مقالات تركيا الإسلامية قبل الثورة السورية وبعدها
تاريخ النشر : 2013-10-09 10:58

أثارت تركيا "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي أو المحافظ تساؤلات كثيرة في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم الأوسع، وخصوصاً بعد اندلاع الثورة السورية على نظام الأسد ثم تحوّلها حرباً أهلية مذهبية. تركّزت التساؤلات على نوع إسلامية الحزب المذكور، أي هل هي "حديثة"، تحترم الديموقراطية وتصلح أن تكون قدوة للعاملين على تغيير أنظمتهم المستبدة في المنطقة؟ وتركزّت أيضاً على قدرته على تقديم مساعدة فعلية للشعوب الثائرة وخصوصاً بعدما رفع سقف توقعاتها منه أولاً، جراء مواقفه المتشددة حيال "الطغاة". وثانياً، بسبب ما تمتلكه تركيا المحكومة منه ديموقراطياً من إمكانات عسكرية كما بسبب تحالفاتها الدولية المهمة. وتركزّت أخيراً على مستقبل الحزب المذكور في تركيا بعد أكثر من عقد على حُكمِه لها حقق خلالها إنجازات متنوعة أبرزها الإقتصادي، كما تركزت على الإنجازات نفسها.


طبعاً تبقى التساؤلات دائماً أكثر سهولة من الأجوبة. لكن المتابعة الدقيقة والإحتكاك الدائم بالجهات المعنية أو ببعضها يسمحان بتقديم أجوبة وإن غير نهائية. ينطلق مُقدِّمو الأجوبة من الثورة السورية وتحديداً من موقف تركيا "العدالة والتنمية" منها، فيوزعونها على محاور ثلاثة. الأول، تركيا قبل الثورة. الثاني، تركيا بعدها. والثالث، تركيا اليوم ومستقبلاً. يتضمن المحور الأول جوابين اثنين هما:
1 - تركيا دولة أقليمية محورية ذات اقتصاد قوي ومزدهر وقوة عسكرية مهمة وديموقراطية مستمرة في ظل حكومة "إسلامية" أو محافظة، ودولة طامحة للقيام بدور إقليمي واسع وخصوصاً بعدما بدأت التيارات الإسلامية تنتشر في سرعة في العالم العربي والعالم الإسلامي الأوسع، وذلك رغم الاختلاف الظاهر على الأقل بين إسلاميتها وإسلامية كل من التيارات المذكورة.
2 - تركيا دولة راهنت غالبية الدول العربية على الحصول على مساعدة فعلية منها من أجل منع إيران من إنجاز سيطرتها على قلب العالم العربي بدءاً بالعراق ومروراً بسوريا ولبنان وبعض فلسطين كما على خليجه. ولهذا السبب تخلّت (موقتاً) دولتان عربيتان كبيرتان وقياديتان عن "تحفظاتهما التركية" وأبدتا استعدادهما لقبول مساعدتها بل لطلبها لمواجهة إيران، وخصوصاً بعدما اتخذت إسلاميتها طابعاً فارسياً ومذهبياً في رأي العرب.
ويتضمن المحور الثاني جوابين اثنين ايضاً هما الآتيان:


1 - بدت تركيا بعد الثورة السورية المستمرة دولة أخطأت الحسابات مرتين. الأولى عندما ظن رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته داود أوغلو أنهما قادران على إقناع الرئيس بشار الأسد بتنفيذ إصلاح ينهي الثورة السلمية. ودلّ ذلك على جهل لشخصيته ولطبيعة نظامه. والثانية عندما ظنّا أن رفعهما الصوت بالتهديد السياسي والعسكري سيخيف الأسد فينفّذ إصلاحاً أو يتخلى عن السلطة. وبدا أيضاً في ضوء ذلك كله أن تركيا فقدت تأييد الشعوب العربية والإسلامية لها أو بالأحرى رهانها على مساعدتها بل إيمانها بقدرتها على المساعدة.
2 - بدت تركيا دولة تعاني ضعفين أساسيين وجدّيين داخليين يمكن الحرب الأهلية المذهبية الدائرة في سوريا أن تجعلهما مرضين مستعصيين على المعالجة، ومهددين لوحدة تركيا وازدهارها الإقتصادي أو على الأقل لاستقرارها السياسي والأمني، وتالياً فاتحيْن الباب أمام كل المتضررين في الداخل من الحكم الإسلامي أو المحافظ فيها. المرض الأول ثورة الأكراد الأتراك التي نجح الأسد وحلفاؤه في توظيفها وإن جزئياً ضد الحكومة التركية. والمرض الثاني هو استيقاظ الشعور الأقلوي عند العلويين الأتراك بعدما كان النظام العلماني جعلهم جزءاً أساسياً من النسيج الشعبي التركي، وأظهرت ذلك مطالباتهم بحقوق ثقافية للمرة الأولى. ويعني ذلك أن حقوقهم كانت مُصانة ولم تعد كذلك. وعدد الأكراد 15 مليوناً. وعدد العلويين الأتراك يراوح بين 18 و20 مليوناً. أما العلويون من أصل سوري فعددهم بين مليون ونصف مليون وثلاثة ملايين.
أما المحور الثالث ففيه الجواب الآتي:
- لا تعني أجوبة المحورين الأول والثاني أن تركيا صارت قريبة من الإنهيار. فهي لا تزال قوية. ولا تزال أميركا حليفاً لها وشريكاً في حلف شمال الأطلسي. وستبقى دولة إقليمية كبرى ذات دور أو أدوار في المنطقة. وتعكس ذلك أمورٌ عدة أبرزها قرار أميركا مدّها بكل ما تحتاج إليه من مساعدات متنوعة ومنها العسكرية.
ماذا يجب أن تفعل تركيا أردوغان – أوغلو لكي تتجاوز مصاعبها الحالية وتستعيد تألق دورها؟
عن النهار اللبنانية