أمان ..... الحزبية هي الفساد الأعظم
تاريخ النشر : 2015-05-08 13:41

نظم منذ عدة اسابيع الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة " امان " مؤتمر لعرض تقريره السنوي حول الفساد في الاراضي الفلسطينية بحضور رئيس حكومة التوافق الوطني دكتور رامي الحمد الله و عدد كبير من النخب والمثقفين والإعلاميين والقانونيين والمهتمين والمؤسسات ذات العلاقة في الضفة الغربية وقطاع غزة ,وبحق كان تظاهرة حضارية مميزة بالرغم من وصمة الحزبية التي طغت في كل من مداخلات المسئولين والحضور .

ألقى التقرير الضوء على عدد من قضايا الفساد في فلسطين ونشر عدد من الاحصاءات والنسب الهامة المتعلقة فيها وشخص بعض مسببات هذه الظاهرة ,كما ناقش التقرير الرقابة وأسباب  ضعفها موضحا بعض الاسباب لهذا الضعف والتي كان ابرزها الاحتلال والانقسام و تعطيل المجلس التشريعي الى جانب اسباب اخرى .

بعد ان تم إلقاء  الكلمات الرسمية في المؤتمر والتي حاول خلالها المسئولين بجهد اظهار ان جانبه هو الجانب الاكثر اشراقا وتبني لمعايير النزاهة والشفافية و محاولة القاء التهم على الآخر فتح الباب لمداخلات جمهور الحضور والذي لم يكن بحال افضل من مسئوليه فتعالت الاصوات والتي لم تأتي في غالباها على مفاصل موضوعية او حياد في محور المؤتمر بقدر ما فاحت منها رائحة الحزبية لتطمس الصورة الجميلة لمظهر حضاري .

التعددية السياسية مظهر من مظاهر صحة المجتمع وسلامة النظام و لكن ان تتحول هذه الاحزاب الى نوع خفي من انواع التمييز العنصري بحيث يصبح معيار قيمة الفرد ونظرته الى ذاته بأفضلية عن باقي عناصر المجتمع من خلال انتماءه لحزب ما فهنا على قيادات المجتمع والنظام والأحزاب ان يتوقفوا ويفكروا في ماهية المخرجات التي ستنتجها عناصر تفكر بهذه الطريقة .

اذا تعارضت مصلحة المجتمع او حتى الوطن مع مصلحة الحزب فان مصلحة الحزب هي التي توضع في المقام الاول لدى افراد معظم الاحزاب العاملة في فلسطين لان الاحزاب لدينا لا تربي للوطن وإنما تربي للحزب فينشأ الفرد فيها يفكر بشكل حزبي ومنفصل وليس وطني او تكاملي علاوة عن التربية وأنماط التفكير ففي بعض الاحزاب ينشأ الفرد كمتلقي دون ان يعطى مسحاة للتفكير الحر او المستقل مما يترتب عليه ان هذا الفرد لا تكون لديه ارادة للنقد او القدرة على تقبلها فهو يؤمن ان كل ما يغذيه به الحزب هو الصحيح المطلق وان كانت بعض الاحزاب العاملة لديها نوع من المساحة وهامش للنقد الذاتي ,ولكن منهجية النقد هي حزبية فيكون النقد من زاوية مصلحة الحزب وليس الوطن .

فإذا كان الاحتلال والانقسام والذي ازعم انه رديف الاحتلال وتعطيل مؤسسات الشعب وعلى رأسها التعطيل المقصود للمجلس التشريعي هي اسباب رئيسية لنشوء الفساد وضعف الرقابة في المجتمع الفلسطيني فاني ازعم ان الحزبية والفصائلية هي الفساد الاعظم في المجتمع الفلسطيني وتحتاج الى حملات توعية مكثفة من كافة مؤسسات الوطن وأهمها المؤسسات التربوية من مدارس وجامعات لتعليم انفسنا وأبناءنا انه ليس من الخطأ او العيب الانضواء تحت اي من الاحزاب العاملة ولكن من الخطير ان يكون انتمائي لهذا الحزب او التنظيم اعلى من انتمائي للوطن فان الوطن مقدم على اي كيان دون سواه فأي تنظيم جزء من هذا الوطن وموروثه وثقافته ولكن لا يمكن ان يختصر الوطن في اي تنظيم مهما كانت عظمته .

وعليه انني اوجه دعوة لامان والمؤسسات المماثلة بان تضع هذا العنصر على سلم اولوياتها عند البحث عن الفساد ومسبباته على اعتبار انه من احد اقوى الاسباب التي تسبب ضعف الرقابة ورغبة الافراد في التصدي للفساد بل احيانا يعتبر التستر او ممارسة سلوك الفساد معيار انتماء للحزب ,وأوجه دعوة اخرى لقادة الاحزاب والفصائل بان يربوا الجيل القادم على سبل الفكر المستنير لأنه الطريق الاقصر للتحرير.

فإذا كان الله علمنا سبل التفكير المستنير لتثبيت العقيدة والوصول الى الايمان المطلق ( فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ( 77 ) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ( 78 ) إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ( 79 ) الانعام  ) فلماذا احزابنا ترى انه لا ضرورة لهذا النمط من التفكير اذا تعارض مع مصالحها الخاصة فإذا كانت العقيدة والإيمان تحتاج الى تفكير مستنير للوصول الى الايمان فان الاولى ان نعلم ونربي انفسنا وأفراد مجتمعنا على هذا النمط من التفكير .