تلاقٍ سعودي - "جمهوري" - إسرائيلي
تاريخ النشر : 2013-12-04 08:51

تبدو الإدارة الأميركية مرتاحة إلى "الإتفاق – الإطار" الذي توصلت إليه المجموعة الدولية التي تضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن زائداً ألمانيا قبل مدة قصيرة. ويبدو أنها تعد نفسها للقيام بكل ما يلزم لتنفيذه خلال مهلة الأشهر الستة التي حُدِّدت لذلك. كما تستعد لمرحلة الأشهر الستَّة الثانية التي اتفقت المجموعة المشار إليها على العمل خلالها لإقفال الملف النووي الإيراني، أو بالأحرى للتعامل معه بطبيعية بعد إنجاز أطراف "الإتفاق – الإطار" كلهم تنفيذ مضمونه والبنود.
لكن هل يعني ذلك أن المواجهة الأميركية – الإيرانية التي لم تبدأ بسبب الموضوع النووي عام 1979، والتي فاقمها هذا الموضوع في السنوات العشر الأخيرة قد انتهت أو سارت على طريق الانتهاء؟ أم أن احتمالات تأزمها واحتدامها وربما تطوّرها وعلى نحو مؤذ لا تزال واردة؟
لا أحد يستطيع أن يعطي جواباً حاسماً ونهائياً عن هذا النوع من الأسئلة. لكن ما يمكن إلقاء الضوء عليه هو نظرة عدد من الباحثين والمتابعين الأميركيين الجديين المهتمين بالعلاقة الأميركية – الإيرانية وانعكاساتها الشرق الأوسطية إلى الإتفاق – الإطار الذي وقع أخيراً، وتحديداً إلى أسبابه وإلى نتائجه وإلى الظروف التي قد تجعله محطَّة مهمة إما على طريق الإستقرار في المنطقة، وإما على طريق غرقها في الفوضى والتفجير.
ماذا يقول هؤلاء؟
ينطلقون أولاً من التفجير الإرهابي الذي استهدف سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت قبل أسابيع قليلة ليقولوا أن ردَّها عليه سيحصل، ولكن في الوقت الذي تختاره هي، ومن دون أن تكون له مضاعفات تؤثر على استراتيجيتها والسياسة التطبيقية "الجديدة" لها التي بدأت تنفيذها منذ وصول الشيخ حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية، بدعم من المرشد والولي الفقيه آية الله علي خامنئي. ويلفتون إلى أنها تعاني حالياً من مشكلات إقتصادية ومالية، أو أزمات، وإلى أنها تعرف أن "مشروعها" الاقليمي الذي ضحّت من أجله بالكثير والذي قارب النجاح في تنفيذه بدأ يواجه تعثّرات جدية. بعضها في العراق، وبعضها في البحرين، وبعضها في سوريا رغم النجاحات المحدودة التي حققها أخيراً حليفها نظام آل الأسد. وبعضها في لبنان جراء ظهور تذمر من جمهورها وإن بصوت خفيض حتى الآن جراء "تورُّط" إبنها "حزب الله" في حرب سوريا، والخسائر البشرية التي تكبّدها فيها، والجو المذهبي المشحون الذي أشاعه ذلك في البلاد. علماً أن المسؤولية عن الشحن يتشارك فيها مسلمو لبنان كلهم وخصوصاً سنّتهم والشيعة. وما يعرفه الإيرانيون، يتابع الباحثون والمتابعون أنفسهم، هو أن تحوُّل الصراع في المنطقة مذهبياً أي سنّياً - شيعياً قد بدأ ينعكس عداءً لإيران فيها. كما أنه فتح الباب أمام تدفُّق متطوعين لإسلاميين متشددين سنّة إلى دول النزاعات في المنطقة، وهذا ليس في مصلحتها.
إستناداً إلى كل ذلك، يُبدي الباحثون والمتابعون الأميركيون إقتناعهم بأن رئيس جمهورية إيران وولي الفقيه فيها صادقان في بحثهما عن، أو في سعيهما إلى تسوية مع أميركا وحلفائها. والإقتناع نفسه يشمل الرئيس باراك أوباما الذي يتشارك والزعيمين المذكورين الصدق نفسه على الصعيد المذكور. إلا أن ذلك لا يعني أن الخطوات الأخرى اللاحقة لتوقيع "الإتفاق – الإطار" ستكون سهلة وغير إشكالية، بسبب وجود معارضة للتسوية داخل إيران وداخل الولايات المتحدة وعند عدد من حلفائها في المنطقة. والمعارضة الأميركية والحليفة أبدتها وتستمر في إبدائها جماعات اللوبي اليهودي الأميركي المؤيدة للسياسة الإيرانية لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل. كما فعل ويفعل وسيفعل أقصى اليمين "الجمهوري" في أميركا. والمعارضة الأقليمية تأتي من إسرائيل ومن المملكة العربية السعودية ومن دول خليجية عربية أخرى. وهنا يتحدث الباحثون والمتابعون أنفسهم عن أمر قد يفاجىء كثيرين من أهل المنطقة وهو حصول إتصالات (وربما لقاءات) على مستويات عالية بين إسرائيليين وعرب معارضين لتفاهم إيران – أميركا وذلك لوضع إستراتيجيا مشتركة للمواجهة. وقد يؤدي ذلك إلى سماح إحدى دول الخليج لإسرائيل باستعمال مجالها الجوي في حال قررت توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، أو بالأحرى في حال إعادة الخيار العسكري إلى الطاولة.
ما هي الأسباب الفعلية لـ"زعل" أو غضب أو إنزعاج السعودية من أميركا؟

عن النهار اللبنانية