هل يفعلها «الإخوان المسلمون»؟
تاريخ النشر : 2015-05-14 11:28

حققت حركة الإخوان المسلمين نجاحاً نقابياً ملموساً في كل من فلسطين والأردن خلال فترة زمنية متقاربة، ففي فلسطين يوم 22/4 حققت نجاحاً ملحوظاً في انتخابات جامعة بيرزيت حين حصلت كتلتها الطلابية على 26 مقعداً بمجموع 3400 صوت، في مواجهة حركة فتح التي حصلت كتلتها على 19 مقعداً، بمجموع 2554 صوتاً، بنسبة مشاركة تجاوزت 77 بالمائة من عدد الطلاب الذين يحق لهم التصويت.

وفي الأردن نجح مرشح حركة الإخوان المسلمين المهندس ماجد الطباع في ان يكون نقيباً للمهندسين يوم 8/ أيار بحصوله على 6666 صوتاً، في مواجهة مرشح تحالف القوى الوطنية والقومية واليسارية المهندس خالد رمضان الذي حصل على 5039 صوتاً، من أصل عدد المهندسين المسددين لاشتراكهم البالغ 61 ألفاً و723 عضواً يحق لهم الاقتراع، وهذا يعني غياب أكثر من 48 ألف مهندس ومهندسة بنسبة مشاركة بلغت أقل من 20 بالمائة.

وسواء في فلسطين أو في الأردن، فقد تمت الانتخابات الطلابية والنقابية في ظل أجواء رسمية غير دافئة من قبل أصحاب القرار السياسي والأمني، في عمان ورام الله، نحو حركة الإخوان المسلمين، وبغير رغبة من جانب السلطات الرسمية في كلا البلدين أن يحقق الإخوان المسلمون هذا النجاح، ولا شك أن القرار والأمنيات لدى الطرفين الأردني والفلسطيني هو عدم نجاح الإخوان المسلمين، والعمل على عدم فوزهم ومع ذلك حقق الإخوان المسلمون النجاح وفازوا بالموقعين: في جامعة بيرزيت الفلسطينية، وفي نقابة المهندسين الأردنية.

السؤال ماذا لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي صاحبة القرار السياسي والأمني في البلدين، هل تسمح بإجراء الانتخابات؟؟ وهل تسمح بنجاح قوى المعارضة الوطنية والقومية واليسارية بالفوز في مواجهتها وفي ظل هيمنة رؤيتها الحزبية والعقائدية؟؟ وهل تقبل بالهزيمة والإقرار بفوز القوى والاتجاهات والتيارات السياسية الأخرى المعارضة لها؟؟.

لقد سبق لحركة الإخوان المسلمين – حركة حماس أن فازت في الانتخابات البلدية بعدد ملحوظ من بلديات الضفة الفلسطينية العام 2005، وفازت بالأغلبية البرلمانية لانتخابات المجلس التشريعي العام 2006، وشكلت حكومة حزبية برئاسة إسماعيل هنية اعتماداً على هذه الانتخابات وفي الحالتين تم ذلك في ظل هيمنة إدارة حركة فتح وامتلاك قيادتها لقرار إجراء الانتخابات أو تأجيلها، وسجلت قبولها بل ورضوخها للنتائج الانتخابية عملياً وسياسياً وعلناً، فهل تقبل حركة حماس الإخوانية بنتائج معاكسة لصالح حركة فتح فيما لو كانت حركة الإخوان المسلمين هي التي تتحكم بسلطة اتخاذ القرار؟؟ وهل تسمح بالوصول إلى مثل هذه النتائج وترضخ لنتائج الهزيمة؟؟.

ها هي حركة الإخوان المسلمين عبر «حماس» تسيطر منفردة على قطاع غزة منذ الانقلاب في حزيران 2007، فهل سمحت بإجراء الانتخابات البلدية والنقابية والطلابية بعد أكثر من سبع سنوات تتحكم وحدها في سلطة اتخاذ القرار؟، هذا هو مصدر القلق الأردني والفلسطيني والعربي عموماً من هيمنة وتسلط الحزب الواحد والعقيدة الواحدة واللون الواحد، أسوة بما كان يفعل معمر القذافي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وغيرهم، وهذا هو أحد أهم أسباب هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي لأنهم قاموا على أسس غير ديمقراطية، ولم يقبلوا التعددية، ورفضوا الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في البلدان الاشتراكية، وهذا هو سبب الاحتجاجات والمظاهرات والثورات الشعبية التي اجتاحت تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية.

فالأنظمة الشمولية اليسارية تمت هزيمتها، والأنظمة القومية في مصر عبد الناصر وعراق صدام حسين وسورية حافظ وبشار الأسد، إضافة إلى اليمن الاشتراكي سجلوا الإخفاق وعدم النجاح، بينما نلحظ أن تجربة منظمة التحرير في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات الجبهوية الوحدوية التي جمعت الكل الفلسطيني من الوطنيين والقوميين واليساريين والمستقلين باستثناء الإخوان المسلمين كانت سبب النجاحات التراكمية المتواصلة التي حققتها في مواجهة أعداء الشعب الفلسطيني، وفي مواجهة خصوم منظمة التحرير، ولسبب جوهري أنها ضمت القطاع الأوسع من الشعب الفلسطيني في صفوفها ومؤسساتها، وحققت حق تمثيلها لشعبها الفلسطيني سواء من أبناء المخيمات وفي بلدان اللجوء والشتات، أو من قبل أهالي الضفة والقدس والقطاع، أو حتى أبناء مناطق الاحتلال الأولى العام 1948.

مبادرات ارحيل الغرايبة، وشجاعة عبد المجيد الذنيبات ورفاقهما، تم الترحيب بها ولها ومعها ليس لأنها قادت انشقاقات في صفوف حركة الإخوان المسلمين لإضعافها، بل تم النظر لهذه المبادرات والتعامل معها باحترام لأنها قد تستجيب لقيم العصر في قبول الآخر، والإقرار بالتعددية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأن عملهم سياسي له مرجعية إسلامية وبمنطلقات إسلامية حقهم في ذلك مثل حق اليساريين والقوميين والليبراليين في الحياة وفي الانتصار وفي النجاح وفي الشراكة، وأن تجارب الشمولية اليسارية والقومية ذات اللون الواحد كانت حصيلتها الهزيمة والفشل، فالمراد عدم تكرار التسلط والهيمنة واللون الواحد في ظل حركة الإخوان المسلمين أو غيرها من أحزاب التيار الإسلامي، كما حصل في غزة ومصر، وكما يجري الآن من عمليات التصفية الدموية والصراعات المدمرة في كل من ليبيا وسورية واليمن والصومال، على أيدي «داعش» و»القاعدة» وولاية الفقيه وحركة الإخوان المسلمين، ضد بعضهم البعض، وضد خصومهم السياسيين من الاتجاهات أو القوميات أو الديانات أو الطوائف الأخرى.

[email protected]