«المؤامرة!»
تاريخ النشر : 2013-12-13 09:20

لا يمكن تصديق أن أميركا بمخابراتها ومخبريها في هذه المنطقة لا تعرف أن "النصرة" و"داعش" وباقي التنظيمات الإرهابية الكبيرة والصغيرة من صناعة المخابرات السورية بمشاركة إيرانية مثلهما مثل "حزب الله" وفيلق "أبو الفضل العباس" ولواءي "ذو الفقار" و"عصائب الحق" وأكثر من خمسة تشكيلات طائفية ومذهبية أخرى، ثم لا يمكن تصديق أن أميركا وبريطانيا لا تعرفان أن "النصرة" و"داعش" لم تخوضا معركة واحدة، بل ولم تطلقا رصاصة واحدة ضد جيش بشار الأسد وأجهزته وفرق أعوانه ومؤازريه الطائفيين، الذين جاءوا من العراق ومن لبنان ومن إيران نفسها... وأيضاً من اليمن وبعض الدول الخليجية.
وكذلك فإنه لا يمكن تصديق أن أميركا وبريطانيا لا تعلمان مسبقاً بالهجوم الذي شنته المجموعات الإرهابية والمتطرفة على مقرات الجيش الحر في منطقة "باب الهوا" على الحدود التركية، وأن هذا الهجوم قد تم بتخطيط من المخابرات السورية والإيرانية، وأن الهدف هو إظهار هذا الجيش الحر عشية انعقاد "جنيف 2" المفترض، أنه لم يعد يضم معارضين سوريين معتدلين، وأن المعارضة باتت هي هذه المجموعات المتشددة التي لا يجوز أن تحضر "جنيف 2"، وبالتالي فإن المعارضة الوحيدة المؤهلة لأن تكون طرفاً في "الحوار" المنشود والحلول المقترحة هي معارضة الداخل بقيادة رفعت الأسد وقدري جميل المعروفة بأنها تسعى، منذ البدايات، لإعادة صياغة نظام بشار الأسد ليصبح بالإمكان تسويقه في الداخل والخارج.
وما يؤكد، وليس ما يبعث على الشكوك فقط، أن الأميركيين والبريطانيين متورطون في مؤامرة قذرة تتلاءم وتستجيب للاتفاق الأخير الذي جرى توقيعه بين إيران والـ "1+5"، والحقيقة أنه بين الإيرانيين والأميركيين، هو أن هاتين الدولتين قد سارعتا بمجرد سيطرة المجموعات الإرهابية على "مستودعات" الجيش الحر في باب الهوا إلى تعليق مساعداتهما "من غير الأسلحة الفتاكة" إلى هذا الجيش، ولعل ما يعزز انخراطهما في مؤامرة قذرة بالفعل أن مبادرتهما السريعة إلى هذا "التعليق" تدل على أنهما كانتا بانتظار حصول ما حصل!
وهذا يدل على أن الاتفاق الأخير بين إيران والـ"1+5"، والصحيح بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، له جوانب وملحقات خفية، وأنه مؤامرة ستكشفها الأيام، كما كشفت اتفاقيات سايكس - بيكو سيئة الصيت والسمعة، ليس ضد سورية والشعب السوري فقط، بل ضد الأمة العربية التي تغط بعض دولها في نوم "عميق" وكأنها لم تسمع بذلك المثل القائل: "أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض"، ومَن لا يبادر إلى إطفاء النيران التي تشتعل في بيت شقيقه فستصل ألسنة النيران هذه إلى بيته هو لا محالة.
الآن هناك قوات نظامية إيرانية تقاتل على الأراضي السورية، وهناك فيلق القدس و"أبو الفضل العباس" و"ذو الفقار" و"عصائب الحق" وكل هذه الفيالق والألوية التي يزيد عددها على تسعة تشكيلات عسكرية قتالية، مُشكَّلة من أفراد وضباط الجيش العراقي على أسس طائفية، وكل هذا بالإضافة إلى ميليشيات "حزب الله" وباقي الشراذم المذهبية المستوردة من كل حدب وصوب، بالإضافة إلى الخبراء الروس... لكن مع ذلك فإن العرب بأغلبيتهم: "ينامون على خرِّ آذانهم" ويرفعون شعار: "حايد عن ظهري بسيطة" ولذلك... ويقينا لن يصحوا من غفوتهم هذه فإنهم كلهم سيصبحون "مناذرة" هذا العصر الذين سيعاملون كعبيد أذلاء في "إيوان" كسرى!
كيف يُترَك الشعب السوري ومعارضته الوطنية المتمثلة بالجيش الحر و"الائتلاف" فريسة لكل هذه الجيوش الغريبة التي تقاتل الآن على الأراضي السورية؟! ثم لماذا "يفْرُش" العرب على كل هذا التآمر الدولي على دولة عربية أساسية؟!
إنها مؤامرة القرن الواحد والعشرين والألفية الثالثة... ولكن الله سينصر الفئة القليلة المؤمنة على هذه المؤامرة الكونية القذرة... واللهم اشهد... اللهم اشهد!

عن الجريدة الكويتية