التقرير الفرنسي المسيس!
تاريخ النشر : 2013-12-04 21:19

أصدر الخبراء الفرنسيون تقريرا جديدا حول وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، إدعوا فيه، إستبعاد فرضية التسمم،وأن وفاته "طبيعية"! هذا التقرير، يتناقض مع ما أشار له اولا التقرير الفرنسي الاول، الذي صدر في أعقاب وفاة ابو الوطنية المعاصرة كما أوضح الدكتور ناصر القدوة ، إبن أخت الشهيد الرمز ابو عمار، الذي رافق خاله حتى اللحظات الاخيرة من حياته في مستشفى بيرسي قرب باريس؛ ثانيا يتناقض مع التقرير الذي اصدره المختصون السويسريون، واكدوا فيه، تسمم الرئيس ابو عمار؛ ثالثا كما يتناقض مع تقرير الخبراء الروس؛ رابعا يتناقض مع ما ادلى به أريئل شارون، رئيس الوزراء الاسبق ووزير حربه آنذاك شاؤول موفاز، حول التخلص من ياسر عرفات، والتسجيل الذي إلتقط لهما حول إغتيال ابو عمار؛ خامسا مع قناعة الجماهير العربية الفلسطينية، التي تعرف كم مرة سعت أجهزة امن وجيش الاحتلال لاغتيال الختيار، ولم تتوقف، حتى سنحت لشارون الظروف ليصفي حسابا مع رئيس منظمة التحرير السابق.

إذاً التقرير الفرنسي الجديد، يهدف إلى خلط الامور، والتشويش على الحقائق، وعلى دور اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة كشف الحقائق لجماهير الشعب العربي الفلسطيني، وملاحقة الجناة الاسرائيليين وادواتهم، الذين لازموا عرفات في أثناء الحصار من آذار 2002 وحتى إستشهاده في 11 نوفمبر 2004.

وفي السياق يبغي الخبراء الفرنسيون إلى تبرئة القيادة الاسرائيلية، التي اعلنت على الملأ، رغبتها في التخلص من ياسر عرفات، وأخذت ضوءا أخضرا من إدارة بوش الابن لتنفيذ جريمتها، لاسيما وان القيادتين الاميركية والاسرائيلية والعديد من القيادات العربية الرسمية، توافقت على التخلص من ابو عمار، وعملت اولا على محاصرته، ودفنه حيا، عندما رفض العرب الاستماع لكلمتة في قمة بيروت 28 مارس / آذار 2002، وبالاساس لم يتدخلوا نهائيا لدى اميركا وإسرائيل، التي يرتبطون معها بعلاقات ديبلوماسية وتجارية وامنية للسماح له بالسفر للمشاركة في تلك القمة؛ ثانيا جاء التقرير الفرنسي المسيس بعد زيارة الرئيس الفرنسي للمنطقة أولاند الشهر الماضي لاسرائيل، وهو ما يشير إلى عميق الصلة بين الزيارة والتقرير؛ ثالثا كما ان التقرير الاخير، جاء في اعقاب إرتفاع اصوات الفلسطينيين والعرب وانصار العدالة والسلام في العالم بضرورة ملاحقة القيادات الاسرائيلية امام محكمة الجنايات الدولية، والفصل بين ملاحقتهم وبين سير المفاوضات الجارية الان بين القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية. الامر الذي أشعر القيادات الاسرائيلية وادواتهم من الفلسطينيين والعرب خطورة الموقف.

النتيجة المنطقية في ضوء العوامل والمؤشرات السابقة، يؤكد ان التقرير الفرنسي الجديد، هو تقرير سياسي بامتياز، ولا يمت للحقيقة بصلة. وهو تقرير مزور ومتناقض مع الحقيقة. الامر الذي يفرض على القيادة السياسية الفلسطينية وكل جهات الاختصاص العربية والعالمية بما فيها الفرنسية الضغط على القيادة الفرنسية للتوقف عن تبرئة مجرمي الحر الاسرائيليين، وضرورة القصاص منهم امام المحاكم الدولية إسوة بكل مجرمي الحرب في دول العالم. وإستخدام سلاح المحاكمة العادلة امام المحاكم الدولية ليكون سيفا جديدال مسلطا على رؤوس الفاشيين الاسرائيليين، وإستثمار هذا العامل في الضغط لدفعهم لدفع إستحقاقات التسوية السياسية، وولوج حل خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

بالتأكيد القيادة الفلسطينية لا تريد ان تدخل في خلافات مع فرنسا، لانها تريد الصوت الفرنسي إلى جانب الحقوق الوطنية في المنابر والمحافل الدولية المختلفة وحتى مع حكومة إسرائيل. ولكن على القيادة الفرنسية قراءة اللوحة السياسية بمنظار اشمل من الحسابات الصغيرة، التي اعتمدتها في إصدار تقريرها المسيس.

                                                    ***********

ملاحظة: فاتني ان اشير لملاحظة وصلتني قبل يومين حول معرض الكتاب الدولي الثاني في العالم المكسيكي، اولا الناشط الفلسطيني المقيم في المكسيك ، هو شادي روحانا وليس عمر البرغوثي، الذي يقود حملة المقاطعة في رام الله. ثانيا موقع "آفاز" ليس سوى موقع تجمع عليه التواقيع للعرائض والبيانات. ثالثا شكرا لدار الفيل للنشر على لفت نظري للملاحظات المذكورة آنفا.

[email protected]