مخيم اليرموك وحدي السيف
تاريخ النشر : 2015-02-25 13:18

هل سمعتم عن مخيم اليرموك؟ ماذا سمعتم عنه؟ ومتى كانت آخر المرات التي سمعتم فيها عن هذا المخيم؟ وماذا تعرفون عنه؟!

ﻻ تجيبوني قبل أن تقلبوا دفاتر اﻷيام، فأنا ﻻ أبحث عن اﻷيام الخوالي إذ أعرف بأن جلكم سار في شوارعه الرئيسية ' اليرموك فلسطين والثﻻثين وجال في حارته من صفد إلى لوبية وصفورية والجاعونة وغيرها وتنقل بين أزقته التي تشتم فيها عبق فلسطين التي لطالما حلموا أهل مخيم اليرموك بالعودة إليها.

أعيدوا عقارب ساعاتكم إلى الوراء كي يتحرك عداد التاريخ إلى ستمائة وسبعين يوم ويزيد، ستشاهدون بأن الصورة معكوسة عما كتبتم في دفاتر أيامكم عن مخيم كان عاصمة الشتات الفلسطيني صار على ما صار عليه اليوم.

فمخيم اليرموك يئن ما بين مطرقة الحصار وسندان الإختطاف وما يعانيه من الجوع والحرمان من أبسط مقومات الحياة فﻻ ماء وﻻ كهرباء ﻻ طعام وﻻ دواء ﻻ شيء في المخيم سوى عشرين ألف جائع ومهدد بالموت في أي لحظة عﻻوة على عمليات القتل واﻹغتيال التي تستهدف العزل على أيدي مجموعات مسلحة أخذت من المخيم موطئ قدم لها، فهرب منه من هرب وبقي فيه من بقي ممن تقطعت بهم سبل النجاة والخﻻص بعدما فشلت كل المساعي الفلسطينية من أجل تحييد المخيم عن القتال الدائر هناك وخاصة بعدما رفض المسلحون المتواجدون داخل المخيم الحلول المطروحة من أجل إنهاء اﻷزمة فيها وعودة أهله وسكانه إليه وتأمين ممرات آمنة لخروجهم منه وتضارب الروايات حول المتسبب في فشل كل الجهود المبذولة حتى اللحظة والرامية لتحريره وإنقاذه .

وبالتالي استمر الحصار عليه نظرا لوجود هؤﻻء المسلحون فيه، حيث يخشى من وصولهم إلى قلب العاصمة السورية دمشق نظرا لقرب المخيم ﻷحيائها وخاصة حيي الزاهرة والميدان الدمشقيان اللذان يفصﻻ مخيم اليرموك عن قلب العاصمة ناهيك عن تجاوره لكل من حي التضامن والتقدم ودف الشوك والقدم والحجر اﻷسود وجرمانة وغيرها من اﻷحياء الدمشقية التي تعتبر مواقع استراتيجية وخطوط أمان هامة للعاصمة مما يجعل اﻷمر أكثر تعقيدا فيما يخص رفع الحصار عن المخيم الذي يدفع ثمن تداخله مع هذه اﻷحياء وخاصة بعد زحف المسلحون من داريا والمعضمية إليه بعد ضرب معاقلهم هناك بإستثناء بعض المساعدات التي تصل السكان من خﻻل ممرات آمنة مثل يلدا - بابيﻻ - بيت سحم وغالبا ما تكون هذه العملية محفوفة بالمخاطر نظرا لتعرض قوافل المساعدات وطوابير الناس إلى إطﻻق نار وسقوط قذائف على الشاحنات المحملة بالمساعدات وعلى المصطفين من الناس ﻹستﻻم هذه المساعدة إضافة إلى محاولة سرقتها واﻹستيﻻء عليها وبالتالي إجهاض كل المساعي والمبادرات الرامية إلى إيجاد حلول آمنة ﻷزمة المخيم التي تعصف باﻷبرياء فيه كما حصل عدة مرات عند ساحة الريجة القريبة من المدخل الرئيسي للمخيم.

وبصرف النظر عن كل هذه التداعيات ومن المتسبب بها فإننا نرى وجوب النظر بعين الرحمة إلى هؤﻻء العزل الذين يموتون إما جوعا أو مرضا جراء هذا الحصار وإما قتﻻ من قبل المسلحون في داخل المخيم تحت حجج مختلفة ﻻ مبرر لها وفي هذا السياق نستصرخ كل الضمائر الحية من أجل وقف مسلسل التجويع والقتل واﻹغتياﻻت التي تستهدف هؤﻻء اﻷبرياء وحمايتهم وتأمين دخول أهله النازحين إليه وخروج المحاصرين منه وخاصة أولئك المهددين بالقتل من قبل هؤﻻء المسلحون فﻻ يعقل أن يذبح المخيم بحدي سيف الحصار واﻹختطاف وأن يقع ضحية لما يجري في سورية العزيزة على قلوبنا والتي نسأل الله العلي القدير أن يعافيها من محنتها ومن شر ما تتعرض له للنيل منها وتفتيتها وتقويضها.

فلطالما حيد شعبنا نفسه ونأى بها عما لحق بهذا البلد الحبيب الذي احتضنه واستضافه زهاء سبعين عاما من التشرد واللجوء وعلى الرغم من كل ذلك أصابه ما أصابه ولحق به ما لحق وﻻ ضير وﻻ نمن عليها وعلى أهله بهذا بل إن هذا واجب ودين علينا أن نذود عن حياضها ولكننا نذبح ونقتل في داخل مخيم اليرموك في اليوم ألف مرة ومرة وهل يعقل هذا؟!

أرجوكم ..

مخيم اليرموك أزمة إنسانية بإمتياز..

فمن ينقذنا من من؟!