صفقـة رحيـل بشـار فى الربع ساعة الأخير
تاريخ النشر : 2015-10-27 10:56

للمرة الأولى منذ خمس سنوات من سعار نيران الحرب السورية، تتبدى فى الأفق هذه الأيام ملامح صفقة سياسية لإنهاء هذا الوضع المأساوي، وإنقاذ البقية الباقية من الشعب، عبر وقف آلة الحرب الجهنمية، وإنهاء مأساة جريمة البراميل المتفجرة، ووقف دراما جحافل وطوفان طوابير اللاجئين السوريين إلى الشتات والمنافى دون أن تلوح فى الأفق بدايات النهاية لكتابة المشهد الأخير فى دراما فصول التنظيمات الإرهابية فى سوريا، ومتى تختفى وتنتهى أسطورة «داعش» وأخواتها وغيرها من جحافل الإرهابيين، على غرار النصرة الطبعة الجديدة للقاعدة، وكذلك أحرار الشام، وبقية تنظيمات الشر والقتل، حيث سيحتاج هذا السيناريو لسنوات وآليات حاسمة من المواجهة والمعارك الطاحنة، على غرار حروب الكر والفر من أفغانستان أو العراق بعد عام 2003، بعد سقوط نظام الطاغية صدام حسين.

وفى تقديرى أن بداية رسم ملامح صور الصفقة المرتقبة، التى يجرى تجهيزها فى مطابخ الإقليم وبمشاركة أطراف دولية رئيسية كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، قد بدأ التحضير الفعلى لها، مع زيارة بشار الأسد الأولى والأخيرة حتى الآن منذ خمس سنوات الأسبوع الماضى إلى موسكو، دون اصطحاب أدنى مسئول سورى معه خلال مباحثات الساعات الثلاث المغلقة مع فلاديمير بوتين، حيث رشحت العديد من التفاصيل والتسريبات التى تصب فى خانة إمكانية توفير شرعية لحلول سلمية للأزمة السورية، بعد الاتفاق على استبعاد رهان الحل العسكرى والأمنى فى سوريا، بالرغم من دخول الروس عسكريا على خط الأزمة وتنفيذ أكثر من 900 عملية وغارة على مواقع داعش والإرهابيين، برغم عديد إصاباتها المتعمدة والمخطط لها لمواقع وقوات الجيش السورى الحر.

ويبدو أن الحقيقة التى أصبح الجميع، وفى مقدمتهم روسيا، باتوا يستوعبونها بشأن الأزمة السورية، أنه لا حل فى سوريا مع استمرار بشار الأسد، فى ضوء حالة الانقسام والصدام والتصادم الدولى حول استمراره من عدمه، حيث الجميع على قناعة بضرورة رحيله وربما فرق التباينات بين المواقف هو الذى مازال يؤخر مسألة الحسم، حيث الأمريكان والأتراك والخليجيون يطالبون بالانسحاب والخروج السريع لبشار اليوم قبل الغد أولا، ثم تأتى الحلول لشكل الأزمة بعد رحيله، عكس الروس والمصريين، الذين يطالبون بالإبقاء على بشار بعض الوقت من أجل الحفاظ على بقية ثوابت ومقومات الدولة السورية من جيش وشرطة وحدود وسلامة بقية بعض الأراضي، وقضاء ومؤسسات للدولة منعا للانهيار الذى لحق بالعراق بعد ضربات واحتلال الأمريكان فى مارس عام 2003، وما أعقبه وما حدث من سقوط بغداد بعد ذلك وسيناريوهات بول بريمر.

خاصة أن الجميع سواء أطراف دولية وإقليمية وكامل فرقاء الأزمة السورية على قناعة تلامس اليقين بأن سوريا وبشار معا يعيشان وضعا مأساويا وأوصال الدولة تفككت والعنف والقتل الى ازدياد، والنظام بشكله الحالى شبه انتهى وعاجز عن إدارة البلاد ولابد من الحلول الجذرية بما فيها رحيل بشار، حتى لو بعد وقت وتحقيق وفاق وطنى سورى ودولى وإقليمي، بشأن سوريا حتى ولو فى ربع الساعة الأخيرة قبل فوات الأوان.

وفى تقديرى أن سيناريو الحل المقبل، فى ضوء عديد الاستنتاجات الخاصة بي، حيث لا أملك معطيات أى معلومات ـ نهائية حتى الآن يتمثل فى الآتي:

أولا: توسيع المشاركة لأطراف عربية وإقليمية كمصر والإمارات وقطر، مع دخول إيران ولكن بعد عدة أسابيع لطهران فى الاجتماعات الرباعية التى ستتواصل لقاءاتها من قبل كل من روسيا وأمريكا والسعودية وتركيا نهاية هذا الشهر، على مستوى وزراء الخارجية لتوسيع رقعة الحركة ومشاركة أطراف فاعلة لإحداث مقاربة مطلوبة وعاجلة بشأن صياغة حلول توافقية تصب فى تحديد مستقبل بشار، واعتماد صيغة مقبولة لرحيله.

ثانيا: التوصل لصيغة تشكيل هيئة حكم انتقالى لمدة 6 أشهر تتولى مسئولية الحكم والقرار فى دمشق، مع بقاء بشار هذه المدة دون إعطائه صلاحيات عملية أو رئاسية.

ثالثا: الاتفاق على عقد مؤتمر دولى قبل نهاية هذا العام ربما يكون جنيف ثالثة، لصياغة الحل واعتماده بتوافق دولى وإقليمى عبر إطار زمنى حيث يتضمن هذا الحل شكل وجوهر مستقبل سوريا وتوقيتات الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، وهيكلة الفترة الانتقالية قبل وبعد رحيل بشار الأسد.

رابعا: قبول أطراف التحالف الدولى لمحاربة داعش وكذلك وتركيا ودول الخليج، بطرح وطلب روسيا بإنشاء تحالف دولى جديد بقيادة جديدة لمحاربة داعش وكل الفصائل الإرهابية فى سوريا، وتوسيع دائرة عمله فى عديد دول المنطقة كشرط لقبول روسيا بعقد صفقة مع الأمريكان والعرب، خاصة الخليجيين، لخروج بشار مع إعطاء بوتين روسيا دورا أكبر فى صياغة وقيادة المشهد السورى المقبل.

وهذا هو المرتقب، ودعونا ننتظر اجتماعات جنيف بعد توسيع عضوية المشاركين فيها، ومفاجآت اللحظة الأخيرة، حيث لابد أن تكتب تفاصيل المشهد الأخير فى الفصل الأخير لأزمة سوريا وبشار الأسد قبل نهاية هذا العام، ومن يعش ير.

عن الاهرام