هذه هي الجولة الثامنة لوزير الخارجية الأميركي "جون كيري" إلى المنطقة، إلى إسرائيل و فلسطين تحديداً، و قد جاء هذه المرة و معه الجنرال آلن مستشاره الأمني، و كما رشح من أنباء، و خاصة من صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن هدف هذه الجولة هو إخراج المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جمودها القاتل بسبب التعنت الإسرائيلي، و هو تعنت فقد كل مبرراته، و أصبح بالمطلق خارج الزمن السياسي العالمي، فاستماتت حكومة نتنياهو لرفع هواجسها الأمنية إلى حد الهستيريا، و جاء كيري ليهدئ هذه المخاوف الأمنية الإسرائيلية المبالغ فيها إلى حد الفوبيا، و لعل حضور الجنرال آلن معه يكون وخزة لإسرائيل بأن مخاوفها الأمنية مبالغ فيها، و لا ترتكز إلى أساس موضوعي، و غير مفهومة، و هي تعبير عن عجز القيادة الإسرائيلية التي تعيش في زمن أخر لم يعد موجوداً على الإطلاق.
إسرائيل – كما رشح من معلومات – خائفة من الآتفاق الإيراني مع الدول الخمس + واحد الذي أيده العالم كله، أي أن إسرائيل خائفة من نوايا حلفائها الرئيسيين، فهم الذين توصلوا إلى الآتفاق، و هي خائفة من أن تحقيق مصالحهم يأتي على حساب أمنها المزعوم، مع أنه لولا هؤلاء الحلفاء لما قامت إسرائيل و لما كان لها أصلاً متطلبات و مخاوف أمنية!!!
و إسرائيل لا تثق بأية ترتيبات دولية بين الدولتين الفلسطينية و الإسرائيلية، و هي ترى أن هذه الترتيبات غير مضمونة حتى و لو كانت بقيادة أميركا نفسها، و تريد أن تكون الترتيبات على هواها هي، أي أن تكون موجودة بنفسها، في الأغوار، و في مرتفعات الضفة، و هذا معناه أن لا دولة فلسطينية مستقلة، و معناه أن المشكلة لم تحل و لو بنسبة واحد بالمليون، لأن أساس الحل هو أن يكون للشعب الفلسطيني دولته المستقلة!!!
و إسرائيل لا تريد أن تكون الأردن على حدود مع فلسطين، لأنها – على حد زعمها- لا تثق بالقدرات و لا الالتزامات الأردنية الأمنية!!! و حينئذ تكون الدولة الفلسطينية بالمفهوم الإسرائيلي مجرد كانتونات داخل دولة إسرائيل لا أكثر و لا أقل!!!
و إسرائيل لا تريد أن تعترف بقرارات الشرعية الدولية، و لا بقرارا الجمعية العامة قبل سنة بحدود الدولة الفلسطينية التي هي حدود الرابع من حزيران!!! و عليه فإنها لا تريد وقف الاستيطان، و لا تريد وقف هذا السلوك الرديء و الغبي في آن واحد من ممارساتها اليومية، و هي تريد من العالم أن لا يفعل شيئاً سوى الانحناء أمام مخاوفها و هواجسها و عربدة قطعان مستوطنيها، و هستيريا جماعاتها الدينية الطالع كلها من كهوف الخرافة.
و الخلاصة:
أن ماتريده إسرائيل لا يقدر عليه العالم، و لا يستطيعه العالم، لأن عالم اليوم ليس هو عالم الاستعمار الذي ولدت من رحمه إسرائيل، و لأن صيغة التوازن االعالمي لم تعد بين سادة و عبيد، بين مستعمرون و مستعمرين، فكل طرف في هذا العالم له مصالح، و هذه المصالح مرتبطة بالتوازن و بالسلم الدولي، و تبادل المنافع، و ليس تنفيذ الأوهام و الخزعبلات و الجمود عند الحالة العدوانية التي تريدها إسرائيل، و في النهاية فإن إسرائيل التي تريد أن تكون دولة يهودية، و دولة استيطانية، و دولة احتلال، و دولة عنصرية، و دولة آمنة، و دولة مشروعة الوجود في المنطقة، إنما تريد المستحيل!!! فهل يوجد في إسرائيل قوى حقيقية قادرة على تغيير هذا النمط الاستفزازي، أم نحن في انتظار كارثة؟؟؟
لا يستطيع العالم أن يكون على هوى إسرائيل!!!
تاريخ النشر : 2013-12-06 19:10