بائعوا الدخان ما بين قسوة الحياة وملاحقة الشرطة والبلدية – ونظرة المجتمع واحتقار الناس لهم !!
تاريخ النشر : 2015-02-11 08:11

غزة / خالد البطران : شباب في عمر الزهور ، دفعتهم الحاجة لكي يبيعوا الدخان على ارصفه الطرقات فغدرت بهم الحياة ليعيشوا أقصي معاني الحياة ، لهم حُلم ، لهم هدف ، لهم حقوق يريدونها ، هم " بائعي الدخان " . فمن الملاحظ أن أغلب الباعة الجائلين من الشباب الخريجين والأطفال في عمر الزهور دفعتهم الظروف الاقتصادية الصعبة ليمارسوا هذه المهنة لكي يعيلوا أسرهم نظرًا لحالة الفقر الشديد التي يعانون منها .

يقول الشاب شادي "20 عاماً" بائع متجول يبيع الدخان علي الرصيف عندما سألته عن السبب الأساسي لبيعه للدخان قال " والله أنا قبل الدخان كنت أشتغل في مجال البناء وكنت مبسوط والحمد لله ، لكن نظرا لانغلاق فرص العمل ومنع دخول مواد البناء والحرب والحصار اضطررت لبيع الدخان متسائلا ايش بدنا نعمل بطلع من 10 لـ 15 شيكل يعني بنقضي حاجتنا ؟وعندما سألته عن العائد المادي الذي يخرجه من بيعه أخر اليوم قال " طبعا مصروفي الشخصي وإيش بزيد مصروفات للدار"

وعن انطباعه من وراء هذه المهنة فقال " طبعا مش مبسوط هذا مش شغل ، بس الوضع الأقتصادي أجبرنا نبيع الدخان "ويضيف شادي بنوع من المرارة والحزن " أنا درست للصف الثانى الإعدادي وتركت الدراسة بسبب وضع وظروف أسرتي حيت أنا الوحيد الذي أصرف عليها و محدش بصرف غيري واخوي صغير ما زال عظمه طري "

ويسترسل شادي قائلا وأمامه بسطة صغيرة من الدخان " القعدة لحالها أزمة ، إنك تلف على السيارات وتسمع كلام طالع نازل هالشي صعب ، لأن الناس تنظر إلك انك اقل منهم وإحنا أولاد ناس ووجه شادي مناشدة لحكومة الوفاق " يا عالم أمنوا إلنا شغل شريف ، الناس بتنظر نظره غير طبيعيه إلنا ، أنقذونا "

حال شادي الكثير الذين أرغمتهم ظروف وقسوة الحياة على ممارسة مهنة بيع الدخان الشاب مازن قال " يا عم روحوا دور على ناس أخرين تعملوا معهم تقارير صحفية سبونا في حالنا كل كتاباتكم على الفاضي " وبعد برهة من الوقت ، قال "والله تجولت في كل غزه وكل المحلات لأجد واحد يشغلني شغلانه شريفه ما وجدت وأنا عندي ولد وبنت وأمي عايشه عندي ولازم اشتغل لأجيب مصاري واعيشهم "

وبنوع من الألم قال " والله أوقات بحط على حالي كيس نيلون لأقي نفسي من المطر أو أحمي نفسي تحت عريشه هنا أو هناك وبالصيف مجبور إني أتحمل حر الصيف عشان أجيب مصاري "وقال" علشان أولادي وزوجتي وأمي مستعد أبيع حالي حتى أعيشهم "وأضاف " والله أنا لست سعيدا ومجبور على هذه المهنة والله الناس بدهم مني ديون أكثر من 1000 شيكل وأدخر لأسدهم خليها على الله متسائلا كيف بدي أكون ه مبسوط من هيك شغلانه ؟ وقال أن الناس ينظروا الينا كمتسولين وعندما نوقف سيارة ونبيع الدخان يحقرونا والبلدية لا ترحمنا "

وأضاف " بحب أقول للناس انو الظروف هي التي أجبرتنا أن نشتغل هيك شغلانه ، إحنا محرومين من الضحكة محرومين من العيشة الحلوة ، بس بحكي للناس التي لا ترحمنا ل ضعوا أنفسكم مكاننا ؟

ومن خلال جولتي لعمل هذا التقرير وجدت شاب بعمر الزهور لا يتجاوز عمره إل 16 عاماً جلست بجانبه وقلت السلام عليكم ، أجاب " عليكم السلام " فقلت بكم الدخان اليوم قال " إي نوع " لم أكن أعلم بالأنواع فقلت له أقصد غالي أم رخيص قال " في رخيص وفي غالي " قلت له شو أسمك قال (معتز) .

وقال " يا حبيبي شكلك أمن داخلي " قلت له أنتظر أنا صحافة بدي أسألك كم سؤال قال اسأل فقلت لا تخاف " فسألته عن سبب بيعه للدخان وكادت عيناه أن تنفجر من البكاء قال " والله أنا الوحيد الذي أقوم بتلبية متطلبات أسرتي أهلي وعندي أخت مطلقه بالبيت ووالدي مقعد ولا يوجد غيري "

وعندما سألته عن دراسته قال " إأنا تارك دراستي من الصف التاسع لأنه لا يوجد لدي وقت لكي ادرس فأنا أقوم بالبيع من الساعة 8 صباحا حتى منتصف الليل حتى احصل على عدة شواكل "

وعند سؤاله عن أهمية تركه لهذه المهنة قال بنبرة عالية " وأنا من وين أجيب فلوس ومن وين أعيش أنا و أهلي من وين اصرف عليهم وفر لي شغل غير هذا الشغل وأنا من الان أتركها !

. ولا يقتصر بيع الدخان فقط على أشخاص لا يحملون شهادات بل أن هناك الكثير ممن يمارسون هذه المهنة ممن يحملون شهادات وخريجون لم يجدوا عملا فاضطروا للممارسة هذه المهنة مكرهين و لم ينجوا من مطاردات رجال شرطة والبلدية لهم .

يقول "محمود" "27 عاماً".أنا حاصل على بكالوريوس تربية عربي وانتظرت سنوات طويلة ولم أجد فرصة عمل لذلك أصبحت "بائع متجول" أبيع الشاي والقهوة والدخان لكي أكسب شواكل معدودة تكفيني وأسرتي المكونة من خمس أشخاص ".

أما الطالب الجامعي سعيد بائع الدخان علي الطرقات يقول " توفى والدي وترك لنا معاش لا يتعدى ألف شيكل ونحن أسرة مكونة من 7 أفراد فاضطررت للعمل بالتزامن مع دراستي الجامعية حتى أوفر بضعة شواكل أعطيها لوالدتي حتى تتمكن من الصرف على أخواتي وتوفير حياة كريمة لهم .

انتشار بسطات بيع الدخان في شوارع غزة يدق ناقوس الخطر بأن الظروف الإقتصاديه وقله الأعمال والوظائف هى من دفعت هؤلاء الباعه أن يسلكوا هذا العمل ؟ والخروج من هذا الوضع يكون عبر انهاء الانقسام وممارسة حكومة الوفاق عملها ورفع الحصار وفتح أسواق خارجية للعمل وايجاد فرص عمل لائقة بالخريجين.