إيران المسيحية وتركيا الشيعية
تاريخ النشر : 2015-05-10 14:00

هل صحيح أن المذهبية "الشيعية" هي التي تحدد السياسات الإيرانية الخارجية، وهل صحيح أيضًا أن المذهبية "السنية" هي التي تحدد السياسات التركية الخارجية، وماذا عن تحالفات إيران الوثيقة مع أرمينيا، وعن تحالفات تركيا الأوثق مع أذربيجان:
أرمينيا، دولة تختلط فيها القومية بالمسيحية بالأبجدية واللسانية الأرمنية، وعلى تنوعها المسيحي إلا أن اليعقوبية أو الطبيعة الواحدة للمسيح تحتل مكانة مهمة في هذه المسيحية.
وبالمقابل فإن أذربيجان دولة متعددة الأعراق مع سيطرة أو أغلبية للعنصر التركي الذي يتخذ من التشيع مذهبا له، بل إن الغالبية الساحقة من سكان أذربيجان هم من الشيعة.
ولم تمنع مسيحية أرمينيا، ولا شيعية أذربيجان من الاصطفافات: ايران مع ارمينيا المسيحية ضد اذربيجان الشيعية، وتركيا "التي تسوق نفسها كزعيمة للسنة" مع أذربيجان الشيعية..
وفي كل ذلك إشارات كافية لكل من لا يصدق أوهام وأكاذيب الاصطفافات المذهبية في تفسير السياسات الخارجية لأكبر قوتين إقليميتين في المنطقة، وهما ايران من جهة، وتركيا من جهة ثانية.
ولو فتحنا قوس الفرجار السياسي على دائرة أوسع قليلا، واقتربنا من مراكز إقليمية أخرى في شبه القارة الهندية، مثل الباكستان، لوجدنا تداعيات وحسابات ومفارقات متشابهة.
"فالباكستان" التي توصف بالدولة "السنية" ترتبط بعلاقات قوية مع الصين التي يحكمها حزب شيوعي، ومع ايران الشيعية، ولا تقارن علاقاتها مع تركيا بعلاقاتها المذكورة مع بكين وطهران..
والعبرة في كل ما سبق، أن على بعض العرب أن يكفّوا عن المقاربات الساذجة، وأن يتجاوزوا الاحتقانات الطائفية التي قادتهم إلى الكوارث، والانتحار الجماعي خارج التاريخ.
"فلا التشيع الصفوي هو ما يحكم إيران، ولا التسنن المزعوم هو ما يحكم تركيا، علما أن العائلة الصفوية التي حكمت إيران ردحا من الزمن، عائلة تركية وليست عائلة فارسية، وتعود الى صفي الدين الطوسي "الأذري التركي"، وعلما أن الأصول العرقية للمرجعيات المذهبية التركية من أصول فارسية، والمقصود الإمام أبو حنيفة الذي يعتبر نفسه تلميذًا للإمام جعفر "الشيعي" وشمس الدين التبريزي "مؤسس التصوف التركي" وهو من مدينة تبريز الإيرانية.
عن العرب اليوم