يد ابن نايف.. وسذاجتنا
تاريخ النشر : 2015-05-17 11:53

محزن الى حد الفاجعة، ان يلفت شكل الصورة التي ظهر بها ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف ويده فوق يد الرئيس الاميركي باراك اوباما في القمة الاميركية الخليجية، اكثر مما لفتت نتائج هذه القمة وانعكاساتها على أمن المنطقة والخليج.
فمنذ لحظة نشر الصورة ومواقع التواصــــل الاجتماعي مشتعلة بالتعليقات الساخنة والمتحمسة، وكأن نصرا جـــــديدا اضيـــف لانتصارات العرب، التي يتحدثون عنها اكثر بكثير من حجمها الطبيعي، هذا اذا توافقنا على ان هناك انتصارات عربية في زمن النكسة والنكبة اللذين غسلا قليلا بالكرامة، وفي زمن داعش التي مسخت فكرة الربيع العربي.
الردود والتعليقات بعد نشر الصورة تنوعت وبرزت من خلال "هاشتاج" "كامب ــ ديفيد"، ووصلت الى ان ابن نايف يقول: نحن من يملي الشروط الآن نحن اليد العليا وأن "في عام 1979 سلمت أمريكا زمام العرب لإسرائيل، والحين يبون يسلمونها لإيران! بس ما دام ولد نايف بعد الله عندهم موجود يفشرون ويخسون" الى؛ "لن يُلدغ الخليج من أمريكا مرتين، دفعنا فاتورة حرب الخليج وخرجنا من المولد بلا حمص.. إيران لم تدفع فلسا واحدا وفازت بالعراق!".
هذه التعليقات وغيرها الكثير، تكشف عن حجم الخواء الذي يعشش في عقول بعضنا، من الذين يبحثون عن انتصارات وهمية مهما كان شكلها، وللاسف يتم استغلال افضل ما انتجت البشرية من ثورة في مجالات الاتصالات والاعلام الحديث للترويج لهذه الخزعبلات التي تكشف عن سذاجتنا وسخافتنا وخيباتنا وضعفنا.
لم تثر نتائج القمة الخليجية الاميركية التي عقدت في ظرف في غاية التعقيد، قريحة المحللين والسياسيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وانصبت التعليقات على القضـــــايا الشكلية، قبل انعقاد القمة على مكانها، ورمزية كامب ديفيد المشؤومة، وعلى طريقــــة الدعوة، وكان من المفترض ان يحضر اوباما الى المنطقة، وبعد انعــــقادها على الصور التي جمعت الرئيس الاميركي بـــــقادة الخليج، ومن ناب عنهم.
في عمق هذه القمة قضايا خطيرة للخليج لم يكشف عنها البيان الختامي للقمة الذي اتسم بالعموميات والعناوين المعروفة، عن اهمية امن الخليج للولايات المتحدة، ولم تقدم ضمانات مباشرة في مواجهة المخاطر النووية التي سوف تملكها ايران، الجار القاسي للخليج، الذي لا يخفي اطماعه في المنطقة، خاصة اذا امتلك الامكانات المالية الضحمة التي ستتوفر بيده بعد توقيع الاتفاق الاميركي الايراني في نهاية حزيران المقبل.
الرئيس الاميركي لم يخرج عن تقاليد التصريحات والبيانات المعتادة على شاكلة الوعود بتوفير مظلة حماية عسكرية اميركية للخليج اذا ما تعرضت للتهديد الايراني.
هذا الكلام والوعود، على الاقل العلنية منها، لم يعد يشتريها احد باي ثمن، وبعد ان تصدرت المصالح العلاقات بين دول العالم، وغابت العلاقات الثنائية، والصداقات والتاريخ الذي يربط الدول ببعضها، فإن العلاقات الاميركية الايرانية لن تخرج من تحت يافطة مصالح البلدين، ولن تكون للمصالح الاميركية الخليجيــــــة اولوية على المصالـــــح الاميركية الايرانية الا بمقدار ما يستفيـــــد منها كل طرف، وبالمصالح هذه تراجعت حالة العداء لاسرائيل من قبل بعــــض الدول العربية الى العداء لايران، ومن هنا تحديدا يمكن فهم واتجــــاه المصلحــــة الاميركيـــة.
بعيدا عن صراعات المذهبية، والتحالفات السنية والشيعية، والاطماع في المنطقة، لا يضير أمن المنطقة والخليج تحديدا، ان ينتقل الحوار والعلاقات الاستراتيجية من الاعتماد على واشنطن للحماية، الى حوار منتج ومثمر مع ايران، التي اعلنت اكثر من مرة ترحيبها بذلك، فهل نشهد استدارة عربية واسعة في الايام المقبلة بفتح خطوط الحوار والتواصل مباشرة بين طهران والعواصم العربية من اجل الاتفاق على معظم الملفات المشتعلة في المنطقة؟.
عن العرب اليوم الاردنية