واقعنا بين الفراشة والفيل
تاريخ النشر : 2015-02-12 11:48

ماذا يحدث في منطقتنا، في دولنا، في مدننا، في قرانا، يدخلنا في سؤال عميق جدا، ما أن نبدأ بالإجابة عنه حتى نجد أنفسنا محاطين "رغم أنوفنا" بنظريات المؤامرة والتطرف والتدخلات الخارجية، ونتوه في التفاصيل الدقيقة وننسى أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، ويبدأ الشد والجذب والاختلاف بين آراء المجتمعين، وكل منهم يبحث عن وسيلة لإقناع المجموع أن رأيه هو الصواب، وهنا يتحول الخلاف في داخل المجموعة ويبدأ "التقوقع الفكري" وفشل الدخول في الأسباب الحقيقية لكل ذلك، وإن تعرفنا على سبب فشلنا في الاتفاق على آليات المعالجة الجذرية .

الشرق الأوسط الجديد مخطط ويخطط ليتغول على حساب تاريخ وواقع المنطقة العربية، وهنا ليس صحيحا أن "الفقر" هو السبب الرئيس أو الدافع لكل ما نعانيه اليوم، ونعم هو أحد الأسباب كون أن مثلت الرعب المجتمعي يقودنا إلى ذلك، وهذا المثلث يتمثل في " الفوضى، والفساد، والجوع" فكل زاوية حادة في المثلث تقودنا إلى الزاوية الأخرى، في قنوات متصلة فيما بينها، وهكذا نجد دوما أننا نعيش في دوامة من البحث عن الحقائق، وفي النهاية نجد بالفعل أن هناك "الأيدي الخفية" الخبيثة تصنع بنا ما هو مطلوب منها أو مُخطط لها، والأيدي الخفية قد تكون في داخل القرية أو المدينة أو الدولة أو المنطقة، أو قادمة من خارج هذه الجغرافيا، لذا علينا أن نقرأ بعمق ما الذي يحدث، وأن نكون أكثر واقعيين في تفسيرنا لكل ما يجري، البداية لبنان، وثم العراق، والصومال وسوريا وليبيا واليمن، وكثير من البلاد المستقرة قد تغزوها شرارة الفوضى "بفعل فاعل" أو "جهل متعمد"، وتضاف لاحقا إلى القائمة، حتى تتحول الخارطة إلى مأساة حقيقية، سوف تُسجل في التاريخ للأجيال القادمة بسوداوية، وتتحول إلى "إرث ثقيل ومعتم"، وعلى القادمين في المستقبل الغامض أن يبحثوا عن الأسباب والخروج من النتائج الوخيمة والكارثية...؟!

إن بعض الأفكار و التحليلات التي تتداول والتي نجتهد لنقنع بها جمهورنا هي من الهشاشة والضعف بحيث لا تؤثر فيه، أو تقع في نفسه دون ان تحرك فيه شيئا، وهذا يشبه تلك الفراشة الصغيرة التي وقفت على ظهر فيل ثم أرادات أن تطير فقالت له: انتبه فإني أريد أن أطير، إنها تظن بأن الفيل سيفقد توازنه إذا طارت عنه فجأة .

إن الفيل هو الأحداث الكبرى والمتلاحقة، والفراشة تلك الأفكار البسيطة التي نتداولها ونناقشها، وننتقل من واحدة لأخرى دون أن نستطيع أن نغير شيئا من هذا الفيل الضخم الذي يرهق منطقتنا ويحدث ضجيجا كلما تحرك من مكان لآخر .

ملاحظة: هناك دول بعيدة عنا تعيش في فقر وفي انعدام حتى في برامج التنمية ومع ذلك لا نقرأ أن أحداثا تقع فيها أو أنها تحولت إلى قواطع ومدن متخاصمة أو متعاركة .