الحمدالله "يستنكف" الحقيقة السياسية!
تاريخ النشر : 2015-05-05 10:18

كتب حسن عصفور/ لا نعلم هل يتابع الرئيس محمود عباس ما يقوله وزيره الأول د.رامي الحمدالله من تصريحات تمس الشأن الخاص بقطاع غزة، نظرا لحساسية ودقة المشهد فيه، بل وتعقيدات المسألة الانقلابية بكل مظاهرها، الأمنية - السياسية واللغوية، وبالطبع لم يقصد من السؤال كل ما ينطقه الحمدالله، فبه الكثير مما لا يجب أن يقال، قبل أن يسمع، لكن هناك ما يستوجب القراءة وسريعا التوقف أمام مخاطر بعضها، إن لم نقل غالبها..

يوم الاثنين الموافق، 4 مايو - أيار 2015، وبالصدفة البحتة يصادف مرور 21 على توقيع بروتكول "غزة أريحا" بين منظمة التحرير ودولة الكيان في القاهرة عام 1994، تحدث الوزير الأول في حكومة الرئيس محمود عباس عن بعض القضايا الخاصة بعرقلة الحكومة وأسبابها، وبدأ في مخاطبة "الإخوة في غزة"، قاصدا حركة حماس، عبارة تنم عن جهل مطبق بحقيقة الواقع السياسي في القطاع، حيث يعتقد رامي ونتيجة عدم درايته بالقطاع لا سياسيا وبالتأكيد معيشيا، أن قطاع غزة بات ملكا سياسيا خالصا لحركة حماس، ليخطابهم بـ"الإخوة في غزة"، وهذه ليست سقطة لغوية يمكن المرور عليها، بل هي جزء من مكنون "وعيه السياسي" للمشهد الغزي، متجاهلا بشكل مريب واقع القطاع، وبأن حماس تسيطر بالقوة الجبرية على الحالة العامة، بل أنها أقلية شعبية وباتت سياسية اليوم في القطاع..

ويكمل د.رامي الكشف عن مخزون ثقافته "الإنقلابية" بوصفه الموظفين الشرعيين بأنهم "مستنكفين"، آلاف الموظفين التزموا برفض الانقلاب أو التعامل معه، ليس رغبة ذاتية منهم، باعتبار أن العمل العام في الوظيفة الحكومية، هو تقديم الخدمة للشعب والناس، وسبق أن عمل ألاف من بني فلسطين في أجهزة الاحتلال المدنية، وبعيدا عن "صوابية القرار" من عدمه آنذاك، فقد التزم الموظفون بقرار الرئيس والشرعية، بعدم الذهاب الى العمل تحت أجهزة حماس الانقلابية منذ عام 2007..

وبلا أدنى حساسية سياسية يذهب الحمدالله لوصف الملتزمين بالشرعية بـ"الوصف الانقلابي" لتشويه سمعة موظفي الشرعية، وكأنه يرسل رسالة مبكرة لحركة حماس أن تكف الضغط عليه شخصيا، باعتباره بات متفهما لبعض مما يبحثون عنه، وخاصة مسألة الموظفين ، موظفو الشرعية، والذين رآهم وزير الرئيس الأول بأنهم "مستنكفين"، وموظفي سلطة الانقلاب والذي ربما يراهم د.رامي "الموظفين الشرعيين"..

المسألة ليست تعبيرا لغويا وكفى، فمن يتحمل موقع المسؤولية العامة عليه أولا أن يدرك جيدا تفاصيل المشهد العام، فما بالنا والشخص المتحدث عنه هو الوزير الأول، اي الرجل الأول في السلطة التنفيذية، نظريا، لم يعد يميز بين المصطلحات الانقلابية ومصطلحات الشرعية، ولذا المفاجأة كانت مدوية لمن استمع للخطاب الحمداللي..

والمدهش جدا، ان يقول ما قاله د.رامي، بعد ايام من تصريحات نسبت لشخصيات في الاتحاد الاروربي عن أنها ستتوقف عن القيام بتغطية رواتب الموظفين الذين التزموا بالشرعية الفلسطينية، تصريحات قال عنها البعض أنها متفق عليها "سريا" بين رئيس الحكومة رامي الحمدالله والرئاسة من جهة، وممثلي الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وكان هدفها "جس نبض" رد الفعل لمن يشملهم تصريح الاتحاد الاوروبي، وعلى ضوء رد الفعل سيتم التعامل مع مضمون التصريح..

