طلبة غزة بين الحصار و الموت‎
تاريخ النشر : 2015-05-20 13:46

يتوجه حوالي نصف مليون طالب وطالبة إلى قاعات الامتحانات النهائية في قطاع غزة ، وسط ظروف صحية واجتماعية واقتصادية بالغة السوء ، في ظل حصار خانق فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ ثمان سنوات .

ولم تكتفي حكومة الاحتلال بفرض أسوأ و أطول حصار عرفته البشرية في عصرها الحديث ، على حوالي مليوني فلسطيني في غزة ، أكثر بقاع اﻷرض كثافة و اكتظاظ سكاني ، وإنما قامت بشن ثلاث حروب متتالية ، تبعتها وتخللتها و تلتها أيضاً اجتياحات و قصف جوى و برى وبحري ، وعمليات اغتيال .

لقد استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها اﻷخير في يوليو العام الماضي ، الأطفال وطلبة المدارس بشكل خاص ، ودمرت ثلاثة وعشرون مدرسة تدميراً كاملاً . وأصابت مائة واثنين وأربعون مدرسة تدميراً جزئياً . وحتى مراكز الإيواء لم تسلم من الغارات الإسرائيلية الوحشية .

استشهد في العدوانين الإسرائيليين الغاشمين على غزة في عام 2008 و عام 2012 ، المئات من الأطفال ، وأصيب اﻵﻻف منهم ، ولكن العدوان اﻷخير كان اﻷعنف والأشد فتكا بالأطفال وطلبة المدارس ، حيث استشهد خمسة مائة وأربعة وأربعون طفلاً أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع ، وأصيب ثلاثة أﻻف ومئتان وثمانية وخمسون طفلاً ، بإصابات متنوعة وبليغة ، وتقدر المنظمات الإنسانية العاملة بأن نصفهم سيعانى من اﻹعاقة الدائمة .

ووفقاً لتقارير مركز الإحصاء الفلسطيني ، يشكل الأطفال حوالي 60% من السكان في حين يعانى 30% أمراض نفسية تلازمهم طلية فترة حياتهم .

وتؤكد العديد من اﻷبحاث والدراسات والتي أجرتها عدد من المراكز المختصة بأن أطفال غزة يعانون من صعوبات مزاجية خمسة أضعاف أقرانهم في المجتمعات الأخرى .

ويعاني أطفال القطاع استناداً للمصادر آنفة الذكر ، من مشاكل عديدة أبرزها ، تغييرات في الدورة الطبيعية للنوم ، ويعانون من الخوف والهلع الليلي وهلوسات ، ويعانون من اضطرابات مرتبطة بالتغذية في رفضهم للطعام ، وانخفاض الوزن ، واضطرابات في النمو ، وتغييرات عاطفية ، واضطرابات في سلوك المراهقين .

أي ذكريات سيحمل هؤلاء الطلبة وهم يؤدون الامتحانات ؟ ؟ ؟

ذكريات الدمار والقصف والخوف والموت والتشريد ، وفقدانهم لذويهم وزملائهم على مقاعد الدراسة ، أو ﻷقرانهم الذين قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية وهم يلعبون أمام بيوتهم .

أم يحملون في ذاكرتهم قوانين الفيزياء والكيمياء والرياضيات وقواعد اللغتين العربية والإنجليزية .

هل يقوم طلبة القطاع برسم صور للمستقبل ، تحمل في طياتها صورا للأمل في الحياة ، والعيش بطمأنينة ، والحلم بالأمان ، أم يرسمون صوراً للخوف من حرب قادمة ، تدق لها حكومة الاحتلال الطبول ليل نهار ، أم يرسمون صوراً لحصار ظالم فرضته حكومة الاحتلال .

هل يقوم المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية أطفال شعبنا في فلسطين والقطاع المحاصر يشكل خاص ، وذلك بإلزام إسرائيل بفك الحصار ، ووقف تزويد دولة الاحتلال بالأسلحة ، وبفرض حصار عليها حتى تنصاع لقرارات اﻷمم المتحدة ذات الصلة بتمكين شعبنا الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة ، في الحياة والحرية وإقامة الدولة والعودة .