"لن نبقى وحدنا ملتزمين".. تهديد رئاسي للتنفيذ أم..؟!
تاريخ النشر : 2015-10-29 08:49

كتب حسن عصفور/ دون التطرق لخطاب الرئيس محمود عباس الأخير 28 أكتوبر2015، في مجلس حقوق الانسان بجنيف، الذي أعاد في بعض منه ما سبق أن تحدث به، أيضا في خطابه أمام الجمعية العامة في 30 سبتمبر، قبل شهر تقريبا، ودون ارهاق العقل بحثا عن "فك طلاسم" باتت سمة لـ"الخطاب العباسي" في الآونة الأخيرة، يراها مؤيدوه أنها "عبقرية سياسية"، فيما غالبية متابعيها يرونها "هروبا سياسيا واضحا"..

لنترك ما له وما عليه، ولنذهب مباشرة الى "الجملة الذهبية" التي باتت "قاسما مشتركا" يرددها الرئيس عباس في كل ما يقول منذ زمن، "لن نبقى وحدنا مستمرين في التمسك بالإلتزامات او الاتفاقيات"، وهذا من حيث المبدأ قول صحيح، دون التوقف عن "التشكيك بجديته"، لكنها مقولة باتت تماثل من حيث الترداد مقولة أختطها أحد أعضاء "فرقة الرئيس الخاصة - فرقة صيبا"، بأن على "اسرائيل ان تختار بين الاستيطان والسلام"، رغم أنها قررت ومنذ وصول الرئيس عباس الى سدة الحكم، بعد اغتيال الخالد ابو عمار، أن تسارع بشكل منقطع النظير في استيطانها، بل واضافت له التهويد الشامل للقدس والمقدسات..

وكي لا تصبح مقولة "لن نبقى وحدنا ملتزمين" متلازمة لغوية، بات مطلوبا من الرئيس محمود عباس، عندما يعود الى مقره في المقاطعة برام اللة، ان يدعو الى سلسسلة إجتماعات وطنية عامة، وليست حزبية فئوية خاصة، أو استعراض أمني لتبيان ملامح لا يجب أن ترسل لأهل فلسطين..

وكي لا تستخف دولة الكيان بتلك "المتلازمة اللغوية"، كما استخفت وبسخرية منقطعة النظير من اختبارها بين خيار المستوطنات والسلام فاختارت المستوطنات بتفوق نادر، لكنه لم يصل بعد للمرددين شعارات يتم تكرارها وكأننا أمام "آلة تسجيل"، اصبح واجبا وطنيا على الرئيس محمود عباس أن يضع حدا لرحلة "الصبر الطويلة جدا"، على دولة الكيان بكل ما ارتكبت من جرائم حرب، لن تسقط ابدا بالسهو السياسي، حتى لو شطب احد أهم تقارير الأمم المتحدة التي كانت الإولى التي تدين الكيان، "تقرير غولدستون"، عندما تنازل عنه الرئيس عباس طواعية دون أن "ثمن سياسي" عام للقضية الوطنية..

من يتحدث عن "لن نبقى وحدنا ملتزمين"، بات ملزما هو، وليس غيره، ان يترجم تلك العبارة الى خطة عمل وطنية، بلا أي انتظار من نتنياهو ليعيد النظر في سياسة الاغتيال السياسي للقضية الوطنية، وكل دقيقة تأخير لـ"فك الارتباط" بتلك الاتفاقات، هو منح المحتل العدو وطنيا وقتا لفرض مشروعه العدواني وتقليص مساحة المشروع الوطني..

لم يعد هناك مزيد من ترف الوقت معك لتمنحه سيادة الرئيس لرأس الطغمة الفاشية في دولة الكيان، مع أن "صبر الشعب الفلسطيني انتهى منذ زمن، وما السكين المشهرة راهنا سوى آلة تمزيقها"، وما عليك سوى استلهام روح رافعيها والاحتماء بهم وبشعبك، ولن يوجد لك "جدار واق" سواهم..وكل احتمال غيره ليس سوى "وهم فوهم فوهم"..

