ايران والتعلم من فشل التجربة التركية ..عربيا!
تاريخ النشر : 2013-12-02 09:13

كتب حسن عصفور/ كان الإعتقاد يوما في الزمن الماضي، ان القيادة التركية الأردوغانية تعلمت جيدا من الفشل الذي واجتهه السياسية الايرانية في المنطقة العربية، وبأنها أدركت الحساسية القومية الكامنة عند شعوب الأمة رغم كل ما يبدو على السطح من اغفال تلك الحقيقة وتجاهلها، ولذا بدأت تركيا في تدشين مرحلة فتح الأبواب بعيدا عن اي تدخل في الشأن الداخلي، ووضعت "المصالح المتبادلة" فوق "الأيدولوجيا المتبادلة"، ونأت بنفسها خلال مرحلة "الانتعاش التركية – العربية من عام 2002 وحتى عام 2011" عن الاشكاليات والحساسيات التي مرت بها التجربة الإيرانية بطموحها الفارسي..

ذلك ما منح الدولة التركية ميزات لم تحلم بها يوما في المشهد العربي، سياسيا واقتصاديا، بل وصل الأمر الى محاولة استدراج "نموذجها الحاكم وتجربتها في الحكم بخلفية فكرية اسلاموية على أساس مبادئ الدولة العلمانية"، نموذج اعتقد ت بعض من احزاب علمانية وأطرافا في قوى ما يسمى "الاسلام السياسي"، أنها قد تكون "النموذج المقبول" في ظل تصاعد المد الاسلاموي، وهي تجربة لم تأت ضمن تصدير للنموذج أو تصدير للثورة، كما التجربة الايرانية، بل جاءت بارادة طوعية وادراكية لقيمة تجربة تركيا..

ولكن ما كان نموذجا مرغوبا انقلب حاله الى النموذج المكروه عربيا، بعد أن انكشف المستور علانية، وافتضح الحال الأردوغاني عن طموح  قد يكون أكثر سوءا مما كان بالتجربة الايرانية، كونه كان جزءا من مشروع استعماري لتقسيم الدول العربية، وفرض هيمنة سياسية باسم مستعار اسمه "المشروع الاسلامي"، ، ولذا عادت تركيا سريعا الى الخلف، بل وبشكل أكثر سوءا مما كانت عليه، خاصة وأن حالة من العداء تجاه الحكم التركي بعد أن افتضاح اردوغان رسميا وانكشاف "ستره السياسي" كقاطرة للمشروع الأميركي التقسيمي للوطن العربي..

التجربة التركية التي تسللت على فشل التجربة الايرانية عربيا، تواجه مصير الدولة الفارسية فيما قبل الاتفاق النووي الأخير، والتي ينتظر منها أن تعي درس فشل تجربتين لا زالت ملامحها واضحة جدا، بأن اساس العلاقة مع المحيط العربي ليس "الباطنية السياسية" الذي سارت عليه ايران ما قبل التغيير وتركيا ما قبل الافتضاح، خاصة وأن حركة "النهوض العربي" وكسر المحرمات لبعض اسس التبعية الخنوعة للغرب اخذت في بداية تحركها، وما حدث في السنوات الأخيرة ومنذ الحراك الشعبي الذي أحدث تغييرا جوهريا في حركة "النظام السياسي" العربي نتيجة قوة الفعل الجماهيري الذي مثل راس حربة لمقاومة الاستبداد والطغيان و"الفساد السياسي"، واطاح بنظم وجماعات كادت أن تطيح بالمشروع القومي العربي..

ايران ما بعد التغيير والاتفاق التاريخي مع الدول الست، عليها أولا أن تقفز عن كل ما سبق من سياسات سبق لها تجربتها وكانت محصلتها مأساوية، وطريق "المصالحة التاريخية" مع الغرب والشرق لن يجد نهايته الايجابية لو أن القيادة الايرانية لم تدرك بعد جوهر الحراك العربي بما أنتجه فعلا، وأن القوة العربية الناعمة وقبلها المنتفضة، لن تسمح لأي كان أن يتسلل الى الداخل العربي لنشر مشروعه الخاص، فحصار وهزيمة مشروع "الهيمنة الفارسية" الذي طمحت له القيادة الايرانية السابقة، ثم اسقاط ودحر مشروع الهيمنة الأردوغانية، يجب أن يكون أول درس على قيادة ايران الحالية في ادراكه، من أجل ارساء علاقات جوار ثم ما يفوق  ذلك من علاقات قد تكون عامل قوة للبعد الاستراتيجي للمنطقة بأكملها، في ظل اعادة ترتيب الأدوار عالميا، بعد هزيمة التفرد الاميركي وما كان يعرف بـ"القطبية الأحادية"..

بامكان ايران أن تشكل قوة رافعة مع الدول العربية لو أنها أدركت جيدا بقناعة كاملة، وليست استمرارا لحركة الباطنية السياسية" التي شكلت نهجا لايران وتركيا في العهد المهزوم، أن التعاون الحقيقي وضمن مبادئ احترام اساس الواقع السياسي يمر بالتخلي عن أي طموح مرتبط بهيمنة أو مشاريع تتصل بماض بائد، ولعل الحديث عن امكانية التفاوض مع دولة الامارات على الجزر المحتلة، والتوافق على الاقتراح العربي بالذهاب للتحكيم الدولي يشكل مدخلا جوهريا لأسس جديدة لعلاقات ستمنح ايران "قيمة استراتيجية" تفوق كثيرا ما لديها، ولعل درس تركيا يظل ماثلا أمام القيادة الايرانية، فبعد ان استغلت تركيا العلاقة مع الواقع العربية لترفع من قيمتها في السوق السياسي، واعتقدت أنها باتت "الباب العالي" الجديد ضمن الولاية الأميركية لدول العرب المقسمة، عادت الى نقطة الصفر بل وأسوأ..وهي تعيش اليوم في دوامة قد تخرج منها خاسرة لكل ما جنته من خلال "باطنيتها السياسية" ..

تلك هي البداية لو أرادت ايران الارتقاء بعلاقة سترقى بها كثيرا..ولكن نسيان التجربة الماضية أو الاستخفاف بها ستكون وبالا على ايران والفشل مصيرها، ليس في المنطقة فحسب بل ودوليا ايضا، فمن يربح علاقة واضحة متكافئة مع دول المنطقة سيجد أنها بات فاعلا في المشهد العالمي..تلك حقيقة اثبتتها تجارب الماضي وتاريخ طويل..فهل تعيها القيادة الايرانية الراهنة..ذلك ما نأمل وننتظر!

ملاحظة: بات من الضروي كشف من قتل المدهون في غزة،، فأجهزة أمن حماس التي تتباهى بقوتها وانتشارها عليها معرفة الحقيقة وغير ذلك تكون ما قالته "تمرد – فلسطين" حقيقة..وعندها يصبح لزاما ملاحقتها بارتكاب جريمة "قتل سياسي"!

تنويه خاص: مبروك لمصر الثورة انجاز دستورها الذي يفتح طريقا جديدا لمصر المحروسة..دستور يخترق الظلامية السياسية التي حاولوا فرضها بالتسلل!