حواتمة: الوفد الفلسطيني علم مسبقا بموقف نيجيريا بمجلس الأمن
تاريخ النشر : 2015-02-12 12:40

 أمد/ عمان - نادية سعد الدين : كشف أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة عن "علم الجانب الفلسطيني المسبق بموقف نيجيريا من مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي، ولكنه أصرّ على طرحه للتصويت حتى يجنب الولايات المتحدة حرج استخدام "الفيتو" مقابل وعود غير ملزمة للعملية السلمية".

وقال، لـ"الغد"، إن "الوفد الفلسطيني، مع بعض الدول العربية، تبلغ قبل 36 ساعة من طرح المشروع للتصويت، بتراجع نيجيريا عن التصويت لصالحه، مما يجعل الأصوات المؤيدة له محددة ثمانية فقط، غير كافية لتمريره في مجلس الأمن ونفاذه".

وأضاف "لقد طلبت بعض الفصائل الفلسطينية من الرئيس محمود عباس حينها بعدم طرح المشروع للتصويت والانتظار لأسبوعين فقط، في ظل تغير تركيبة مجلس الأمن في العشرة أيام ألأولى، وأيضاً، في النصف الثاني من شهر كانون الثاني (يناير) للعام الحالي، بدخول دول صديقة للجانب الفلسطيني بما يضمن تأييد ثلاثة إلى أربعة أصوات منها للمشروع عند تأجيل طرحه".

غير أن "الوفد الفلسطيني، إلى أميركا، أصرّ على طرحه للتصويت حتى يجنب الولايات المتحدة، في ظل الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة، مسألة اللجوء إلى "الفيتو"، الذي هددت مسبقاً باستخدامه، للمرة الثانية والخمسين، بعدما استخدمته 51 مرة لصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية".

وقال إن "هناك مجموعة من فتح، من بينها من أيد المضي بمشروع القرار رغم مصيره الفاشل، يقدمون مشروعاً يعتقدون بنجاحه في إتمام العملية السلمية، حيث يقرون فيه بتبادل الأراضي، وبشكل من أشكال التعديلات في القدس الشرقية، وبحق العودة وفق تفاهم معين مع اعتباره حقاً فردياً وليس وطنياً".

وأوضح أن هذه المحددات "تم تضمينها كتعديلات في مشروع القرار الذي تم تقديمه لمجلس الأمن، من وراء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وكل القوى والفصائل الفلسطينية ومن دون موافقتها".

وقال إن "الوعود الأميركية، المقابلة للموقف الفلسطيني، بإحراز تقدم في العملية السلمية لم تغادر حتى اللحظة مربع الوعود العامة غير الملموسة"، مبيناً أن "الإدارة الأميركية لم تقدم إلى القيادة الفلسطينية أي شيء ملموس في سياق المسار السياسي".

وأشار إلى أن "الجهود الأميركية ستستأنف بعد الانتخابات الإسرائيلية، المقررة الشهر المقبل، للعودة إلى المفاوضات"، مؤكداً "الاستعداد الفلسطيني للعودة إلى طاولة التفاوض شريطة أن تكون مفاوضات شاملة مبنية على قرارات الشرعية الدولية".

وبين أن "الجانب الأميركي يؤمن بالحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ولكن مشكلته في أنه ليس مع حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967".

ويسمح ذلك الموقف "للاحتلال بطلبات واسعة لضم القدس الشرقية إلى الكيان الإسرائيلي، وإجراء تعديلات على الحدود، تتفق حولها مختلف الأحزاب والقوى الإسرائيلية، بحيث تتراوح بين 8 – 20 % من أراضي الضفة الغربية، يتم اقتطاعها لصالح الاحتلال والاستيطان".

ونوه إلى أن "ذلك تسبب في الخلاف حول الحدود والقدس الشرقية، فيما تبنى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ضم المناطق والكتل الاستيطانية والتجمعات اليهودية للكيان الإسرائيلي، بينما يتم ضم المناطق العربية في القدس الشرقية للكيان الفلسطيني المنشود".

وقال إن "انسداد الأفق السياسي بسبب التعنت الإسرائيلي، واستمرار الانقسام، وتدهور الأحوال في الأراضي المحتلة، سيؤدي إلى تفجر الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة"، محملاً "حركتي فتح وحماس مسؤولية تعطيل برامج الوحدة الوطنية، وعدم الاستجابة لجهود القوى والفصائل لإنهاء الانقسام".

وزاد "لقد قمنا بكل شيء، ما عدا الأمر الذي نرفض الانزلاق إليه وهو مقابلة السلاح بالسلاح وفتح الأبواب أمام حرب أهلية داخلية".

وأضاف أن "الأجهزة الأمنية في رام الله تقمع وتحاصر حركات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان، وكذلك محاصرة حماس للحراك الشعبي في غزة، هذه كلها سياسات تؤدي إلى الفشل والانسداد، بحيث لن ينفع السلاح السلطوي في رام وغزة للهيمنة".

وتابع "نحن ضد حمل السلاح وإطلاق النار على أي فلسطيني، وضد أشكال الاقتتال الداخلي"، معرباً عن ثقته بأن "الأمور لن تصل إلى الحرب الأهلية، مع مواصلة مساعي منعها، وتوجيه البنادق ضد الاحتلال والاستيطان، من أجل انتزاع الحقوق الوطنية في التحرير وتقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس المحتلة".

