مخطط برافر، الوجه الآخر للنكبة الفلسطينية
تاريخ النشر : 2013-12-01 07:58

ربما يكون الوجه الآخر للنكبة الفلسطينية التي وقعت في العام 1948، هو مخطط "برافر – بيغن" الذي أقره الإحتلال في العام 2013، بناءً على توصية وزير التخطيط في حكومة الإحتلال "أيهود برافر" في العام 2011، والذي يقضي بتهجير سكان عدد من القرى الفلسطينية في النقب المحتل، وبموجب هذا القرار سيستولي الإحتلال على ما يقرب من 800 ألف دونم من أراضي النقب، وتهجير قرابة 40 ألفاً من سكانه، وحصرهم في أماكن محدودة وضيقة، أضف إلى ذلك تدمير العشرات من القرى البدوية هناك.       

أنا الآن لست بمعرض تفصيل هذا المخطط المشؤوم وذكر تفاصيله، ولكنني أتساءل حقاً، هل سيكون هذا المخطط وجهاً جديداً للهجرة الفلسطينية في العام 1948، وما موقف القيادة الفلسطينية الهزيلة، وكذلك مواقف الدول العربية صاحبة الردود المتواضعة.

لقد شاهدنا وبكل سرور موجات من الإحتجاجات الشعبية لفلسطينيي أراضي الـ 48 المحتلة، ولكن الأمر الذي يزعجني ويزعج الكثير منا، أين المواقف الرسمية من تلك الأحداث، وأين التنظيمات الفلسطينية التي لا تعد ولا تحصى على الساحة عندما يكون الأمر يخصّها أو يعنيها، ما هي مواقفهم وما هي إجراءاتهم مما يحصل الآن.

عندما تكون إنطلاقة حزبية أو مناسبة خاصة بتنظيم معين لا تهدأ الإذاعات ولا تنقطع المكبرات من الصدح بأعلى أصواتها، وكأن صلاح الدين الأيوبي قد فتح القدس من جديد، ولكن الآن يُهجر الفلسطيني من أرضه وتدمر القرى وتنتهك يومياً حرمات المسلمين في المسجد الأقصى فلا نسمع لهم صوتاً ولا رِكزاً.

إن أمرنا أصبح مؤسفٌ للغاية، وصدقوني أن هذا العدو لم يتمادى في غيّه وطغيانه إلا عندما رأى منا ما رأى من الضعف والوهن، هناك استيطان مستمر ينهش الأرض ليلاً نهاراً في الضفة الغربية، وتهويدٌ غير منقطعٍ للمسجد الأقصى ومدينة القدس، وحصارٌ يُضرب على أسوار قطاع غزة منذ 7 سنوات، وها نحن أخيراً وليس آخراً نشاهد مخطط برافر العنصري.

وفي ظل هذه الصفعات المتواصلة من الإحتلال، ما دور القيادة والتنظيمات الفلسطينية، يجب على التنظيمات الفلسطينية أن تفهم هذا السؤال جيداً، ما الهدف الذي أوجدتم تنظيماتكم من أجله؟، هل هو القضية الفلسطينية، أم خدمة الأجندات والمصالح الخاصة ؟، حقاً إنني لا أعرف ما سبب وجودكم على الساحة، إنني لا أقلل من قيمة هذه التنظيمات، ولكنني أنتقد وبشدة أسلوبها في التعامل مع القضية الفلسطينية التي ظُلمت بينهم.

ولا أنسى من انتقادي تلك القيادة الواهنة في الضفة الغربية، التي أصبحت لا تتقن سوى سياسة "الهش والنش" ولا يعنيها سوى السعي حثيثاً لنيل إعتراف المجتمع الدولي "بالدولة الفلسطينية"، وأيّ دولة هذة التي لا تستطيع قيادتها أن تحمي شعبها ممن يعتدي عليه يومياً، كيف ستقام هذه الدولة مع قيادة ضعيفة لا تمتلك سوى خيار السلمية الفاشلة التي أعطت للإحتلال ضوءاَ أخضراً للإمعان في سياسته الإجرامية بحق شعبنا الفلسطيني.

أعتقد أن القضية الفلسطينية تمر الآن بأضعف حالاتها منذ انطلاق الثورة الفلسطينية في العام 1965، فقد تمزقت تلك القضية المسكينة بين أطماع الإحتلال والمصالح الحزبية والتنظيمية البغيضة التي أشغلت القاصي والداني معها، فالكل أصبح لا يعنيه كثيراً أمر البلاد ولا الشعب، ولا حتى الدّين، بل أصبح جل همه، كيف يصل إلى مصلتحه ومراده من خلال تنظيمه وحزبه.

أختم مقالي بأن هذا المخطط المسمى برافر سيمر رغماً عنا إن بقينا كما نحن الآن، فقد أصبحنا لا نتقن سوى سياسة الجعجعة عبر الفضائيات والشاشات، وإنني كشخص واحد منفرد لا أملك سوى تحريك قلمي نصرة لأهلنا في الضفة وغزة والنقب والقدس، وواجب عليّ أن أناصر قضيتي الفلسطنية بما أملكه من قدره وقوة، ولكن عندما يصبح رأس الهرم فاسداً ومنحرفاً فإن القاعدة لا تسطيع التحكم بالمسير.