يا للمهزلة الرياضية !!
تاريخ النشر : 2015-10-27 02:01

يبدو أن السيد جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة " فتح " , الذي يتقلد أعلى المناصب الرياضية في فلسطين , من رئاسة المجلس الأعلى للشباب والرياضة , إلى رئاسة اللجنة الأولمبية الفلسطينية , إلى رئاسة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم , يصر على إساءة العلاقات السياسية والرياضية مع الدول العربية الشقيقة , وخاصة المؤثرة منها , فبعد فضيحة التصويت للمرشح الأوروبي " الفاسد " جوزيف بلاتر , ضد المرشح الآسيوي والعربي الأمير علي بن الحسين , الذي يعتبر فلسطينيا ضمن العائلة الملكية الأردنية , بحكم أن والدته الملكة علياء طوقان- رحمها الله - ابنة مدينة نابلس , والتي كادت عملته السيئة الذكر تلك أن تعصف بالعلاقات الفلسطينية مع الأردن الشقيق , لولا تدخل الرئيس محمود عباس شخصيا وزيارته لمنزل الأمير علي بن الحسين, بعد الهجمة التي شنتها وسائل الاعلام الأردنية علينا, ومنع الرجوب نفسه من دخول الأردن لفترة , إلى أن قدم الرجوب الاعتذار للأمير علي وللمملكة الأردنية الشقيقة .

اليوم يعود اللواء الرجوب إلى افتعال أزمة جديدة مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية , أكبر داعم للقضية الفلسطينية , من خلال الاصرار على إقامة مباراة العودة في تصفيات آسيا وكأس العالم في كرة القدم في رام الله , بعد أن كان وافق في وقت سابق على أن تكون مباراة الذهاب البيتية في الرياض , بدلا من فلسطين , على أن يتم تحديد موعد مباراة الإياب بعد موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) على ذلك , ومع اقتراب موعد المباراة , طلبت المملكة العربية السعودية , نقل المباراة خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة , لأن المملكة لا تقيم علاقات مع اسرائيل , وانها لا تريد مرور البعثة الرياضية السعودية عبر الحواجز الاسرائيلية , ووافقت ( الفيفا ) على إقامة المباراة في ملعب محايد , إلا أن السيد الرجوب قدم اعتراضا واستئنافا على ذلك , وقبلت الفيفا على إقامة المباراة في رام الله , إلا أن المملكة رفضت , واتصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس أبو مازن , آملا منه الموافقة على إقامة المباراة خارج الأراضي المحتلة , ووافق الرئيس أبو مازن , وقال إن المملكة خط أخمر , ولا يمكننا الاساءة للعلاقات بين البلدين بسبب مباراة في كرة القدم , غير أن جبريل الرجوب وبعد يوم من محادثة الملك سلمان والرئيس عباس , عقد مؤتمرا صحفيا أصر فيه على اجراء المباراة في ملعب الشهيد فيصل الحسيني في الرام , بزعم أن نقل المباراة للخارج فيه مساس بالسيادة الفلسطينية , ولا أدي عن سيادة يتحدث سيادة اللواء الرجوب وهو رجل الأمن السابق , الذي يعلم أن مجندة اسرائيلية من المهاجرين "الفلاشا" , تستطيع ايقاف أي شخصية فلسطينية على أحد الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة , ومنعه من المرور .

وقبل يومين عاد السيد الرجوب للظهور على شاشة تلفزيون فلسطين , مؤكدا على عدم التنازل عن إقامة المباراة على الملعب الفلسطيني , موقعا الرئيس محمود عباس في حرج كبير ومتحديا موافقته للملك سلمان بإقامة المباراة على ملعب محايد , فلماذا الاساءة للرئيس محمود عباس , وللعلاقات مع الشقيقة السعودية , التي وققت مع القضية الفلسطينية منذ العام 1948 , ودعمت حركة فتح والثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها , وأقامت مكاتب اللجان الشعبية لدعم الثورة والانتفاضة الفلسطينية في كل المناطق والمدن السعودية , حيث كان الملك سلمان نفسه يرأس هذه اللجان على مدار نحو نصف قرن .

ومن خلال متابعتي للموضوع كرياضي , وكرجل أمن سابق وكمتابع سياسي بحكم عملي الصحفي , فقد اطلعت على اقتراح عضو المجلس الثوري لحركة فتح السيد سفيان أبو زايدة , بحل وسط من خلال إقامة المباراة في غزة , على اعتبار أنها أرض فلسطينية غير محتلة , ولا يوجد بها حواجز لجنود للاحتلال يمكن أن تعبر من خلالها البعثة السعودية , غير أن هذا الاقتراح له أخطاره ومحاذيره أيضا , لأن ذلك لا بد من التنسيق فيه مع الشقيقة مصر لفتح معبر , وإذا افترضنا جدلا موافقة السلطات المصرية على ذلك , فمن يضمن أمن البعثة الرياضية السعودية حين عبورها في رحلة طويلة , من هجوم مسلح على الحافلة التي تقل البعثة , أو انفجار لغم أرضي أو عبوة يتحكم فيها عن بعد لتفجير الحافلة , وهل تستطيع السلطات الأمنية المصرية تأمين الطريق ذهابا وعودة , ومن سيتحمل المسؤولية إذا وقع مكروه – لا سمح الله – للأشقاء السعوديين , هل هو الجانب الفلسطيني , أم الجانب المصري , أم الجانب السعودي , إذا ما وافق على اقتراح اقامة المباراة في غزة ؟, ولذلك أرى أن هذا الاقتراح لن يلقى القبول من الأطراف الثلاثة .

أخيرا المطلوب الآن , ونحن أمام هذه الأزمة الكروية , أو المهزلة الرياضية , والتي قد تتحول إلى أزمة سياسية قد تعصف بالعلاقات الأخوية الوثيقة مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية , التي تحتضن نحو مليون فلسطيني على أراضيها , وتعتبر الداعم الأول لفلسطين ماديا وسياسيا واقتصاديا , وفي كل المحافل الدولية , أخذ قرار حاسم من سيادة الرئيس أبو مازن لوقف هذا الجدال وهذه المهزلة .