من أجل فلسطين
تاريخ النشر : 2013-12-12 11:36

أتمنَّى ألاَّ تكون التصريحات التي نُسبت إلى رئيس سلطة المياه الفلسطينية شدَّاد العتيلي حول إتفاق «قناة البحرين» صحيحة وأنها لا تمثل «السلطة الوطنية» إذا كان فعلاً قد أدلى بها فهذا الإتفاق الذي أعتبر «تاريخياً»، وهو كذلك، يهم الأشقاء الفلسطينيين بمقدار ما يهم الأردنيين وربما أكثر لأنه يؤكد حقاً لهم في البحر الميت لم يعُد متنازعاً عليه ولأنه يعزز الإصرار على أن الحلَّ المقبول مع الإسرائيليين يمثل كل الأراضي الفلسطينية التي أحتلت في حرب حزيران (يونيو) العام 1967.
كانت عقدة هذا الإتفاق التي إستغرق حلها سنوات طويلة أنَّ الإسرائيليين حاولوا التملُّص من أن يكون الأشقاء الفلسطينيون الطرف الثالث ولعل ما من المفترض أنَّ هؤلاء الأشقاء يعرفونه تمام المعرفة هو أنه بينما كان المزايدون وتجار الكلام يتبغددون برغد العيش «الهنيئ» إنْ هنا وإن في العواصم البعيدة كان هذا البلد، الممكلة الأردنية الهاشمية، يخوض حرباً ضروساً من أجل تثبيت أن لهؤلاء الأشقاء كل الحق في إتفاقٍ تاريخي فعلاً سينعكس على المسيرة السلمية إن في المرحلة الراهنة وإنْ في المراحل المقبلة القريبة والبعيدة.
وللرد على الذين إمتهنوا «الرَّفض» إما للإرتزاق الرخيص، الذي من أجله باعوا «القدس» الورقية في أسواق النخاسة التي كان أرادها «أبو عمار» منبراً عربياً ودولياً للدفاع عن المدينة المقدسة وعن القضية الفلسطينية، وإما لإثبات الوجود الذي كان متهالكاً وأصبح أكثر تهالكاً.. فإن لابد من تكرار السؤال البديل: «ما هو البديل»؟... وما هي الإنجازات التي حققها الرافضون على مدى المسيرة الفلسطينية الدامية الطويلة التي سقط خلالها مئات الشهداء الأبرار..؟!
حتى الآن فإنَّ الذين لو لَمْ تعدهم إتفاقيات أوسلو، التي بإمكان الذين يتفرجون من الخارج أنْ يقولوا فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، لبقوا يعيشون حياة المنافي المذلة وبدون أي إنجاز لهذا الشعب المكافح العظيم.. لا زالوا يشتمون هذه الإتفاقيات بدون أن يكلفوا أنفسهم بالسؤال عن البديل عندما أُخرجت «الثورة» من لبنان ونُثر أبطالها في المنافي البعيدة وأصبحوا ينتظرون مصيراً لثورتهم كمصير الثورات السابقة التي كانت إنتهت نهايات مأساوية دون أن تحقق أي إنجاز لهذه القضية المقدسة.
وبالطبع فإن الذين يزايدون الآن كما كانوا يزايدون في السابق لا يهمهم أن الشهيد العظيم ياسر عرفات (أبو عمار) كان قد «هرب».. نعم هرب بالقرار الوطني الفلسطيني بعد إخراجه وإخراج قواته من بيروت ولبنان وبمؤامرة دولية مكشوفة إلى تونس وأنه عاد إلى طرابلس اللبنانية من أجل أنْ يبقى هذا القرار بيد منظمة التحرير وأنه أُخرج بقوة تحالف شيطاني شاركت فيه بعض التنظيمات التي تدَّعي أنها فلسطينية وللأسف لتمسكه بهذا القرار الذي إنتقلت مسؤولية التمسك به إلى الأخ (أبو مازن) الذي لا يستطيع أيٌّ كان المزايدة لا على وطنيته ولا على فهمه لطبيعة الصراع مع إسرائيل في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة.
إنه لا يستطيع أيٌّ كان المزايدة على الشهداء العظماء أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وهايل عبد الحميد (أبو رضا) وسعد صايل (أبو الوليد).. وقبلهم أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر.. فهؤلاء هم منْ عبَّد هذا الطريق الذي يسير عليه محمود عباس (أبو مازن) الذي كان شريكهم ورفيق دربهم الشائك الطويل منذ البدايات ولهذا فإنه لا يحق لكل المرتزقة وبخاصة الذين أجَّروا أقلامهم وباعوا «القدس العربية» التي أرادها (أبو عمار) منصة كفاح من اجل الدفاع عن القدس الشريف أن يرفعوا عقائرهم ويشتموا إتفاقية البحرين، الأحمر والميت، كل هذا الشتم وكما شتموا ولا زالوا يشتمون إتفاقية أوسلو التي لولاها لأصبحت هذه القضية المقدسة نسياً منسياً ولما عادت كل هذه الألوف المؤلفة بعد توقيعها إلى فلسطين الحبيبة ولما كان هناك إعتراف بدولة فلسطين تحت الإحتلال ولما أصبحت فلسطين عضواً في العديد من الهيئات الدولية ولما كان هناك كل هذا التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين المقدسة.

عن الرأي الاردنية