نفق غزة المسؤولية والتداعيات
تاريخ النشر : 2013-12-24 23:44

يعيش قطاع غزة أزمة حقيقية في مياه الشرب من حيث حجم الاستهلاك وعدم صالحيتها للشرب وتلاشيها على الأمد البعيد، وهو الأمر الذي حذر منه سابقا وزير الزراعة في الحكومة المقالة حيث قال أن أكثر من 95% من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب أو الاستخدام الآدمي بشكل عام، ما ينذر بانتشار العديد من الأمراض والأوبئة في صفوف المواطنين، كما طالب المواطنين بترشيد الاستهلاك حفاظا على الحد الأدنى الممكن من المياه الصالحة للشرب.

حكومة تعي درجة الخطر المحدق بالمواطنين وتحذر منه وجب عليها أن تعمل كل السبل الممكنة لدرء هذا الخطر، أو تبتدع حلول ممكنة وواقعية، أو تعلن عن عدم مقدرتها على حل مشاكل المواطنين، وبالتالي غير قادرة على إدارة الحياة اليومية للمواطنين.

عندما بدأ الحديث عن قدوم منخفض عميق للمنطقة وبأن فلسطين سينالها نصيب كبير من حمولة هذا المنخفض من مياه وثلوج سارع المسؤولون في حكومة غزة من وزارة التربية والصحة والبلديات وأولها بلدية غزة والأشغال للإعلان عن جاهزيتها لاستقبال المنخفض وأنها قامت بفحص وتنظيف مصافي الأمطار لاستيعاب الكميات المتزايدة من الأمطار، وكنت أتمنى أن يتم الإعلان عن عدة مشاريع إبداعية لاحتواء مياه الأمطار وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب في ظل أزمة المياه الحالية ولكن هذا لم يتم.

جاء المنخفض وضرب فلسطين بقوة أحدثت أضرار عديدة في الضفة الغربية تصل كلفتها الملايين نتيجة الحجم المهول للثلج الذي أصاب قطاع الزراعة، أما قطاع غزة فاتضح أن مصافي الأمطار ليست نظيفة كما تم الإعلان عنها ومناهل الصرف الصحي أغرقت الشوارع نتيجة الأوساخ التي بها، والطامة الكبرى كانت في مدينة غزة في شارع النفق المجاور لبركة الشيخ رضوان التي يتم تجميع مياه الأمطار فيها ومن ثم إعادة ضخها آنيا إلى البحر عبر مضختين إحداها متوقفة عن العمل منذ سنوات، حيث تم تعطيل المضخة الوحيدة التي تعمل مما أدى إلى تراكم مياه الأمطار من عدة أماكن في بركة الشيخ رضوان وتزايدت بشكل متسارع فامتلأت وبدأت تخرج منها المياه العادمة ومياه الأمطار نحو المنطقة المنخفضة المجاورة لها وهي شارع النفق فأغرقت الشارع بأكمله تقريبا وبه عشرات البيوت التي أصبحت تحت المياه جزئيا أو كليا مما أدى إلى خروج السكان إلى المدارس كمأوى والبعض ما زال صامدا في بيته ولكن في الطوابق العليا التي لم تصلها المياه، وما زال شارع النفق وبيوته غارقة في المياه العادمة ومياه أمطار المنخفض الذي أعلنت حكومة غزة استعدادها له حتى الآن.

هنا يثار إتهام بين أوساط العامة من سكان المنطقة بأنه تم إيقاف المضخة عمدا حتى تحدث حالات غرق تصلح للبكاء على معاناة الغرقى من قبل المسؤولين لاستجلاب الدعم من الخارج، شخصيا أستبعد ذلك وأقول بأن السبب هو إهمال من قبل المسؤولين بدءا من رئيس البلدية وحتى الشخص المسؤول عن تشغيل تلك المضخة، ويجب محاسبتهم عن معاناة الناس ومحاسبة كل من أعلن عن جاهزية مؤسسته وهو غير جاهز بالمطلق لما فيه من استخفاف بعقول المواطنين، ولو حدثت تلك الكارثة في دولة محترمة لديها حكومة قادرة على إدارة شؤون المواطنين لتم محاسبة شريحة واسعة من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس البلدية، فالمحطة تم إيقافها فعلا، أما السبب فهو غير معلوم بعد، وإن كانت الحجة نقص الوقود فالحكومة هي المسؤولة عن أزمة الوقود وليس الناس الأبرياء.

جدير بالذكر أن بيوت الأسر المتضررة لن تصبح صالحة للسكن بعد أن تنحصر المياه عنهم لأنها ضربت الأساسات، والمصانع والمحلات كلها أعدمت، فهل سيتم تعويض المتضررين بالحجم الحقيقي لضررهم أم هي أزمة وستنقضي بأقل التكاليف.

 

[email protected]