الأمن السياسي أولاً....
تاريخ النشر : 2013-12-22 19:29

واضح من خلال كل المعطيات و الحيثيات أننا نصعد إلى مرحلة مفصلية حاسمة في نضالنا الوطني، و أن الترتيبات جارية على قدم و ساق أميركياً، بحكم أن الولايات المتحدة هي الوسيط في المفاوضات الحالية المتعثرة، و هي الوسيط في عملية السلام، و بالتالي فإن المنطقة كلها، بل العالم كله ينتظر الخطوات التي سوف يقدم عليها وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" من خلال الصفقة التي سيطرحها لاستئناف المفاوضات، و الوصول بهذه المفاوضات إلى النتيجة المتوخاة، و هي آتفاق سلام نهائي و ليس مؤقتاً، بقيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة قابلة للحياة بحدود نهائية و ليس حدوداً مؤقتة، تكون قادرة على القيام بالتزاماتها الأمنية تجاه نفسها و تجاه جيرانها.

هذا الموعد الذي ينتظره الجميع لن يطول كثيراً، ربما يكون في بداية العام المقبل، و لكن هذا الموعد ليس محاطاً بنوايا طيبة و ظروف بريئة من الجميع، فهناك المعطلون، و المغتصبون، و المعتدون من الجانب الإسرائيلي الذين عودونا أن يحاولوا باستماته جعل الطريق مزروعاً ليس فقط بالأشواك، بل مزروعاً بالألغام أيضاً.

نحمد الله أن السلطة الوطنية الفلسطينية، و من خلال جهد مثار استطاعت في السنوات الأخيرة، و رغم فداحة الانقسام الذي خططت له الإسرائيليون أصلاً، و تبنته بعض الأحزاب في المنطقة، و سقطت في حفرته حركت حماس، و لكن السلطة استطاعت أن تحصل على كثير من الشهادات الإيجابية بخصوص مستوى الإدارة و الشفافية و البنية التحتية و الإنجاز الأمني أيضاً لأجهزتها المتعددة، و لكن المفصل الأساسي و النوعي الذي نحن ذاهبون إليه يحتاج إلى مزيد من الجهد و اليقظة، و أن نعيد ترتيب أولوياتنا و خاصة على الصعيد الأمني بحيث يكون الأمن السياسي أولاً.

أقول ذلك، تعليقاً على الحادث الأمني المؤلم و الأختراق الأمني الخطر الذي تعرض له في الأيام الأخيرة أخي و صديقي العزيز الدكتور محمود الهباش وزير الأوقاف و الشئون الدينية، حين تمكن مجرمون من إطلاق ثمان و عشرين طلقة من رشاش آلي باتجاه مكتبه في الوزارة، بعض هذه الطلقات لامست كتفه الشمال، و رسغ يده اليمنى، دلالة على وضوح القصد الإجرامي، و إختراق المنفذين، و لولا عناية الله سبحانه و تعالى لكانت نتائج مأساوية، و لكانت الرسالة سلبية جداً.

الأمن السياسي هو الذي يعتمد على المعلومات و تحليلها، و على قراءة الأحداث و استنباط التوقعات، خاصة و أن الالتزامات الأمنية و القدرة على القيام بها هي واحدة من النقاط الرئيسية التي يثيرها الأشد بغضاً و تطرفاً في هذا الائتلاف الذي يقوده نتنياهو.

مازلنا نترقب نتائج التحقيقات و التحريات، و نأمل أن تكون النتيجة قريبة و حاسمة، و أن يسجل الحادث كله في قائمة الانتباه الشديد، و القيام بكل ما يلزم، و إقامة سد قوي أمام أية اختراقات أمنية من هذا النوع.

حمداً لله على سلامة الأخ و الصديق العزيز الدكتور محمود الهباش، الذي يتصف بالشجاعة، و الذي ينتمي إلى مشروعنا الوطني الذي يستحق كل التضحيات.