الدولة والهوية
تاريخ النشر : 2013-12-23 12:22

تغييرُ أي واقعٍ منوط بفهمه وإدراكه جيدا ومن ثم امتلاك إرادة التغيير والبدء الجدي به، ولأن الواقع الفلسطيني يختلف تماما عن مثيلاته في أرجاء المعمورة فتقع مسؤولية كبيرة على كاهل المثقفين والمُدركين لحقيقة الأمور في نشرها للعموم.

الاحتلال وتحكمه بالموارد الفلسطينية والقدرات الإنتاجية وإفشاله للبنية التحية (ماء وكهرباء واتصالات)، واستمراره في حرمان سكان القدس الشرقية من الخدمات والتزامات حكومة الاحتلال تجاههم بالطريقة التي يجب أن تتساوى فيها مع سكان القدس الغربية وغيرها، بالإضافة إلى استمرار الاستيطان وعمليات التهويد لما تبقى من ملامح عربية في مدينة القدس والمدن الفلسطينية المحتلة عامي 1948 و1967، والمضي قدما في الحفريات في المسجد الأقصى، ومواصلة الاعتقالات والانتهاكات الإسرائيلية بحق المواطنين الفلسطينيين من جهة.

والصراع الفلسطيني الفلسطيني الذي لا يخدم إلا الاحتلال وذوي المصالح الشخصية الضيقة، والانقسام داخل الانقسام السياسي نفسه، وتعميق العنصرية في صميم الفصيل نفسه طبعا كل فصيل على حدة، فترى فتح نفسها وهي أكبر حركات التحرر الوطني متجهة نحو تيارات أو حتى مسالك من العنصرية لعوامل النهج (مع أوسلو أوضد، مع القائد الفلاني أو العلاني) والجغرافيا (شمال وجنوب) والفئة العمرية (جيل قديم وآخر جديد) وغيرها، كما ترى حركة حماس التي تتولى زمام الأمور في قطاعنا الحبيب منقسمة بين قياداتها في الداخل والخارج وبين التشدد الايدولوجي المترجم في السلوك والتعامل مع مواطني القطاع واتباع أساليب التصفية الجسدية والإقصاء والتهميش بستار وطني أو أخلاقي، كما تَغَني الفصائل الأخرى بأمجاد ماضيها وانشغالها بورشات العمل مع الجهات الأجنبية والخطابة الجميلة من جهة أخرى.

كل ما أنف ذكره من عناصر ترتبط بالاحتلال بشكل مباشر وباليد الفلسطينية أيضا بشكل مباشر، إنما هي عوامل دفن الهوية الفلسطينية في الوقت الذي تسعى فيه فلسطين جاهدةً لبناء دولتها.

لا اعتقد أن لاجئي فلسطين في مخيمات اللجوء والشتات بما يعيشونه من واقع أقل ما يوصف بالأسود يرضيهم بعد كل أعوام الانتظار والمعاناة بان يكونوا ذكريات من تاريخ فلسطين ونكرات في دول تواجدهم، ولا اعتقد أن تكون المعابر المفتوحة وتوفر الغاز والكهرباء والوقود هي أقصى طموحات الشعب الفلسطيني.

فلا تصنعوا دولةً بلا هوية.