ائتلاف دولي إخواني ضد مصر
تاريخ النشر : 2013-12-22 10:19

"إن الله لينصر الدولة الكافرة بعدلها على الدولة المسلمة بما يقع فيها من مظالم"، هذه المقولة الخالدة تلخص قيمة العدل في تاريخ البشرية، فالعدل يكفل لكل فرد، أو جماعة، أو أمة قاعدة ثابتة للتعامل، لا تميل مع الهوى، إنما تمضي في طريقها نحو الحق بالمبادئ التي تكفل تماسك الجماعة والجماعات؛ ليشمل محيط الحياة في علاقات الناس جميعاً . وحين تكون الكينونة الإنسانية في الوضع الذي يطابق "العدل" تكون في أوج قوتها الذاتية، مما تتأثر به وتؤثر فيه، وبذلك تحقق للإنسان كرامته الحقيقية وحريته الحقيقية، وعندئذٍ تتجمع هذه الكينونة شعوراً وسلوكاً في شأن الوطن لترتفع الحياة إلى الأفق الذي يضمن لأبناء الأمة تلك الحريات والضمانات التي يكفلها الدستور، وتحميها الضمانات القضائية والتشريعية .

ولكن إذا غابت العدالة دخل الاستبداد، ولا يدخل وحده إنما يصحبه الإرهاب والبطش والترويع، عندئذٍ يخضع الناس لسيطرة المستبد، والارتداد إلى التخلف، وابتلاءات الفتنة بالانفعالات والمشاعر البشرية تجاه شتى المواقف السياسية والاجتماعية، لتنشئ ذلك المستنقع من الأحقاد في قلوب أبناء المجتمع، حتى تكبر وتتضخم، ومن ثم تحجب عن ضمائرهم هول الفتنة وبشاعتها، فتندفع إلى الجريمة والعنف، تارة باسم الدين، وتارة باسم العدالة وقيم الحرية والكرامة، من خلال الفتاوى والأفكار التي تتلبس بالإسلام، وتكفر كل مخالف بمفهوم المقدس المستبد الذي أصبح يطفو على سطح المشهد الراهن في مصر، بل تجاوزت هذه المنظومة الفقهية إلى اللجوء إلى المحاكم العالمية؛ لإثارة الفتنة والتحريض على بذر بذور الشقاق والتنافر بين مختلف أبناء الشعب المصري، ما يعرض سلامة أبناء مصر للخطر، من دون مبالاة بما وراء هذه الفتنة التي سيقت للانتقام، برسم جميع المؤشرات القانونية والتنظيمات .

ولا يمكن أن تتحرك هذه الجهات في فراغ، فهي مكونة من أشخاص ومجموعات وفئات قانونية وسياسية لمواجهة السلطة الحاكمة في مصر، فقد انعقد في اسطنبول يوم الثلاثاء 19-11-،2013 ما يسمى "الاجتماع التنسيقي الحقوقي الدولي ضد الانقلاب في مصر"، الذي رعته الهيئة الإسلامية العالمية للمحامين، التابعة لرابطة العالم الإسلامي المعروفة الأهداف والتوجهات . وقرر المجتمعون تشكيل ائتلاف دولي لمتابعة ما أسموها، الانتهاكات الحقوقية في مصر . وفي بيان تلاه محمد جميل مدير ما يسمى "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" كشف المشاركون في الاجتماع عن تحضير ملف مفصل زعموا أنه يحتوي كافة الانتهاكات المرتكبة بحق المصريين في الفترة الماضية، وتدعيمها بأدلة وشهادات موثقة من شهود عيان، ومنظمات دولية حقوقية، وأخرى عربية ومصرية . وتضم قائمة المتهمين لدى هؤلاء، قادة عسكريين ومدنيين تولوا السلطة بعد ما يسمونه ب"الانقلاب"، إضافة إلى العديد من الصحفيين والسياسيين ورجال الدين، خاصة الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية السابق . وطبعاً سيعمل المحامون في الهيئة الإسلامية العالمية، على رفع دعاوى ضد هؤلاء أمام محكمة الجنايات الدولية، في مسعى منهم للنيل من إرادة وعزيمة الجيش المصري، ومن ثمّ إضعاف الدولة المصرية .

وجاء في بيان ما يسمى "المؤتمر التنسيقي الحقوقي"، أنه سيقوم بتجميع الأدلة الوثقية بالجرائم لملاحقة المسؤولين أمام المحافل الدولية، وتشكيل تحالف حقوقي دولي ضد مرتكبي ومنتهكي الحريات بمصر . وقرر المؤتمرون تأسيس موقع لتلقي البلاغات والأدلة وإعداد ملف حول الانتهاكات التي تمت ضد الإنسانية، على حد قولهم، لتوثيق تلك الجرائم ومساندة الجهود التي تهدف لملاحقة رموز الدولة المصرية قضائياً في مختلف دول العالم . وفي السياق نفسه يسعى فريق محامين دوليين ببريطانيا بدعم من الإخوان إلى مقاضاة قادة عسكريين ومدنيين تولوا السلطة بعد عزل الرئيس مرسي .

بيان الهيئة الإسلامية في غاية الأهمية والخطورة، وقد تمت صياغته صياغة سياسية وقانونية، لإحراج الخصوم، وإضعاف مركزهم ؛ بحيث يسمح للإخوان بالذهاب إلى أي طرف دولي . ويشكل التعاون والتنسيق بين بعض الدول المساندة للإخوان مصدر قوة حقيقية إلى حد تشكيل قنوات دعم سياسية وقانونية، لكسب تعاطف المجتمعات المدنية التي تحترم الشرعية . لذا يجب على الدولة المصرية، شعباً وحكومة، وناشطين، اتخاذ الحذر، وعدم الاستهانة بتصرفات هؤلاء بشكل جدي، وشن حملة دبلوماسية، وإعلامية كبرى ضد تآمر هؤلاء، وأن تكون هناك دعاوى مقابل دعاوى أخرى مضادة من الحكومة المصرية . ويتوجب على الدعاة والمسؤولين السياسيين التصدي لهذه الاتهامات الواهية .

عن الخليج الاماراتية