سلطة لا تملك من أمرها شيئاً!
تاريخ النشر : 2013-11-30 08:43

قالت الانباء ان السفارة الصهيونية في روما ادرجت بيت لحم وعددا من المناطق الفلسطيــنية الأخـرى ضمن دولة «اسرائيل». السلطة الفلسطينية استنكرت ما اعلن ضمن اعلانات السياحة الاسرائيلية. ولم تقم السلطة الفلسطينية بأي اجراء حتى لدى اليونسكو، كون بيت لحم جزءا من التراث الانســاني. قبل هذا، قيــل ان نتنياهــو امر بوقــف مــشروع بنــاء عــشرين الف وحدة استيطانية في الضفة والقدس الشرقية، لكن نتنياهو في الحقيقة لم يأمر بوقف الاستيطان ولكنه قال او نصح العاملين في الاستيطان ان يتمهلوا قليلا وهم يبنون المزيد من الوحدات الاستيطانية.
احتجاجا على استمرار الاستيطان والعنت الصهيوني قدم الفريق الفلسطيني المفاوض استقالته. تسيبي ليفني اعلنت عن امتعاضها مذكرة الفريق بضرورة الاستمرار في المفاوضاات وفقا لتعهداته، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعلن انه اذا ما اصر الفريق على الاستقالة، فانه سيشكل فريقا تفاوضيا جديدا للتفاوض، ما يعني تمسك الرئيس الفلسطيني بالمفاوضات تحت اي ظرف. كان جون كيري قد جال في المنطقة وتحادث مع الرئيس الفلسطيني ومع نتنياهو واعلن تفاؤله ليس فقط باستــمرار المفاوضـات بل كذلك لوصولها الى نتائج قبل انتــهاء المدة الزمــنية التي تحددت بتسعة اشهر منذ اكثر من اربعة اشهر خلت.
السؤال الجوهري هو: هل المهم الاستمرار في التفاوض تحت اي ظرف ام المهم ان يكون الافق مفتوحا على انتهائها بالوصول الى حل عادل وشامل ونهائي؟ ام ان المطلوب اليوم هو ابرام اتفاق مرحلي، بالنسبة للطرف الفلسطيني ونهائي كما يريده الطرف الصهيوني يقوم على الابقاء على الاوضاع كما هي مع حصول السلطة الفلسطينية على اجزاء محددة من المنطقة (ج) المحكومة من طرف العدو مباشرة؟
يقال ان السلطة الفلسطينية لا تملك الا ان تمضي في الشوط حتى منتهاه لجملة من الاسباب منها الواقع الفلسطيني الهش والمنقسم، والمواقف العربية التي لا تتعدى التأييد اللفظي، ومواقف المانحين الذين يتحكمون بالوضع الاقتصادي للسلطة التي ان توقف المانحون عن «عطاياهم» لها ستجد خزينة فارغة وديونا تغرقها لسنوات عديدة وطويلة.
ليس ثمة اي افق للمفاوضات، وليس كما يقال امام السلطة سوى المضي في الدرب: انها لا تستطيع التوقف اليوم حتى لا يقال انها من افشل المفاوضات وليس باستطاعتها التقدم خطوة عملية الى امام. ماذا افاد قبول فلسطين عضوا مراقبا في الامم المتحدة ان كان الواقع يمنع السلطة من الرجوع الى المجتمع الدولي... الى مجلس الامن الدولي والى الامم المتحدة والى اليونسكو وسواها من منظمات الامم المتحدة؟ وماذا عن اليقين ان الكيان الصهيوني قد سمم الراحل ياسر عرفات؟ لماذا لا تلجأ السلطة الى المحاكم الجنائية الدولية؟
يقولون ان الواقع مرير، بل الحقيقة انه وضع كارثي تماما. الامر الوحيد الساري بين السلطة والكيان المحتل هو التنسيق الامني لمنع اندلاع اي انتفاضة فلسطينية. التعاون الامني ارغم السلطة على التصرف في مناطقها على اساس انها دولة وان سلاحها هو السلاح الوحيد المسموح به هناك، ولهذا تقدم احيانا على حملات امنية تقوم خلالها اجهزتها باعتقالات في صفوف النشطاء من الحركات كافة وليس الفتحاويون استثناء من هذه الحملات، ارضاء للعدو ام انفاذا لاتفاقية «اوسلو» التي دفنها الكيان الصهيوني، ام لأن السلطة فقدت كل خياراتها باستثناء خيار المفاوضات؟ واذا كان طريق المفاوضات لن يفضي الى استرداد اي حق من حقوق الشعب الفلسطيني ـ لا القدس ولا حق العودة ولا الاسرى ولا حدود الدولة ولا سيادة السلطة الفعلية على اي جزء من الوطن المحتل ـ فلماذا المضي في الدرب مع انه عبثي ونتائجه كارثية في ظل اختلال فظيع للموازين بين الطرفين المتفاوضين؟

عن السفير اللبنانية