بعد عودتك الى أرض ما تبقى من "بقايا الوطن"، أفتح بابك لكل من هو حاضر سياسيا - وطنيا، وأعلنها أن رحلة الرد الوطني على المشروع الاحتلالي بدأت، وأن "الكل الوطني" بعيدا عن مسمياتهم أو الاختلافات معهم هو حاضر للمشاركة في تحمل المسؤولية الوطنية التاريخية..وأن "حماس" هي جزء من "المعركة الوطنية"، وأن خطف غزة القائم سيصبح "كادوكا" في ظل المعركة، الانطلاقة تكون من فتح الباب للعمل وليس الاستمرار في وهم النقاش والحوار ورحلات "السياحة السياسية" التي بدأت منذ أعوام وأنتجت فريقا مع ابقاء "الحوارات ابدية" كما فريق "المفاوضات أبدية"، كون مصالحم  باتت مرتبطة بالحوار وليس بإنهاء الحوار مصالحة ومصلحة..

المعركة تبدأ مع الكل الوطني، مما هو متفق عليه ولا ضرورة لفتح أبواب جدل سياسي جديد، والمفتاح الاساس هو أن تعلن للعالم وحولك كل قائم سياسي فلسطيني، وامام آلاف من أبناء شعبك في ساحة المقر العام، "قيام دولة فلسطين فوق بعض أرض فلسطين"..اعلان ان "ساعة الفلسطيني" دقت لإعادة ترميم مشروعه الوطني، الذي انطلق مع خيار الخالد بإقامة أول سلطة فلسطينية في التاريخ السياسي على أرض فلسطينية..

وعل مصادفة التاريخ تمنح الموقف "جلالة خاصة"، مع قدوم موعد وعد "بلفورالمشؤوم" في 2 نوفمبر وذكرى اغتيال الخالد ياسر عرفات في 11 نوفمبر ويوم 15 نوفمبر، الذي كان يوم "إعلان الاستقلال" - استقلال دولة فلسطين في الجزائر عام 1988 - ، مصادفة سياسية تحمل لوحة تاريحية تطالب الرئيس عباس بأن يعلن قيام دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012 بحدودها وعاصمتها المقدسة وطنيا ودينيا، بلا اي التباس سياسي، وأن اليوم تدخل دولة فلسطين حيز التنفيذ..

توافق زمني تاريخي لحدث تاريخي لكنه ينتظر قرار تاريخي أيضا، لو كان الحديث عن "لن نبقى وحدنا ملتزمين" صادقا، إذ لم يعد للسؤال أي قيمة بعد الذي حدث ويحدث..فمن تنادي لا يسمعك ولا يريد، بل يتعامل معك وكأنك غير ذي صلة وبلا قيمة سياسية، فلما "السؤال المتكرر بلا طائل، رغم انه بات  مستفزا للشعب الفلسطيني، ويبدو في صيغة من يتسول عطفا من مغتصب..

اعلان دولة فلسطين في شهر نوفمبر سيكون ردا تاريخيا على وعد بلفورالمشؤوم، وانتقاما للخالد من مغتاليه وتجسيدا لإعلان طال انتظاره..كفى توسلا سياسيا اعلنها فشعبك يستحق وليس غيره من تتجه له، فهو الحامي والرافع للمجد السياسي..

هل تفعلها سيادة الرئيس أم تواصل متلازمتك اللغوية، الى أن يصبح التهديد عندها فارغا شكلا ومضمونا كما بات ذلك التهديد الساذج..أعقلها وطنيا واحتزم بشعب شاهرا سكينه، فعندها النصر له ولك، وغيرها سيكون المجد للشعب والخيبة لمن خذل الشعب!

ملاحظة: ذكرى مجزرة كفر قاسم تحضر اليوم 29 اكتوبر..ذكرى ليست يتيمة فلها شقيقات كثر وقاتلهم واحد..التذكير بالذكرى لم يعد يستحق خطابا بل ينتظر "إنتقاما سياسيا"..هل من يفعلها ..ذلك هو السؤال فلاهاي ومحكمتها تنتظر الفعل وليس القول!

تنويه خاص: تشهد غزة حركة تواصل سياسي بين فصائل وفصائل غابت طوال "عهد الخطف"..لو صدقت النوايا فنحن أمام "قنابل سياسية مفرحة جدا..الأمل بالأماني لا زال ممكنا!