العيساوي .. ضمانة لحقوقنا وثوابتنا أكثر من جامعة النعاج
تاريخ النشر : 2013-12-25 13:40

استدعى الوزير الأميركي جون كيري في جولته الخامسة عددا من وزراء الخارجية العرب أو المندوبين الدائمين في جامعة الدول الناطقة بالعربية وفي مقدمهم أمينها العام نبيل العربي من أجل إقناع السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية العودة إلى طاولة المفاوضات مع الجانب «الإسرائيلي».

 . الجهود كادت أن تفلح في عودة الروح إلى المفاوضات مجدداً من الجولة الخامسة ولكن وبناء على طلب السيد أبو مازن بضرورة العودة إلى المؤسسات القيادية الفلسطينية سواء اللجنة المركزية لحركة فتح أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ويومها عاد إليهما شكلياً ولم يأخذ بمواقفها أقله مواقف أعضاء اللجنة التنفيذية الذين طالبوه بعدم العودة من دون ضمانات إلى هذه المفاوضات ولكنه ضرب بعرض الحائط مواقف فصائل المنظمة وبذلك أفلحت ضغوط دول الجامعة أو بعضها والتي لاقت الضغوط الأميركية في حمل السلطة على التخلي عن اشتراطاتها من أجل العودة إلى المفاوضات.

اليوم ومع تعثر المفاوضات التي استهلكت ما يزيد عن نصف المدة الزمنية لسقفها الذي ينتهي أواخر نيسان عام 2014. والمحاولات المحمومة للإدارة الأميركية لفرض حل انتقالي على السلطة قوامه ترتيبات أمنية «للإسرائيليين» وحوافز اقتصادية «للفلسطينيين».

ذهب السيد محمود عباس وكما درجت العادة إلى جامعة الدول الناطقة بالعربية طالباً منها الوقوف إلى جانبه في تحمل المسؤولية إزاء ما حمله الوزير كيري في زيارته الأخيرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أو لتغطية ما قد يقدم عليه رئيس السلطة من خطوات تجاه الموافقة على الحل الإطاري أو الانتقالي وفي مقدمها المواقف المتناقضة والملتبسة للمفاوضين وعدد من مسؤولي السلطة. ففي حين يُسرب على لسان عريقات أن هناك إمكانية لتمديد السقف الزمني للمفاوضات أحياناً وأحياناً أخرى أن لا تمديد للمهلة الممنوحة للمفاوضات هذا من جهة. ومن جهة أخرى ما تعمل عليه مصادر دبلوماسية أميركية في ما يؤكد أن طاقماً أمنياً أميركيا ناقش وفي اجتماعات عدة الشق والترتيبات الأمنية مع فريق أمني فلسطيني مشيرةً إلى أن الفلسطينيين هم من أبلغونا أنهم غير جاهزين لتسلم المهام الأمنية في المناطق الحدودية وتأمينها وتحديداً في الأغوار.

الغريب في خطوة السيد أبو مازن الطلب من الجامعة الالتئام لمناقشة الموضوع وهو الذي يعرف حق المعرفة ما مارسته الدول النافذة في هذه الجامعة من ضغوط عليه لثنيه عن التوجه إلى الأمم المتحدة طلباً في الاعتراف بعضوية دولة فلسطين في هذه المنظمة الدولية.

ويعلم أيضاً حجم الضغوط التي مورست من قبل هذه الدول وأمين عام الجامعة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع «الإسرائيليين». وقبلها كيف هذه الجامعة والدول المهيمنة عليها قد أعطت الجرعات تلو الجرعات من أجل إبقاء ما سمي بالمبادرة العربية على الطاولة ومنع سحبها من التداول رداً على التعنت والممارسات والجرائم «الإسرائيلية» بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته. والمستغرب أكثر أن الجامعة إن عقدت قمة طارئة أو اجتمع مجلسه وزراء خارجيتها النتيجة واحدة فهم لا حول لهم ولا قوة أمام الإدارة الأميركية في مواجهة ضغوطها عليهم لأن هذه الدول قد استمرأت الهوان وأصبحت فاقدة لإرادتها السياسية حيال كل قضايا الأمة ومصالحها العليا والشواهد كثيرة. وعلى ما يبدو ليس أخرها طلب التدخل الأجنبي في سورية.

وهل يعتقد السيد أبو مازن ومن خلفه المفاوض الفلسطيني أن الذهاب إلى الجامعة وطلب الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية الذين اجتمعوا السبت الماضي في القاهرة من شأنه أن يجبر الوزير كيري وإدارته على سحب رؤيتها للمفاوضات والحل الانتقالي المبني على الشقين الأمني والسياسي وسلة الإغداق الاقتصادي؟.

وكان الرئيس أوباما نفسه قد أعلن أن الخطة الأميركية لهذا الحل أمام الملأ في منتدى سابان في واشنطن حين وجه كلامه للفلسطينيين بأن عليكم الموافقة على رغبة «إسرائيل» في قيام فترة انتقاليّة للتأكد من أن الضفة لن تشكل معضلة أمنية إلى تلك التي شكلها قطاع غزة. ومن دون انتظار للجواب على السؤال من قبل رئيس السلطة فهو ليس لديه أدنى وهم أن الاجتماع لن يكون بمقدوره أن يدفع كيري للتراجع عن خطته التي هي في المضمون والمحتوى «إسرائيلية».

والمتابع لتصريحات العديد من المسؤولين والقيادات الفلسطينية من داخل السلطة وخارجها يرى جملة من المخاوف والهواجس من حقيقة مواقف جامعة الدول الناطقة بالعربية تجاه تشكيلها الغطاء للرؤية الأميركية القائمة على فرض الحل الانتقالي أو الإطاري بشقّه الأمني وبالتالي فرضها على السلطة ورئيسها ومفاوضيها. لذلك تقاطعت هذه التصريحات عند مسألتين: الأولى وقف المفاوضات ورفض الحل الأميركي والثانية إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بكل استحقاقاتها وعناوينها.

وعند كتابتي خاتمة المقالة جاء خبر الإفراج عن الأسير المناضل البطل سامر العيساوي مانديلا فلسطين من سجون الاحتلال «الإسرائيلي» رغماً عن أنف نتنياهو وائتلافه الحكومي. أتوجه بتحية التبريك والتهنئة على هذه المفخرة الفلسطينية التي جسّدها المحرر البطل العيساوي ورفقائه في سجون العدو الذي شكل بإضرابه الذي امتد طويلاً معركة انتصرت فيها الأمعاء الخاوية على غطرسة وجبروت المحتل وقادته.

وأطلب من السلطة ورئيسها ومفاوضيها أن احزموا حقائبكم وعودوا واحسموا أمركم وخياراتكم بإرادة سياسية وطنية فمن لديه شعب أمثال المحرَّر سامر العيساوي ورفقائه ليس بحاجة إلى جامعة اعترف أحد أقطابها أنها جامعة نعاج لا حول لها ولا قوة.