يد واحدة تصفِّق
تاريخ النشر : 2015-04-29 00:33

صوت ضعيف يصدر عن تصفيق اليد الواحدة، يُضاعَف الصوت إذا صفّقت كل يد على حدة، لكن الصوت يتضخم عشرات المرات إذا اشتركت اليدان بالتصفيق معاً.

إن الفرق بين العمل الفردي والعمل الجماعي هو كالفرق بين تصفيق اليد المنفردة وبين تصفيقها مشتركة مع اليد الأخرى. وهكذا فإن أعمال الأفراد منفصلين أو "مستقلين" إنما هي أعمال ضئيلة وقليلة الأثر والعائد. يستطيع الفرد أن يبني بيتاً لكنه لا يبني دولة. يستطيع الفرد أن يكتشف موقع نفقط لكنه لا يستطيع استخراجه. يستطيع الفرد أن يكبِّد الاحتلال بعض الخسائر الطفيفة مادياً وبشرياً، لكنه لا يستطيع هزيمته. بينما تستطيع الجهود المنظمة والعمل الجماعي تحقيق هذه الأعمال وغيرها.

إن تحرير فلسطين، بكل ما يتطلبه من استعدادات وتضحيات، يستحيل أن يطيقه أفراد منعزلون أو مستقلون، لأنها جهود مبعثرة لا يلظمها لاظم، وهي تماماً كاليد الواحدة التي لا يكاد صوتها يبلغ الآذان.

إن المنضوين تحت فصائل الشعب الفلسطيني (ممثلاً)، ربما كانوا قلة لا تتجاوز 10% من مجمل الشعب، لكن عمل هذه القلة – بكل تأكيد – أهم بمراحل بعيدة من أعمال كل المستقلين الذين يفضلون العمل منفردين، فلا مقارنة البته.

ولذلك ليس من المظاهر الصحية، ولا من عوامل النصر على الأعداء، أن تكون فئة المستقلين كبيرة، لأن جهودها المبعثرة والمتسمة بالأنانية وقصور النظر ومحدودية الرؤية، وانعدام البرنامج السياسي، كلها عوامل هزيمة وانكسار. ولن يستقيم عمل التحرير ومقاومة الأعداء إلا بتضافر الجهود، فكلما كانت الجهود منسَّقة وموحدة، كانت النتائج أفضل. وكلما كان برنامج هذه الجموع المنتظمة واضحاً وقائماً على أسس سليمة، مستفيداً من دروس التاريخ، والإرشادات النبوية الكريمة، والأوامر الربانية التي تحث على الوحدة ورص الصفوف، كلما كان النصر حليفها وقريباً منها. ولذلك قال الله تعالى: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بُنيانٌ مرصوص" (الصف 4)