غزة : والنساء لهن نصيب الضرب.. حتى داخل المستشفى
تاريخ النشر : 2013-12-07 13:07

أمد/ غزة -  محمد عوض : كثيرة انتهاكات سيادة القانون، بخاصة من قبل الموظفين المكلفين إنفاذ القانون، واحترام نصوصه، وحماية أملاك وأعراض المواطن وتوفير الأمن والأمان لهم. وفي ظل ضعف الرقابة، أو عدم فاعليتها، يتم الاعتداء، ليس فقط، على القانون، بل وأيضاً على أملاك الناس وحرماتهم، وحتى وسائط النقل الحكومية، وتلك التي لا يجوز اعتراضها أو ملاحقتها بحجج وذرائع شتى، وتتوالى القصص والحكايات عن أعمال مشابهات.

المواطن (س.ع) من شمال قطاع غزة، الذي تعرض لانتهاك حقوقه المكفولة وفقاً القانون المواطن (س .ع 45 عاماً) من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، الذي تعرض لانتهاك حقوقه المكفولة وفقاً القانون، يروي حكايته قائلاً إن "رجال المباحث داهموا منزله من دون أن يبرزوا بطاقة تعريف تبين أنهم يتبعون جهاز المباحث، وليس لديهم إذن من النيابة العامة كما هو مفترض في مثل هذه الحالات". ويضيف المواطن (س .ع)، الذي تم اعتقاله وأبنائه الثلاثة وتوقيفهم أكثر من 15 يوماً، وتم اطلاق سراحهم من دون توجيه أي تهمة لهم، أنه "في الثاني من تموز (يوليو) الماضي توقفت سيارة مدنية عند السابعة مساءً وترجل منها شخصان يرتديان لباساً مدنياً وتوجهوا نحوي، وطلب مني أحدهما أن أسلمه أحد أبنائي (إياد) من دون إبراز إذن لإلقاء القبض والاعتقال، فسألته هل تحمل وثيقة اعتقال فأجاب رجل المباحث أنه لا يوجد أمر قبض مكتوب ونحن نريد إياد".

 وقال (س ع) : "رفضت تسليم إياد لهم، نظراً لأنهم لم يبرزوا بطاقة تعريف تؤكد هويتهما، ولعدم توفر وثيقة اعتقال، أو إذن من النيابة العامة، وبعد دقائق من مشادة كلامية قررت أن أصطحب إياد الى مركز شرطة جباليا كي تتضح الأمور أكثر، بخاصة وأنه كان لدي ضيوف في المنزل، ولا أريد تأزيم الأمور، فرفضوا طلبي بمرافقة إياد للمركز واستدعوا قوة من شرطة المباحث الجنائية، جُلهم في لباس مدني، حيث دخلوا البيت بقوة السلاح من دون أي مبرر واعتقلوا إياد من دون إبداء الأسباب" .

وأشار، وهو يستند الى عكازين بسبب كسور في ساقيه ، الى أن "اقتحام المنزل بهذه الطريقة وإطلاق أحد رجال المباحث من سلاحه الناري حوالي 20 عياراً نارياً في شكل متقطع، فخفت أن يصيبني الرصاص وهربت داخل منزلي، نظراً لأن الأمور أخذت تتجه نحو الأسوأ، وقفزت من فوق سور يفصل منزلي عن منزل شقيقي، فانهار السور في شكل كامل على جسدي، ما أدى إلى إصابتي بكسور ورضوض في ساقاي ويداي ، ما استدعى الأمر طلب سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر من قبل الجيران الذين تجمعوا على صوت إطلاق النار".

 شجاعة سائق سيارة الإسعاف وواصل ابو أياد روايته: "عندما أخرجتني الطواقم الطبية والجيران من تحت أنقاض السور المنهار، حاول رجال الشرطة والمباحث اعتقالي ونقلي بواسطة سيارة الشرطة إلى مركز الشرطة، على رغم أنني ممد على النقالة، فرفض الجيران وتجمعوا حول سيارة الإسعاف ووضعوني داخلها، حينها صعد رجلان من المباحث إلى سيارة الإسعاف، ووضع أحدهما يده على فمي في محاولة لمنعي من الصراخ، وطلب الأخر من السائق التوجه إلى مركز شرطة جباليا بسرعة، لكن السائق رفض ذلك وقال لهم أنا سأنقله الى مستشفى كمال عدوان وبعدها أنتم أحرار ".

 وتابع "بالفعل تم نقلي إلى مستشفى كمال عدوان بسيارة إسعاف وبمرافقة رجال المباحث والشرطة، ومن ثم قاموا بتصوير قدماي بعدها تم الاعتداء عليّ داخل المستشفى بالضرب المبرح أمام المرضى والممرضين، وهنا طلب أحد المواطنين المتواجدين فيه منهم بالتوقف عن الضرب، وقال لهم: أنا سأتوجه بشكوى رسمية الى داخلية حماس على هذه الأفعال، فطردوه عنوة من المكان، وبعد ساعات تم نقلي إلى مركز شرطة جباليا".

 ضرب النساء وتكمل زوجة المواطن (س.ع) القصة، وتقول إن "رجال المباحث اقتحموا المنزل وفتشوه من دون أن يعثروا على أي شيء، على رغم أنه لم يكن في داخله سوى أنا وبناتي، وتم الاعتداء علينا بالضرب المبرح، وتم نقلي إلى مستشفى كمال عدوان لتلقي العلاج اللازم، وهناك رأيت زوجي برفقة رجال المباحث داخل قسم الاستقبال تحت حراسة مشددة، وكان يعاني من إصابات في قدميه نتيجة انهيار السور عليه".

