خيارات ما بعد هبة الأقصى وفشل المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية
تاريخ النشر : 2015-10-25 14:10

 مر أكثر من عقدين على المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية دون التوصل لحل لقضايا الحل النهائى، والممتثلة بالقدس واللاجئين والدولة والحدود والمستوطنات، وفى كل جولة تفاوضية كانت إسرائيل تضع العراقيل أمام أى مشاريع دولية لإنهاء الصراع، وبالرغم من الجهود الأمريكية في السنوات الأخيرة والتزام أوباما بحل الدولتين ورفضة للاستيطان في أكثر من مناسبة، وجولات كيرى السبع المكوكية للتوصل إلى اتفاق، إلا أنها لم تتمكن من الضغط على إسرائيل للإيفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام، ووصلت إلى طريق مسدود ودخل الطرفان في مرحلة جديدة، فعلى المستوى الاسرائيلى فقدت حكومة نتنياهو هامش المناورات السياسية ومبرراتها أمام المجتمع الدولى ازاء التزامها بعملية السلام، بينما الطرف الفلسطينى فقد اكتشف المشروع اليمينى المتطرف الرافض لمنح الفلسطينيين أى حق من حقوقهم المشروعة، والأهم سقطت المراهنات الفلسطينية على أن المفاوضات السلمية هى الخيار الوحيد وأصبح البحث عن خيارات أخرى ضرورة وطنية وذهبت القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة وانضمت لاتفاقيات دولية ورفعت العلم الفلسطيني بالرغم من الضغوطات الاسرائيلية والأمريكية ، واستشرست إسرائيل بنهب أراضى الضفة الغربية وانتهاك للمقدسات، ومع ازدياد الضغوطات الاقتصادية والسياسية مما دفع شباب القدس والضفة الغربية الانتفاض بوجه المستوطنين بعفوية وبدون تنسيق أو غطاء حزبى بل هى هبة او انتفاضة شعبية أو أى مسمى كان يُعبر عن غضب الشارع وسخطه على ممارسات الاحتلال، ولا يستطيع أى كان أن يقف بوجه هذ الغضب الشعبى بدون ايجاد حلول منطقية لأسباب هبتهم في وجه المستوطنين والجيش الاسرائيلي، وفى ظل فشل المفاوضات وبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن بديل للرئيس محمود عباس خاصة بعد أن أعلنت أنه لم يعد يصلح شريك للسلام الامريكي، وربما ذلك ليس بجديد فمنذ مدة وتم طرح ذلك في أكثر من مناسبة وتداول بعض أسماء فلسطينية كبدائل للرئيس عباس الرافض للتنازل عن الثوابت الفلسطينية، وذلك كله في ظل انشغال عربى بشؤونه الداخلية وانقسام فلسطينى أفقد القضية الفلسطينية الكثير من مؤيديها.

وأمام كل هذه المتغيرات الفلسطينية والإقليمية والدولية ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية للخروج من هذه الأزمة التى تمر بها القضية الفلسطينية وكيف يمكن الحفاظ على دماء شهداء الهبة الشعبية ؟

 أولاً : تعزيز ودعم المقاومة الشعبية ومنع عسكرتها وذلك لتغيير موازين القوى لصالح الفلسطينيين وتشكيل جبهة اعلامية موحدة تنقل الحقيقة وتكشف الزيف الاسرائيلى لكافة وكالات الاعلام الدولية، وتوسيع حركة المقاطعة لإسرائيل وهنا لا يتوقف على المقاطعة الاقتصادية بل السياسية والتعليمية والبحثية وكافة أشكال المقاطعة خاصة من خلال السفارات والجاليات الفلسطينية في كل دول العالم .

ثانياً : تعزيز صمود الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام الذى يتحجج به نتنياهو للتنصل من التزامات العملية السلمية ، وضرورة استئناف الحوار الوطنى الشامل للخروج من مأزق المفاوضات العقيمة وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية وإشراك كافة الأطراف بما فيها المجتمع المدنى للتمكين من مواجهة الممارسات الاسرائيلية الرافضة للحقوق الفلسطينية والخروج من مأزق عبثية القرار الفلسطيني .

ثالثا: التوجه لكافة الجهات الدولية المؤثرة والقادرة على الضغط على اسرائيل لانتزاع الحقوق الفلسطينية وتشكيل حلف دولى من الدول الصديقة لعزل اسرائيل وتعريتها أمام العالم واظهار الحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

رابعا: التلويح بحل السلطة الفلسطينية في حال لم يتم التوصل الى حل لكافة قضايا الحل النهائى وتحمل اسرائيل مسؤولية المدنيين الفلسطينيين في أراضى السلطة الفلسطينية، وهذا ما ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وسيشكل ورقة ضغط على اسرائيل لتقديم تنازلات في العملية السلمية.

خامسا: عدم العودة لأى مفاوضات بدون رعاية أممية وبإشراف من اللجنة الرباعية لإلزام إسرائيل بما سيتم التوصل اليه، فالسبب الرئيس في عدم منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة استبدالهم الشرعية الدولية بالشرعية التفاوضية تحت رعاية أمريكية منحازة لإسرائيل وغير قادرة على ممارسة أى ضغوط عليها لإلزامها بالاتفاقيات الموقعة .

تستخدم إسرائيل كافة الوسائل العسكرية والاعلامية والدبلوماسية لانهاء الهبة الشعبية، وتتهم السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالتحريض على المدنيين الاسرائيليين، وتتبع نفس السياسية التى انتهجتها مع الرئيس الراحل ياسر عرفات وقتلته في ظل الصمت الدولى، وما تحاوله الآن هو قتل محمود عباس سياسياً باتهامه بالتحريض ضد المدنيين الاسرائيليين ودعم الارهاب، والبحث عن بدائل لعباس خاصة بعد اتهامه بانتهاء صلاحيته كشريك للعملية السلمية واختراع منصب نائب رئيس كما فعلت باختراع منصب رئيس وزراء فترة ياسر عرفات لتنحيته سياسيا، ولكن مقاومة عرفات جعلت شارون يتخذ قرار بتصفيته جسدياً ، وما لم يتم وضع استراتيجية فلسطينية موحدة باشراك كافة الجهات الفلسطينية لمواجهة المشروع الاسرائيلي الاستيطانى لن نتمكن من الحصول على حقوقنا الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية .