مصر وأحلام أردوغان
تاريخ النشر : 2015-05-24 15:30

هذا المشهد رسمته ردود الأفعال على حكم بإعدام مدنيين بقضية جنائية ارتكبت في مذبحة للأمن في مصر كانت أقرب إلى الانتقام.
المدانون ينتمون إلى جماعة الإخوان والجريمة نفذت جهاراً نهاراً وهذه الجماعة والمدانين منهم كانوا حينها متحكمين بالبلاد وبرؤوس العباد.
ردود أفعال الإخوان ومن يرتبط بهم من الجماعات متعددة التسمية وجامعها الإرهاب كانت متوقعة لأنها تنطلق في الأساس من فكر دموي إرهابي لا في مصر وحدها بل في غير مكان على وجه البسيطة.
السؤال الآن: ماذا بشأن رد فعل أردوغان الذي يجمع بين رئاسة دولة وزعامة تنظيم مشبوه الفكر والانتماء ؟ ولماذا هذا الحقد البغيض على مصر دولة وشعباً ورئيس نظام؟
بالطبع المسألة لا تعود إلى جانب أخلاقي أو إنساني، والأسباب أن الأحكام الأخيرة لم تكن على معتقد ديني أو اتجاه سياسي بل نتيجة فعل إجرامي... وإلى ذلك فخطاب أردوغان غير أخلاقي لأنه يفتقده والجماعة نفسها التي تستخدم الدين لأغراض سياسية كما تستخدم ما هو إنساني لجني الأموال ومن ذلك جمع التبرعات والهبات من المحسنين باسم الفقراء الذين يصل إليهم النزر اليسير فيما يدخل الباقي في الجيوب أو يستخدم للتآمر.
هنا وفي شأن العداء الأردوغاني السافر تجاه مصر ثمة قراءات متعددة... هناك
من يرى أن أردوغان لا يحاول أن يكون في الزعامة السياسية للجماعة العابرة للقارات وحسب، بل وللعالم الإسلامي. والاعتقاد لدى أردوغان وهذه الجماعة أن الوصول إلى هذا الهدف يمر من مصر إما باحتوائها أو إضعافها وفي كلا الحالين يلتقي مع الأطراف المعادية للعرب وهي لا تحتاج إلى إطلاق أسمائها إذا كانت «إسرائيل» في المقدمة.
وهناك من يرى أن حملات أردوغان ضد مصر محاولة بائسة لإنقاذ جماعات الإخوان المسلمين في مصر الذين انساقوا بالولاء لأردوغان. ومن أنقرة كان مشروع صعودهم إلى الهاوية بعد إنقلابهم على التزاماتهم وتعهداتهم للأطراف السياسية والناخبين المصريين واندفعوا لامتلاك «دولة الإخوان» على أنقاض مصر دولة لكل أبنائها.
ومع أن القراءات في هذا الشأن عديدة غير أن الأساس في العداء الأردوغاني لمصر يعود لسببين:
الأول: أن لدى أردوغان وأركان نظامه وحزبه انشداداً للعصر الإمبراطوري العثماني ووجد هؤلاء في الوضع العربي المتدهور ما هو مغرٍ للعودة التركية إلى المنطقة العربية بغرور وتعال وتدخل في الشؤون الداخلية واللعب على الخلافات العربية البينية ومع أطراف إقليمية ودولية.
في شأن خريطة التدخلات التركية في المنطقة العربية فهي تمتد من المغرب العربي إلى المشرق... تدخلت تركيا لإجهاض الثورة التونسية وحينما فشلت زادت من نشاط تفريخ الجماعات الإرهابية وأدخلت ليبيا في حالة من التشرذم المفتوح على الانهيار، وبكل الوسائل تدعم جماعات الإخوان في مصر لإبقاء البلاد في حال عدم استقرار أمني بما يترتب على ذلك من تأثير سلبي في حياة الناس وأوضاع البلاد وتوجهات التنمية.. واللافت أنه بسبب الدعم التركي لهذه الجماعة دخلت في عداء مع الشعب المصري الذي أسقطهم تاريخياً بانتفاضة الغضب وبثورة شعبية عارمة للخروج من النفق إلى أفق مصر الجديدة الجديرة بحياة الإنسان الكريمة والسعيدة وصاروا في عداء مع الدولة ومع مصر بكيانها ومكوناتها.
وقائمة التدخلات التركية طويلة، هي في سوريا معروفة وفي العراق حيث القوات المسلحة التركية رابضة على امتداد آلاف الكيلومترات، وهم يتخفون بخداع الوعود الكاذبة والعلاقات الثنائية الرمادية مع بعض الأطراف العربية ويستغلونها في ظل الوضع العربي لزيادة مواجهتهم لمصر ومحاولة الظهور وكما لو أن المسألة قاصرة على خلافات ثنائية، مع أن الاستهداف التركي لمصر موجه لكل الدول العربية وللأمة العربية.
أما السبب الثاني لهستيريا أردوغان العدائي تجاه مصر فيعود إلى ثورة يونيو التي لم تسقط الإخوان واستئثارهم بمصير البلاد والعباد وتضع نهاية لجماعة التبعية والولاء لغير مصر وحسب، بل أسقطت خطة أردوغان لوضع مصرفي كنفها لتكون بوابة المرور التركي إلى العواصم العربية ومن ثم تحقيق مشروع إعادة الإمبراطورية التي اكتوت بنيرانها أغلبية الشعوب والبلدان العربية في سياسة وممارسة استعمارية مذلة ومهينة.
في الإجمال أردوغان والإخوان يستهدفون مصر بهويتها العربية وبمكانتها الرائدة وإمكاناتها الراسخة والحيوية والشامخة.
هنا يمكن التأكيد على أن التطاول التركي على مصر يجب أن يردع عربياً وأن يقترن هذا بمواجهة عربية لمحاولة تركيا دفع «حماس» الانسياق السريع في مشروع الانتقال من الانقسام إلى الانفصال في غزة.
عن الخليج الاماراتية