دردشة عن المفاوضات
تاريخ النشر : 2015-05-07 02:28

المفاوضات من وجهة نظري ليست حراما ،، بل قد تصل في بعض حالاتها إلى الواجب حين يكون لا مناص ولا مفر منها وفق موازيين القوى ،،

كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم المفاوض الأول حين فاوض سهيل بن عمرو في صلح الحديبية في مفاوضات مباشرة تجري بين الحق والباطل ،،

نتائج المفاوضة في حينه وفق رؤية الصحابة رضوان الله عليهم كانت مخيبة للآمال ولم يمنع الصحابة من الجهر برفضها ومعارضتها بالقوة إلا أنها صادرة عن مقام النبوة ، ومن ثم التسليم بما قاله أبو بكر رضي الله عنه ( إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ) ،و هذا معناه أن تسليم الصحابة بصلح الحديبية لم يكن تسليما ناتجا عن رؤية سياسية وإنما التزام ديني مرده الإيمان بالله عزوجل ورسوله ،،

ذلك أن رؤاهم السياسية كلها اتجهت لرفض الاتفاق وشروطه التي رأوها مجحفة ،، بل كادوا يجهرون بمعارضة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أصابوه بالهم والحزن .

المشكلة لدينا أن هناك فريقا منا صب كل آيات التحريم على المفاوضات باعتبارها رجس من عمل الشيطان وبنى حصنا حول التحريم بحيث بات الحديث عن لفظة المفاوضات مجردا مجلبة للعنة والجحيم ،، بل أصبحت المفاوضات أو الحديث عنها اسهل الطرق إلى جهنم والعياذ بالله ،،

ولما دارت الدوائر واحتاج بانو هذا الحصن لطرق جداره والحديث عن المفاوضات مناورة أو حقيقة حدث ما ترونه وتسمعونه من جدل حتى بين أبناء البيت الواحد .

والحق أن السياسة لا تساس بمفاهيم الحلال والحرام التي تفرض على المسلم في سلوكه الشخصي من عبادة وأخلاق فهي ليست شربا للخمر أو تركا للصلاة أو افطارا في نهار رمضان على سبيل المثال وإنما تساس وفق مظلة الدين الشاملة ومراعاة مصالح المسلمين ونقاط قوتهم وضعفهم ، والتاريخ الاسلامي مليئ بمئات المفاوضات والاتفاقات التي تخضع في جلها إلى القانون الدولي الذي كان يحكم العلاقات بين الدول في حينه والذي يستند في أساسه بكل صراحة وأسف إلى القوة لا إلى مفهوم الحلال والحرام ، وحتى لو قلنا جدلا انها كانت تخضع لمفهوم الحلال والحرام فإن المخرج كان سهلا تحت عذر الضرورة والمصالح المرسلة ،،

المشكلة في المفاوضات ليس كونها حراما أو حلال ،، ولكن كونها وسيلة لتحقيق اهداف و مصالح الشعب من عدمه ،، كونها معبرة عن وحدة الشعب أم فرقته ، كونها وسيلة لتعميق إنقسام الشعب أو تقليصه ،،

فاوضوا اسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر ولكن عن قوس واحدة ،، لا تدعوا لهم فرصة الاستفراد بكل فصيل فينا وادخاله هذا الآتون الخبيث ،،

نوحد الصفوف، نحقق المصالحة، نعيد بناء أنفسنا، ثم نفاوض أو لا نفاوض لا أبالي طالما كان قرارا فلسطينيا موحدا نابعا من مصلحة الكل الفلسطيني لا فصيل من فصائله