وأضافت أنه "في صباح اليوم التالي جاءت قوة كبيرة ترتدي الزي العسكري لجهاز الشرطة الخاصة التابعة لحركة حماس ، حيث طلبوا من شقيق زوجي الإذن بالدخول وتفتيش المنزل مرة أخرى، واستغرقت عملية التفتيش أكثر من نصف ساعة ولم يجدوا شيئاً".

 (ر. ع) مواطن غزّي اقتاده عناصر يتبعون جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس من منزله، عُصبت عيناه كي لا يعرف المكان الذي نُقل إليه، وحين وصل رُفعت العصابة عن عينيه ليجد نفسه في غرفة ضيقة جداً لا تحتوي إلا على ضوء واحد، وأمامه محققان، بعدها، انهالت عليه الأسئلة التي تركزت حول الادعاء أنه أرسل عدداً من التقارير إلى "حكومة رام الله" لقطع رواتب الموظفين التابعين لها، حسبما قال.

 سألوه: "ما هي آلية التواصل بينكم؟"، و"ماذا أعطوك في المقابل؟". التزم "ر. ع" الصمت دقيقتين لاستيعاب الأمر والصدمة من الأسئلة، غير أن الأيدي باغتته من كل حدب وصوب، ولكموه في وجهه، وضربوه بعصى ضرباً مبرّحاً على جسده. استمر التحقيق معه مدة 15 يوماً في زنزانة ضيقة لا تصلح للعيش، وهو يصرّ على أقواله ويؤكد لهم أن لا علاقة له بما نُسب إليه.

 وبعد مصادرة أجهزته من بيته وتفحص المعلومات من قبل الأمن الداخلي، أُفرجوا عنه بعد توقيعه على ورقة بعدم التدخل في أي أمر من شأنه زعزعة الأمن في غزة، على حد قوله.

 ويقول سمير زقوت منسق وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة إن "المادة 39 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لعام 2001 تنص على أن دخول المنازل وتفتيشها عمل من أعمال التحقيق لا يتم إلا بمذكرة من قبل النيابة العامة أو في حضورها، بناءً على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها، أو لوجود قرائن قوية على أنه يحوز أشياء تتعلق بالجريمة ويجب أن تكون مذكرة التفتيش مسببة و تحرر المذكرة باسم واحد أو أكثر من مأموري الضبط القضائي".

 ويضيف زقوت أنه "استناداً الى المادة رقم 31 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على استصدار أمر قبض وإحضار من النيابة في حال ثبوت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة تزيد عقوبتها على الحبس ستة أشهر، جائز لمأمور الضبط القضائي أن يطلب من النيابة العامة إصدار أمر القبض عليه".

 الشرطة تحقق في المخالفات المتحدث الرسمي باسم  شرطة حماس في غزة أيوب أبو شعر قال إن "الشرطة تمارس عملها من أجل ملاحقة ومتابعة المجرمين في شكل عام والمخالفين للقانون، وتسعى الى فرض القانون في جميع أنحاء قطاع غزة وتنفذ بعض العمليات والمهمات بعد استكمال كل الإجراءات القانونية".

 وأضاف أبو شعر: "أما بخصوص هذه القضية، فإنه لا يمكن أن تكون الشرطة داهمت المنزل إلا بإذن من النيابة العامة، ولم تصلنا شكوى من هذا المواطن بهذا الأمر".

 وأشار الى أنه "بإمكان أى مواطن يدعى أن الشرطة اقتحمت منزله من دون اكتمال الإجراءات القانونية أن يتقدم بشكوى، ولدينا جهات رقابية فى جهاز الشرطة و الداخلية تراقب سير عمل الشرطة فى كل محافظات غزة، وفي حال ثبت ادعاء المواطن بدخول القوة المنزل من دون إذن قضائي ستتم محاسبة الضابط الذى قام بذلك حسب اللوائح والقوانين المنصوص عليها".

ولفت إلى أن "هناك آليات لعمل الشرطة من خلال توفير الهدوء والراحة من أجل خدمة المواطن، والشرطة وفرت آليات يمكن للمواطن تقديم شكاوى من خلالها، مثل موقع الشرطة عبر الإنترنت، أو بالحضور الشخصي".

 غياب المحاسبة ويرى زقوت أن "سكوت المواطنين على مثل هذه التجاوزات قد تكون نابعة من خوفهم من عقوبات قد تلحق بهم".

ويضيف أن "غياب مبدأ سيادة القانون وعدم الفصل بين السلطات أحد أهم الأسباب التي تشجع المكلفين بإنفاذ القانون والسلطة التنفيذية عموماً على تجاوز محددات القانون، لأنهم يثقون بأنهم محميون، وأن لا سيادة للقانون وأن مسؤوليهم قادرون على حمايتهم من أي مساءلة أو محاسبة على تجاوزاتهم".

وتابع زقوت: "إن ذلك يدفع بالتأكيد إلى تغول السلطة التنفيذية وتحكمها في السلطات الأخرى، ويصبح احترام الإجراءات أمر نادر الحدوث، وإن حدث فهو لا يعدو عن كونه شكلياً، وعليه نجد تجاوزات مستمرة على هذا الصعيد، سواء في عمليات الاعتقال أو التحقيق والتدخل في الخصوصيات الشخصية من دون وجه حق، وعمليات دهم البيوت وتفتيشها، ويضطر المواطن إلى قبول هذه التجاوزات بسبب قناعته بأن محاولته الامتناع عن التجاوب قد تجر عليه عقاباً، وهو يعي أن أحداً لن يستجيب لشكواه، سواء الهيئات الرقابة الموجودة أو حتى النائب العام نفسه".