الاتفاق مع ايران..شرق اوسط جديد؟!!
تاريخ النشر : 2013-11-25 17:18

تمخضت المفاوضات بين ايران و الدول الكبرى بالتوصل الى اتفاق انتقالي لمدة ستة اشهر تتعهد ايران بموجبه بوقف برنامجها النووي مع رقابه دولية لمنشآتها و في المقابل يتم رفع جزء من العقوبات الاقتصادية التي خنقت الاقتصاد الايراني و الذي  كان على شفى حفرة من الانهيار.

كل طرف يستطيع ان يدعي انه انتصر و ان الاتفاق لصالحة، و ذلك من خلال التركيز على الجوانب الايجابية واخفاء ما عجز كل طرف عن تحقيقة. ايران تستطيع ان تقول انها نجحت في كسر الحصار و لم تتخلى عن برنامجها النووي ، فقط جمدته لفترة مؤقته، و امريكا و من معها من الدول الكبرى تستطيع ان تدعي انها نجحت في لجم المشروع النووي الايراني  و منعت ايران من  امكانية  الاستمرار في تصنيع القنبلة النووية.

مفاوضات جنيف  و التي تمخض عنها هذا الاتفاق الانتقالي مع ايران ، ووفقا لما  نشر من معلومات هو ثمرة اتصالات سرية مباشرة بين ايران و الادارة الامريكة بدأت في عُمان قبل ستة شهور، اي في عهد احمدي نجاد و التي استكملت في عهد الرئيس الجديد حسن روحاني ، و لانها مفاوضات سرية فأن من المنطق ان لا تقتصر  فقط على الموضوع النووي، بل من المفترض انها شملت العديد من الملفات في منطقة الشرق الاوسط و التي تششابك او تتعارض فيها المصالح الايرانية الامريكية مثل  افغانستان ، العراق، دول الخليخ و سوريا. طبيعة التفهامات الثنائية بين امريكا و ايران و التي ستتكشف معالمها في المستقبل و كذلك سيتكشف اكثر تداعياتها  على الاستراتيجية الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط.

من السابق لاوانه فهم عمق التغيير الذي سيتمخض عنه التقارب الامريكي الايراني في المرحلة المقبلة. ما هو اكيد ان هناك تداعيات ذات تأثير هام ستحدث في الاشهر المقبلة. و ان هناك الكثير من الاسئلة ستجد لها اجابات في المستقبل، على سبيل المثال:

اولا: كيف ستتصرف اسرئيل مع الملف الايراني في المرحلة المقبلة في ظل الفشل الذريع لسياسة نتنياهو في هذا الملف، على الرغم انه يستطيع ان يدعي انه لولا الضغوطات التي مارسها لحصلت ايران على اكثر مما حصلت علية في هذا الاتفاق. هل ابقى هذا الاتفاق اي مجال امام اسرائيل للتصرف لوحدها في هذا الملف؟ بمعنى هل الخيار العسكري اصبح اقرب ام اصبح اكثر صعوبة؟ هناك وجهات نظر اسرائيلية متباينة حول هذا الامر على الرغم ان الاعتقاد السائد بأن هذا الخيار غير ممكن في المرحلة الحالية، لان مشكلة اسرائيل ستكون مع كل العالم و ليس فقط مع ايران.

ثانيا: كيف سينعكس هذا الاتفاق على العلاقات الاسرائيلية الامريكية، على ضوء ما مارسة نتنياهو من تشويش على الرئيس اوباما و الادارة الامريكة سواء من الناحية الاعلامية او من خلال الاتصالات مع اعضاء الكونغرس من قوى اليمين و جمهوريين ؟ هل سيستسلم نتنياهو للواقع خلال الستة اشهر القادمة ، في انتظار ان يفشل الاتفاق النهائي ليقول انني حذرتكم بأن ايران لن تتخلى عن مشروعها النووي؟ ام سيستمر في انتقاده العلني و تقديم ذلك على انه كارثة بالنسبة لاسرائيل و على اعتبار ان ايران المستفيد الوحيد من هذا الاتفاق، و ان اوباما عمليا تخلى عن اسرائيل؟

ثالثا: كيف سينعكس هذا الاتفاق على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، هل سيجعل موقف نتنياهو اكثر تشددا و اكثر استفزازا للموقف الامريكي. وهل امريكا وفقا لنهجها الجديد سيتراجع اهتمامها في هذا الملف الذي لا امل في انجاحة على الاقل في هذة المرحلة ام انها ستعتبر تهدئة الجبهة مع ايران سيعطيها ما يكفي من الهدوء لتفعيل دورها بشكل اكبر مما هو الان؟

رابعا: هل هناك تغيير استراتيجي في السياسة الايرانية ليس فقط فيما يتعلق بطموحها للحصول على سلاح نووي و الاكتفاء بتطوير قدراتها النووية للاغراض السلمية ، و ان هذا هو بداية لعهد جديد من الانفتاح و الاعتدال في التعاطي مع العديد من الملفات، ام ان التيار المتشدد في ايران هو الذي سيقرر و ان ما حدث من اتفاق هو تكتيكي لتخفيف الحصار الاقتصادي و بالتالي سيبقى النهج الايراني في كل ما يتعلق بسياستها من الملفات المتعددة كما هو و انه في لحظة محددة ستتنصل ايران من اتفاقها و تستأنف نشاطاتها النووية بعد ان تكون قد استفادت من رفع العقوبات الاقتصادية؟.

خامسا: من الناحية الامريكية، هل الاتفاق مع ايران هو مؤشر آخر على استراتيجية امريكية جديدة مبنية على تقليص دورها في منطقة الشرق الاوسط و عدم اللجوء الى استخدام القوة في معالجتها للعديد من الملفات، و ان الاهتمام الامريكي سيكون اكثر بأتجاه شرق اسيا لما في ذلك من مخزون اقتصادي استراتيجي؟ و كيف سينعكس ذلك على ما ستتركة امريكا من فراغ كم هو الحال في الملف المصري و السوري؟ كيف سينعكس ذلك على علاقاتها مع السعودية بشكل خاص و دول الخليج  بشكل عام؟ 

في كل الاحوال، الاسابيع و الاشهر القادمة قد تعطي اجابات حول تداعيات هذا الاتفاق و عمق تاثيرة على التحالفات في المنطقة و كذلك انعكاسة على القضية الفلسطينية التي بلا شك ستتأثر سواء بشكل مباشر او غير مباشر من هذة التطورات.

[email protected]