نعيبُ زماُننا وما لزمانِنا عيبٌ سوانا
تاريخ النشر : 2015-02-14 00:40

نستمع كثيرًا لخُطب من بعض خُطباء المساجد يوم الجُمعة كلامًا جميًلا معسولاً مُنمقًا لا يختلف عليهِ إثنين؛ ونري كثيرًا من الناس أصحاب الأماكن المرموقة والوظائف العالية وممن تبؤوا المناصب العليا في بعض التنظيمات والفصائل والأحزاب والحركات والوزارت والجامعاتِ والجمعيات والشركات والمؤسسات الخ... تُجالسهم فتسمع منهم كلامًا غاية في الجمال والروعة، و كثيرًا منهم من يلعن وساخط على ما آلت إليه أوضاع الأمة العربية والإسلامية عمومًا وقضية فلسطين خصوصًا؛ وصدق الشاعر فينا حينما قال: "نعيبُ زماننا والعيبُ فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا" والمشكلة الكبيرة في أن الكثير منهُم يتكلم عن الأخلاق والفضيلة ويخطب الخُطب العصماء عن الرحمة والسماحة والعدل والأمانة في الإسلام، وقصص عن الصحابة الكرام وعدلهم وعن سيرتهم العطرة المُباركة؛ ولكن الطامة والمصيبةُ الكُبري أن البعض بل الكثير ممن يتكلم هذا الكلام الجميل الطيب تري أفعالهُ عكس أقولهِ فتعجب لفعلهم!! تراهم يتكلمون عن العدل ويظلمون الناس، ويتكلمون عن مساعدة الفقير والعطاء والانفاق وتجدهم لا ينفقون بل أكثرهم البُخلاء، ويتحدثون عن الأمانة، وقد ضيعوا الأمانة بل الأمانات، وأكلوا أموال الناسِ بالباطل؛ ويتكلمون عن سيرة الصحابة الكرام ولا يأتون ببعض ولو القليل من أفعالهم، كروشهم إنتفخت وجيوبهم إمتلأت من الأموال لا يبالون أهي من حلالٍ أم حرام، ويتكلمون عن حرمة قتل النفس التي حرم الله عز وجل إلا بالحق؛ ومع ذلك يقتلون بغير رحمة أو شفقة، يمرقون من الإسلام مرور السهمِ من الرمية، ألسنتهم أحلي من العسل وقلوبهم أّمرُ من الصبر؛ يّرُون الناس يقُتلون من الوريد إلى الوريد إما بالتشريد، أو بسلاح اليهود، أو من وضع الناس تحت خط الفقر، ومن تردي الوضاع الانسانية ومن المشكلات التي لا عدّ لها ولا حصر، ومنها واقع في منطقتنا العربية، كمن ينامُ على الرصيف يلتحف السماء ويفترش الأرض، ومنا من يملك ملايين الدولارات وينام في الحرير، بل يدفع ملايين الدولارات من أجل إستضافة لاعب مشهور أو مغنية مشهورة؛ إنها معاير معكوسة ومغلوطة. إننا بحاجة لوقفات أما النفس، ومحاسبتها قبل أن تُحاسب يوم الحساب، يوم لاينفع المتلونيين تلونهم ولا الكذابون الذين يقولون عكس ما يفعلون كّذبهُم ولا المستوزرين وزاراتهم إن لم يحسنوا عملهم، ولن ينفع الحكام الظُلام ظُلمهم؛ وعروشهم، ولن ينفع الأغنياء ثرواتهم إلا من أنفقها في طريق الخير؛؛ وذلك في اليوم العظيم يوم القيامة؛ حيث يومها لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله عز وجل بقلبٍ سليم؛ في هذا اليوم تُرد المظالم والحقوق لأهلها حتي يأخد الله عز وجل حق الشاه الجلحاء من الشاهِ القرناء، وفي هذا اليوم يقالُ للمظلوم تقدم... تكلم... ويقال للظالم لا تتكلم، في هذا اليوم يدخل الفقراء والمساكين وأصحاب البلاء والهموم والغموم من ضعفاء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بفتراتٍ طويلة لا يعلمها إلا الله عز وجل؛ في هذا اليوم المُزلزل العظيم يقول الله عز وجل للملوك والحكام وللجميع:" لمن الملكُ اليوم" فلا أحد يجُيب؛ فيقول الله عز وجل:" للهِ الواحد القهار" في هذا اليوم المُسمي: القيامة والواقعة والحاقة والزلزلة والصاخة والقارعة؛ يم التنادّ، في ذلك اليوم المشهُود سوف تُرد الحقوق لأصحابها: يومها يندم الشيطان ويقول:" وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق، ووعدتكم فأخلفتُكم، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم" فعلينا أن لا نعيب أو نسب الدهر لأن الله عز وجل هو الدهر كما جاء في الحديث القدسي الشريف:" يؤذيني إبن أدم يسُب الدهر وأنا الدهر" فلا نلومن إلا أنفسنا – وليبدأ كلُ إنسان فينا بالاصلاح من نفسه وأهل بيته وأسرتهِ، ومن يعول وبذلك يصلح المجتمع، وأن نُضيّء شمعة خيرٌ من أن نبقي نلعن الظلام.