حـمـاس وعباس وصعوبة الموقف
تاريخ النشر : 2013-11-25 12:14

إفلاس محمود عباس وحماس يضع الكفاح الفلسطيني في مكان ضيق ومزعج بعد الفشل الواضح تمامًا في إدارة النضال الوطني المفترض أن يكون موصل للتحرر الوطني, وليس موصل لفريق يحكم في الضفة الغربية وآخر في قطاع غزة مشروع الشعب الفلسطيني.

وهنا إصرار أبو مازن على المضي قدمًا في التفاوض مُثير للغضب, وخاصة أن إسرائيل لا تظهر أي جدية للتوصل إلى حل الدولتين من عبر هذه المفاوضات، ومع تصعيد الاستيطان المرتبط في عدم وفائها بالالتزامات التي تعهدت بها قبل استئناف المفاوضات المباشرة في 29 تموز "يوليو", يأتي إصرار أبو مازن على أن المفاوضات فوق الجميع والطريق الوحيد لخياراتي مهما حصل من الاحتلال الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني مُغاير تمامًا للحقيقة الموجودة, ما يُشكل هذا الموقف من الرئيس عباس إهانة للكل الفلسطيني، وللمعارضة التي لن يرحمها التاريخ على صمتها أمام السخرية منها ومن الكفاح الفلسطيني في القرار الذي لم يعد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير علاقة فيه، بل هو قرار خاص من مكتب الرئيس يفترض أن يترتب عليه موقفًا من فصائل القوى الفلسطينية ردًا على السخرية والقرار الشخصي من قبل أبو مازن الذي يؤكد على مواصلة المفاوضات حتى نهاية مدة الأشهر التسعة المتفق عليها مع إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تنتهي في تاريخ 29 "أبريل" عام 2014م.

ومن الجانب الآخر يمكن وصف وضع حركة حماس اليوم في أنها تعيش في ظروف أكثر تعقيدًا من الأمس, مع ذلك لا يؤكد هذا أن حكم حماس في خطر حاليًّا.. فهناك لا زال الفرص كبيرة لحماس للبقاء وفقًا للمحاولات الرامية منها للشعب الفلسطيني على أنها ما زالت ملتزمة ببرنامج المقاومة", رغم الهدنة التي بينها وبين الطرف الإسرائيلي, وعلى ضوء ذلك, ورغم الصعوبات القاسية التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة, لا يمكن الحديث أبدًا الآن حول أن حماس ستغادر من المشهد الفلسطيني لأجل تحقيق أحلام هنا وهناك, عند مراهق سياسي ومسئول أو عند بعض من نخب ومثقفين الارتزاق من الأوضاع الفلسطينية, ما زال لحماس وقت آخر وجماهير لمقاومة ستكون في حالة اشتباك طالما هناك كيان صهيوني واعتداءات على حق الشعب الفلسطيني العادل في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة, وربما نعود للاشتباكات الداخلية مرة أخرى في حالة التوصل لاتفاق سلام مؤقت بين الرئيس محمود عباس والاحتلال الإسرائيلي, وخاصة إذا حماس ليست جزءًا من هذا الاتفاق.

ولذلك أرى في دعوات رئيس حكومة حماس "إسماعيل هنية" للشراكة الفلسطينية بإدارة قطاع غزة, تأتي في ظروف فلسطينية مأساوية بكل معنى الكلمة يعيشها الوطن والمواطن الفلسطيني, وربما أيضًا هي خطوة متأخرة, ولكن ممكن العمل عليها والتحرك معها لأجل خلق فرص جديدة أمام المصالحة الوطنية التي يمكن لها أن تقدم نموذج فلسطيني آخر مستقر سياسيًا واقتصاديًا يدعم في تجاه خطاب فلسطيني جديد, ومقاومة رغم كل التعقيدات القائمة التي لا تجعل من الواقع الفلسطيني أمرًا سهل المنال، ما يهدد من الناحية الفعلية جوهر معنى وحدة الأراضي الفلسطينية, وبالتالي يهدد هدف قيام الدولة الفلسطينية على هذه الأرض، وما يفتح المجال واسعًا لتكريس تجزئة هذه الأراضي وتطورها السياسي إلى ثلاثة أجزاء واضحة, هي قطاع غزة والقدس التي يجري سلخها بشكل كلي عن الضفة الغربية امتدادًا لقرار إسرائيل بضمها منذ عام 1967م.