وداعاً حكيم أفريقيا .
تاريخ النشر : 2013-12-07 08:22

تجربة من الانسانية يجب أن تعرفها كل الأجيال ليتعلموا منها كيفية التعايش مع الآخر .. تجربة مليئة بكل معانى الحياة التى دعا إليها أفلاطون ونتشه والفارابى وكل أحرار العالم .. تجربة مانديلا "أبو الأمة" كما كانوا يلقبوه الذى هدفها كان البحث عن العدالة والمساواة .. مانديلا الذى دفع من حياته 27 عاماَ لتحقيق حلمه بالانتصار على العنصرية .. ها هو يغادر اليوم بعد رحلة مليئة بالمواقف والتجارب الانسانية .. فالعظام لا يرحلون .. هم يختبروا وفاء الأحرار لذكراهم وقدرتهم على حمل شعلة المسيرة .

مانديلا الذى عاش كل أشكال الحياة من حرمان وظلم وقسوة الى سلطة وجاه ونفوذ وقوة حافظ على بساطته ولم تتمكن سطوة السلطة والقوة أن تنال من حرية روحه المقاومة والمدافعة عن الاضطهاد والظلم فقد تبرع بثلث دخله السنوى للأطفال ، وحل الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية حيث ورثت حكومته عبئ كبير من هموم الشعب الذى رسم من ابتسامته أمل لمستقبل لطالما حلموا بتحقيقه .. وترأس حملة المصالحة الوطنية بعد توليه رئاسة الدولة وهو الذى اقام محكمة الصفح والعدل حينما جمع الجلاد والضحية فى قاعة واحدة وطلب من الضحية العفو عن الجلاد .

وحمل مانديلا هموم الشعوب المطالبة بالحرية وخاصة الشعب الفلسطينى فهو من أكثر الزعماء الذين دافعوا عن حق الشعب الفلسطينى بالتحرر ، ودافع عن علاقته بياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينى وقال أن منظمته فى نفس صف منظمة التحرير الفلسطينية لأنهما تحاربان من أجل تقرير المصير ، وفى عام2010 وصف الحصار على غزة بأنه غير قانونى وغير مفيد وشجع الجميع على حل قضاياه بالطرق السلمية ونبذ العنف .

وحينما قررت الأمم المتحدة يوم 18تموز/يوليو اليوم الدولى لنيسلون مانديلا للعدالة الاجتماعية ، وتخصيص 67 دقيقة من وقت كل مواطن فى هذا اليوم للدعوة للانسانية والعدالة والديمقراطية لم يكن كافياً لما طمح إليه مانديلا وربما يتطلب تخصيص هذا الوقت كل يوم وليس كل عام لتحقيق العدالة ونشر ثقافة قبول الاخر والتعريف بمفاهيم الديمقراطية وحقوق وواجبات البشر تجاه أوطانهم .

مانديلا .. تختبئ كل الكلمات فى دهاليز الذاكرة لعجزها عن وصفك .. رجل العدالة فى عالم طغت عليه أنياب الذئاب .. ورجل الدفاع عن الحق تحت مظلة بشرية سادها الظلم والاستبداد .. ورجل المساواة فى وطن لبس عباءة الإثنية والطبقية .. فى غيابك ستفقد الانسانية الكثير من أمل تحقيق العدالة .

سلامنا لروحك الصاعدة لمصافحة روح عرفات وغاندى وجيفارا وكل أحرار العالم .. وكما قال مانديلا الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرّاً أو لا يكون حرّاً ..فوصية مانديلا للعالم " أن تكونوا أحرار " .