والمثير أن الحكومة والرئاسة لم تعقبا على تلك التصريحات، رغم مخاطرها السياسية قبل المالية، حيث هناك أوساطا أوربية تعمل بحساب سياسي لم يعد سرا، لتعبيد طريق "مباحثات خاصة" بين دولة الكيان وحركة حماس، واحد السمسارة مكونات من الاتحاد الاروربي، صمت الحكومة والرئاسة لم يكن سوى جزء من "لعبة" يبدو أنها ترمي لتصفية ارث "الشرعية الفلسطينية" في القطاع، ولتمهيد الطريق نحو خلق حالة سياسية خاصة هناك، لغاية في نفس دولة الكيان وبعض من أوساط لم تعد مجهولة داخل صفوف الشعب الفلسطيني..

ان يتساوق الوزير الأول مع "ثقافة الانقلاب" ليس لغوا أو سهوا، بل هو مفهوم سياسي، وأن تصمت الرئاسة بل وتتجاهل ذلك، كما سبق تجاهل تصريحات الاتحاد الاروربي، لا يمكن اعتباره "فعلا غير مقصود"، خاصة وأن الحمدالله بشخصه سبق أن اعلن عن "تشكيل محاكم تفتيش أمنية - سياسية" لموظفي الشرعية لاختيار "الأنسب" وربما "الأنقى سياسيا" ضمن محددات حمساوية خاصة لمفهوم "الموظف الشرعي بالمعني الديني وليس السياسي"..

وعليه، فإما أن يخرج رامي الحمدالله بشخصه صوتا وصورة،كما قال تصريحاته صورة وصوت، للإعتذار عما نطقه من كفر بالشرعية الوطنية، وأن يعلن عن تقديره وشكره لكل موظف دفع ثمنا لإلتزامه بها، او أن يغادر مقر الحكومة ويعود يبحث له عن وظيفة براتب من الاتحاد الاروبي بعد تساوقه معهم ضد موظفي الشرعية، وليستنكف كما يحلو له الاستنكاف عن العمل السياسي الوطني..

وعلى الرئاسة قبل الحمدالله، أن تعتذر لآلاف الموظفين الذين اختاروا الشرعية مهما كان الثمن، والذي كان حياتهم قبل راتبهم، على مزايا الانقلاب في حينه.. ودون ذلك ستكون هي شريكة في الانقلاب الذي يتم اعداده سرا بين "أوساط اوروبية ودولة الكيان وحركة حماس وعرب وعجم مع بعض المتنفذين في السلطة الفلسطينية" لتمرير أخطر "مؤامرة على الشعب الفلسطيني، "كيان غزة الذاتي المستقل" و"دولة الجدار الذاتية غير المستقلة في الضفة الغربية"..

مؤامرة لن يقتصر تناولها على جملة عابرة، بل ستكون جزءا حاضرا في هذه الزاوية..وهذا وعد أمدي لفضح المؤامرة بكل أركانها..

موظفو الشرعية الحق في القطاع ينتظرون، والا مع السلامة والقلب مش داعليكم..استكنفوا أنتم عن تخريب المشروع الوطني!

مجددا الكرامة لا تشترى ولكنها تباع!

ملاحظة: التفجيرات الأمنية في قطاع غزة هل هي فعلا تشكل حالة جديدة، أم وسيلة أمنية لفرض الارهاب العام بعد أن بدأت "الململة الشعبية ضد قوانين قراقوش" الحمساوية"!

تنويه خاص: صحيح شو اخبار لجنة "الأربعين" المفترض أنها تعتني بجرائم حرب الكيان..السؤال قفز بعد اعتراف جنود الاحتلال بارتكابهم جرائم حرب في قطاع غزة..جرائم لا تحتاج لخبراء ومستشارين ولجان وتشعبات وقنوات ..فقط تحتاج قرار لو كان هناك رغبة في القرار يا "لجنة الأربعين" من أصله!