حماية الاحتلال.. بالعافية!
تاريخ النشر : 2015-05-13 11:51

فى الوقت الذى تتأكد فيه عزلة إسرائيل الدولية، بفعل تطرف حكومتها الجديدة التى تضم، بين من تضم، وزيرة تدعو علنا لإبادة الفلسطينيين، بمن فى ذلك النساء والأطفال، يعمل بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى بكل همة ليفرضوا على العالم «بالعافية» التعاون مع الاحتلال! فقد وافقت لجنتان بمجلسى النواب والشيوخ الأمريكيين، بالإجماع، على بند تم إدراجه فى مشروع قانون التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى، ينص على أن يعمل المفاوض الأمريكى على مطالبة شركائه التجاريين بالامتناع عن أى «أعمال» من شأنها تفعيل مقاطعة إسرائيل.

والنص لا يجعل من ذلك البند منطبقا فقط على الدول، وإنما يقول صراحة بأن «الأعمال» تلك الواجب الامتناع عنها، هى تلك التى تصدر أيضا عن«المنظمات الدولية أو الهيئات التابعة لمنظمات دولية». غير أن هذه ليست نهاية القصة. فالبند الذى وافقت عليه اللجنتان يحدد صراحة طبيعة الجهة التى يدافع عنها. فعلى عكس المقولات الزائفة التى يكررها بعض أنصار إسرائيل كثيرا من أنهم ضد المقاطعة لأنهم «يرفضون استهداف إسرائيل دون أن يعنى ذلك أنهم يدافعون عن الاحتلال»، فإن مشروع القانون المذكور أعلاه واضح وضوح الشمس فى أنه يريد حماية الاحتلال تحديدا لا مجرد حماية إسرائيل.

فالنص يشرح المقصود بتلك «الأعمال» التى ينص على منعها بتعريفها بأنها «ذات الدوافع السياسية والتى تهدف لمعاقبة أو تقييد العلاقات التجارية.. مع إسرائيل أو معاقبة أو تقييد أى أشخاص يُقيمون أعمالا داخل إسرائيل أو داخل الأراضى الواقعة، تحت سيطرة إسرائيل». الأفكه من ذلك هو ما ورد فى تقارير صحفية من أن تلك العبارة الأخيرة تحديدا منقولة نصا من قوانين إسرائيلية. والموافقة بالإجماع على هذا البند من جانب لجنتى «السبل والوسائل» فى مجلس النواب الأمريكى ولجنة «المالية» بمجلس الشيوخ- معناها أن أعضاء اللجنتين من الديمقراطيين والجمهوريين، على السواء، أيدوا هذا النص الذى يحمى الاحتلال علنا! ولا يزال مشروع القانون الذى جاء فيه هذا البند قيد البحث من جانب كل من المجلسين. لكن ما جرى يظل يمثل خطوة لافتة، لأنه تزامن مع تقارير صحفية أكدت أن نتنياهو لم يتطرق فى مفاوضات تشكيل حكومته مع الأحزاب الأخرى لقضايا الدفاع والأمن القومى، وإنما تركزت المفاوضات على قضايا داخلية.

والنص الذى وافقت عليه لجنتا الكونجرس، كما يقول صاحب فكرته صراحة، يستهدف الحركة العالمية «السلمية» لمقاطعة الاحتلال. وهى الحركة التى كنت قد كتبت، فى هذا المكان مرات لم أعد أتذكر عددها، عن أهميتها وفاعليتها المتزايدة فى أوروبا وغيرها بما فى ذلك داخل الكثير من الأوساط الأمريكية. ويطرح كل هذا بالضرورة سؤالا موجها للذين يقللون من قيمة تلك المقاطعة وفاعليتها:

إذا كانت ذات فاعلية محدودة، كما يصرون، فلماذا، يا ترى، تقوم إسرائيل وأنصارها بحملات تعبئة ضخمة ضدها؟

ولماذا تسعى إسرائيل وأنصارها الآن فى المجالس الشعبية فى الولايات الأمريكية المختلفة لوأد حركة المقاطعة وإضفاء الشرعية على الاحتلال؟!

عن المصري اليوم