الصهيونى من حصار الشعب الفلسطينى في حياته و قوت يومه و مشروعية نضاله بكافة الاشكال و الادوات المختلفة ............... كما يحدث في قطاع غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه و حتى يومنا هذا , فوفرت فتح مظلة الآمان الإقليمية و الدولية للشعب الفلسطينى في كل قضاياه السياسية و النضالية و الإقتصادية و الإجتماعية رغم أنها تواجه مشروعا صهيونيا عالميا حاضنته و موسسته و حاميته منذ تأسيسه و حتى اليوم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى و الثانية , تلك الدول المنتصرة التى صاغت القانون الدولى ليحمى دولة الكيان الصهيونى قبل قيام الدولة الصهيونية , وعليه من يزايدون على فتح عليهم أن يجهزوا لحرب عالمية ثالثة ينتصرون بها على الدول المنتصرة في الحربين العالميتين الأولى و الثانية ليصيغوا قانون دولى جديد و مجلس أمن جديد بموازين قوى جديدة لصالح القضية الفلسطينية و القضايا العربية , أما مزايدة و دغدغة عواطف الجماهير فوق الطاولة , و تحت الطاولة يتبنون الدولة الفلسطينية المؤقتة على 40% من مساحة الاراضى المحتلة عام 1967م بدون القدس و بقاء المستوطنات و هدنة 20 سنة , أو توطين اللآجئين في سيناء أو تشويه الثقافة الفلسطينية لمفهوم الحدود التاريخية لفلسطين ............. إلخ

 لقد مرت فتح بأزمات داخلية على مدى تاريخها و تمكنت من تجاوزها , و تعرضت لضغوط و تداخلات إقليمية و دولية و تمكنت من تجاوزها , و الإنقسام الفلسطينى و حال قطاع غزة ( مقبرة الأحياء المحاصرة ) ما هو إلا محطة من العديد من المحطات التى مرت بها حركة فتح جراء الضغوط و التداخلات الإقليمية و الدولية , و ستتجاوزها حركة فتح نحو اللحمة و الوحدة الفلسطينية , وقد مرت فتح العام الماضى من هذه المحطة بأكثر من مليونية من جماهير الشعب الفلسطينى من ساحة السرايا و محيطها في الإنطلاقة 48 , فالتحديات أمام فتح كثيرة على المستوى الفتحاوى و الفلسطينى و العربى و الدولى لخلق حالة من التوازن في توسيع جبهة الأصدقاء و المناصرين و الداعمين للحقوق الفلسطينية لمواجهة الصلف و التعنت و الغطرسة الصهيونىة , و مواجهة التحيز الامريكى و حلفاء إسرائيل في العالم .

فشلت القيادة الفلسطينية عامة و قيادة فتح خاصة في قيادة و إدارة حركة فتح كتنظيم و كجماهير و مؤيدين و أنصار على مدار السنوات السابقة في قطاع غزة رغم أن هذه الجماهير التى عاقبت فتح في الإنتخابات التشريعية الثانية في 25 يناير 2006م , لتخرج مرتين عام 2007م نصرة لفتح و تاريخها و نصرة للمشروع الوطنى الفلسطينى , و رسالة إنذار لحركة حماس الفائزة في الانتخابات التشريعية , خرجت هذه الجماهير المرة الأولى بمئات الآلاف لانطلاقة فتح التى أقيمت فى التاسع من يناير عام 2007 ملعب اليرموك بمدينة غزة . و كانت المرة الثانية في نفس العام المهرجان المليونى الهائل لذكرى استشهاد الزعيم ياسر عرفات علي ارض الكتيبة الصفراء في غزة التي أقامته حركة فتح في 11 من نوفمبر 2007 إحياءً لذكرى رحيل أبو عمار ، و لم تصل الرسائل لالغزة 4 و لا لرام الله , و أعيدت الكرة فى 4-1-2013 من خلال مليونية الدولة والانتصار في ساحة السرايا و محيطها بمدينة غزة و التى كانت إستفتاء لصالح فتح و منظمة التحرير , و لربما كانت حافزا لكل القوى الوطنية و الليبرالية في المنطقة العربية لإعادة النظر في كل المخططات الغريبة في المنطقة , و لكن فلسطينيا لم تتحرك الرسالة و لم تصل لأحد لا في غزة و لا رام الله , و السبب في الحشودات المليونية في المرات الثلاثة كانت عفوية تقودها الوطنية الفلسطينية و الوطنية الفتحاوية , ولم تكن هذه الحشود العفوية بفضل ادارة أو توجيه أو إستقطاب أحد , و يمن يدعى غير ذلك يخدع نفسه و يخدع القيادة , و على هذا الأمر و هذا المفهوم يجب التفكير في كيفية حل مشكلة أو أزمة فتح في غزة , و الأمر في الضفة و الشتات لا يختلف كثيرا عن غزة في أزمة إستحضار القيادة و اللجان القيادية , حيث تبحث القيادة عن الطرق الاسهل و الولاء , و يبقى الجميع في القيادة بكافة مسوياتها معزولة عن الجماهير .

فتح بحاجة لمؤتمر سابع يخرجها من مأزقها الداخلى فتحاويا و يوحدها مقدمة لتوحيد الشعب الفلسطينى على طريق إنهاء الإنقسام للدخول في إنتخابات تشريعية و رئاسية جديدة للمرحلة القادمة لمواجهة التحديات الأخرى , و بشكل رئيسى التعنت الصهيونى في دفع إستحقاقات السلام العادل و الدائم في المنطقة , و مواجهة التحديات الإقليمية و الدولية ليأخذ شعبنا مكانته التى يستحقها بين شعوب العالم في حياة آمنة و كريمة بعد نيل حقوقه الوطنية و السياسية في ظل دولة فلسطينية على حدود عام 1967م و عاصمتها القدس الشريف , و حل عادل لقضية اللآجئين .