ليبيا: صومال بـ «7».. نجوم!
تاريخ النشر : 2013-11-27 10:16

سُئل وزير الاعلام في اول حكومة ليبية تُشكّل بعد اطاحة نظام القذافي محمود شمام, عمّا اذا كانت ليبيا مرشحة لأن تكون صومالاً جديداً, فجاءت اجابته مُفزعة وذكية في الان ذاته, عندما قال: يمكن ان تتحول ليبيا الى صومال بـ «7» نجوم, بمعنى ان ليبيا يوجد فيها المال والسلاح والرجال أي المقاتلين, كما اوضح, مستطرداً: ان هذا امر خطير جداً لن تسمح به الدول المطلّة على البحر المتوسط (...) فهل أدخلت اشتباكات بنغازي (التي اعلنت العصيان المدني على عربدة الميليشيات) المتواصلة ومجازرها الدموية المتمادية, ليبيا في نفق... الصوملة؟
وقائع الاحداث وبروز جماعة «انصار الشريعة» (وما ادراك ما انصار الشريعة) الذي يقول أحد قادتها «محمود البرعصي» عبر قناة فضائية: إن تنظيم «القاعدة» هو قدوة الجماعة «ونحن قدوتنا فقط الشيخ اسامة بن لادن والظواهري» كما ان الديمقراطية في نظره «كُفر».. دون أن ينسى تذكير الجميع بأنهم (انصار الشريعة لا يعترفون بالدولة الليبية, سواء كان حكومة أم مؤتمراً (برلمان) بل نعترف (يقول) بشعارنا الذي فيه «المصحف يهدي السيف يقطع» ذاهباً الى مدى أبعد وأكثر وضوحاً (اقرأ فجوراً) مُخيراً الليبيين «إما تطبيق الشريعة أوالسيف»..
غدا المشهد الليبي «متميزاً», فالبلاد تستعد للدخول في حرب أهلية بعد أن عمّت الفوضى وتكرّس الفلتان الامني ولاحت بوادر الانهيار, وهو حصيلة ما جاءت به قوات حلف الاطلسي تحت مزاعم وذرائع مفتعلة وكاذبة, حيث لم يعد يظهر في فضاءات ليبيا, «مُفجّر» الثورة ومفكرها المتصهين برنار هنري ليفي, وغاب عنها دعاة الديمقراطية والحرية في اوروبا المُتنورة ونأى بنفسه عنها حامل جائزة نوبل للسلام باراك حسين اوباما، الذي اشاد بـ»قيادته من الخلف» سياسيون ودبلوماسيون واعلاميون, لإصراره على «تحرير ليبيا من حكم الاستبداد الذي كرسه العقيد القذافي طوال اربعة عقود لم يجن منها الليبيون سوى الفقر والتهميش والاذلال وانعدام التواصل مع أدوات العصر واسباب التقدم, فاذا بهم الان - وقد فقد النفط الليبي «الحلو» افضليته عند الامبرياليين بعد ان سيطرت عليه الميليشيات وراحت تبيع معظمه لحسابها وعبر السوق السوداء التي تهيمن عليها المافيات والعصابات الدولية - فاذا بالليبيين يستبدلون استبدادا باستبداد اخر, ولكن هذه المرة تحت مظلة وعباءة ترطن بالشريعة وتتغنى بالقاعدة وزعيمها المُغْتال والثاني المختفي تحت طائلة القتل والتصفية.
اظهرت السنوات الدموية والفوضوية الثلاث التي مرت على «ثورة» 17 شباط 2011 ذات الهوية والرعاية الاطلسية في مدخلاتها ومخرجاتها التي بدأت تتكشف وتتجسد على ارض الواقع، مدى «التحلل» الذي اصاب «ليبيا» بعد كنس «لا دولة» القذافي، وانعدام قدرة (وايضا رغبة) القوى «الثورية» التي تمزقها الشكوك والخلافات وانعدام الثقة وتباين المرجعيات وخصوصا الخارجية، على ايجاد المشتركات والقواسم الوطنية بينها في الوقت ذاته الذي بدأ فيه بروز التيارات الاسلامية وفي ضمنها بل على رأسها, جماعة انصار الشريعة, كذلك جماعة الاخوان المسلمين الذين يسعون الى اسقاط الحكومة كما قال علي زيدان رئيس الوزراء الذي لا يستطيع هو الآخر إنفاذ قرارته فضلا عن الاذلال والمهانة التي لحقت به, بعد اختطافه والصمت المطبق الذي لاذ به بعد ان عجز (أو هُدّد) عن معاقبة الجهات المسؤولة عن اختطافه او حتى مجرد الكشف عن اسمائهم، ما يعني اننا امام انعطافة خطيرة تستعد ليبيا «المحررة» عبورها, قد لا يكون التقسيم وحده ابرز تجلياتها بعد ان باتت «حكومة» ولاية بَرقة تُصدر بيانات وتعليمات، وانما ايضا في تشظي البلاد وتحولها الى أحياء وكانتونات وإمارات, بعضها مُعمم وملتح, وغيرها يرفع لواء الهوية العِرقية (الامازيغ) او الجهوية شرق غرب جنوب وثالثة لا تتحرج من الاعلان عن نفسها امتدادا لتنظيم القاعدة كما يقول قياديو جماعة انصار الشريعة..
يبقى السؤال الذي لا قيمة له بدرجة كبيرة, وإن كان يروم الاشارة الى الموقف المشين لجماعة الدول العربية في عهد عمرو موسى عندما «شرّعت» لحلف شمال الاطلسي غزو ليبيا واستباحتها بذريعة وقف جرائم القذافي.
فأين هي جامعة نبيل العربي؟
ومَنْ ينتصر لليبيين.. الآن؟
عن الرأي الاردنية