وأوضح أن "التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس تسبب تعطيل ذهاب الوفد الفلسطيني الشامل من كافة القوى والفصائل الفلسطينية إلى غزة، تزامناً مع الإصرار على اللقاء الثنائي في القاهرة لبحث المصالحة".

وقال إن "حكومة التوافق الوطني لا تستطيع فعل شيء في ظل تلك الأجواء، ولأنها لا تضم المكونات الوطنية ولا الشخصيات الوطنية الوازنة ونظيفة اليد، والتي ليس لها مصالح شخصية".

وأوضح أن "الحكومة تراعي مصالح فئوية ضيقة خاصة بالفريقين المتخاصمين، لأنها تشكلت وفق تفاهمات المحاصصة الثنائية بين فتح وحماس، وأتت بشخصيات من فتح أو حماس أو تابعين لهما، بدلاً من مهام "الإشراف على قضايا حل الانقسام وإجراء العملية الانتخابية وفق الشراكة الوطنية".

وأكد ضرورة "إسقاط الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية من خلال عقد اجتماع اللجنة القيادية العليا للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير، في القاهرة قريباً، لوضع الآليات التنفيذية الملموسة وفق سقف زمني محدد لحل القضايا العالقة للمصالحة".

ودعا إلى "وضع آليات تنفيذية خاصة بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفق التمثيل النسبي الشامل، الذي يضمن الشراكة الوطنية الفعلية، تزامناً مع الانضمام إلى بقية المؤسسات الدولية، والمضي في مسار المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال ومحاكمته على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني".

واعتبر أن "كل ذلك يبقى معطلاً في ظل استمرار الانقسام وعدم تنفيذ برامج الوحدة الوطنية، التي تم وضعها منذ 2005 حتى 2011، لإنهاء الانقسام، بينما كان اتفاق الشاطئ، في نيسان (إبريل) الماضي، اتفاق عناوين فقط بعيداً عن بحث الآليات التنفيذية".

وبين أهمية "تمكين الحكومة من أداء عملها بجدية، ما يستدعي تصحيح وتطوير الحكومة الواحدة، حتى تكون ممثلة لكل مكونات الشعب وقادرة فعلياًَ على تطبيق برامج الوحدة الوطنية وعدم الاصطدام بجدران مانعة في الضفة وغزة".

ولم يستبعد عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الحكم مجدداً، بحيث تكون الحكومة المقبلة يمينية متطرفة.

وقال إن "نتنياهو، الذي أظهرت استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي الأخيرة تمتعه بمكانة معتبرة في نتائج الانتخابات القادمة، يعدّ الناخب بنهب المزيد من الأرض والاستيطان وضم القدس الشرقية والمزيد من أراضي الضفة الغربية، بالإضافة إلى الأمن".

ولفت أن ذلك "يجد حضوراً قوياً في الداخل الإسرائيلي الذي يميل مزاجه العام نحو اليمين المتطرف، بما يعزز حلف نتنياهو- (نفتالي) بينيت (زعيم حزب البيت اليهودي)- و(أفيغدور) ليبرمان (زعيم حزب إسرائيل بيتنا). وأفاد بأن "انسداد الحلول السياسية بسبب التعنت الإسرائيلي والاحجام عن تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي، سيؤدي إلى تفجر الأوضاع في الأراضي المحتلة وخلق الأجواء المناسبة لتنامي ظواهر تنظيم "داعش" وأنصارها التي تستثمر هذه الأزمات".

وأوضح أن "الأعداد التي تتبنى مشروع "داعش" في الأراضي المحتلة متواضعة، ولكن هناك تنظيمات تعمل تحت أسماء أخرى، في غزة مثلاً، فالمشكلة ليست بالعدد، في ظل العناوين المتعددة، وبعضها اصطدمت به "حماس" ودخلت معها في تصفيات دامية".

وقال إنه "أمام استمرار الأزمات بلا حلول، فسيكون "لداعش" قواها الكامنة في فلسطين، كما في بقية البلدان العربية"، لافتاً إلى أن "أنصار بيت المقدس و"أكناف بيت المقدس"، الذين لهم حضور مسلح في غزة، وسيناء بمصر، وهم شركاء في الأعمال الدامية المسلحة في سورية والعراق، أعلنت هذه القوى بوضوح تبنيها لمشروع "داعش" تحت عنوان الخلافة الإسلامية وبايعت علناً "أبو بكر البغدادي".

وبين أن "أعمال تلك القوى يجري تبنيها من قبل "داعش"، وقد وقع هذا في المخيمات الفلسطينية في سورية، فالقوى التي شاركت في احتلال مخيم اليرموك، وبعض المخيمات الأخرى، كان من بينها "داعش" وأيضاً بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، كما أن لهم جذور فكرية وسياسية معلنة بالإخوان المسلمين".

واعتبر أن ""داعش" وأخواتها تكاثرت كالفطر في الشرق الأوسط والتي يشار إليها تحت عنوان واحد، بينما هناك 22 تنظيم إسلام سياسي مسلح في العراق، وأكثر من 50 في سوريا والمئات في ليبيا"، مبيناً أن "محاصرة وتطويق مخاطرها لا تقتصر على المعالجة العسكرية الأمنية، وإنما عبر التسريع في حل الأزمات الداخلية، من قضايا الحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والإصلاح".