عوض الله مناضل يستحق كل تقدير
تاريخ النشر : 2013-10-07 13:46

عندما يُنصف الشعب والقيادة المناضلين الأوفياء، يشعرك ذلك بان الدنيا بخير، وان هناك قيما لا تبلى رغم رداءة المرحلة، وان شعبنا لا يمكن أن يحيد عن أصالته التي تميزت باحتضان أبنائه الذين ضحوا من اجله دفاعا عن وجهه المشرق، وعن أهدافه السامية في الحرية والاستقلال والعودة، ومن اجل وطن السلام والمحبة والتسامح الذي تزهر فيه قيم الإنسان عطاء وإبداعا وإخلاصا وتفانيا حتى لا يكون هناك فقر وجهل وقمعا، ولا أي من مظاهر انحطاط الإنسان الذي هو أغلى قيمة في الوجود ..

عبد الرحمن عوض الله .. فلاح ابن فلاح، ولاجئ قاسى وحشة الغربة وضياع الوطن .. منذ نعومة إظفاره، تنسم حب الأرض، وتزينت مشاعره بعشق الوطن وإجلال الإنسان .. انحاز منذ ان شق طريق الثورة إلى أحلام الفقراء والكادحين .. إلى تلك القيم التي تعظم قيم الإنسانية .. قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم .. قاده انتماؤه الطبقي للنضال إلى جانب الشيوعيين الفلسطينيين، ليختمر الوعي ويكبر العطاء، وليجد في حزبه الأكثر وفاء للوطن ومستقبله الأتي، وفي رفاقه كل عناوين المحبة والتآخي والتضحية والوفاء .. سار إلى جنبهم ولا زال رغم مرضه، ليحفر في سجل الحزب وتاريخ شعبنا معالم تميزت بعطاء لا ينتهي، وبحب صادق ودفء رفاقي قلما يجسده البعض في سلوكه ومشاعره.

لقد اقترنت تجربة الرفق عوض الله بمسيرة الحزب منذ أن شق طريقه إليه، فقد شارك في شبابه تلك المسيرات الضخمة التي قادها رفاقنا الشيوعيون، والتي أفشلت قرار توطين شعبنا في سيناء إبان الوجود المصري في قطاع غزة، حيث زج به ورفاقه في السجون، ليعانوا قسوة الزنازين وبطش الجلاد .. شكل هو ورفاقه ملحمة بطولية من الصمود والوفاء لتلك القيم والأفكار التي امنوا بها، فلم ينكسروا أمام قسوة السجان، ولم يستنكروا مبادئهم التي امنوا بها، ووقفوا شامخين شموخ الوطن والشعب الذي امنوا به وبالتضحية من اجله، حتى ولو كان ثمن ذلك حياتهم .. مسيرة طويلة وحافلة تكللت بالألم والمعاناة والغربة عن الوطن، لكنها أيضا تعملقت بعمق العطاء والتضحية التي لا تعرف حدودا .. وهي في النهاية مسيرة نفخر بها لأنها تجربة المناضلين الأحرار الذين صدقوا شعبهم، ولم يحيدوا عن مسيرة النضال قيد شعرة، والذين لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء، كما لم تدنسها تلك الأموال التي هي من حق الشعب .

عرفت الرفيق "أبو حيدر" منذ أن عاد إلى ارض الوطن بعد توقيع اتفاق اوسلو، وهو الذي كان تواقا إلى أن يقبل ارض الوطن بعد سنوات عاشها في الخارج، احتضن رفاقه كما احتضن الحزب والأرض والشعب، فوجدناه رفيقا نموذجيا، وأبا حنونا، لا يقسو ولا يمكر ولا ينتقم، كان وما زال واسع الصدر، حليما متواضعا في التعامل مع الجميع دون استثناء، والاهم انه معطاء إلى ابعد حدود .. كنت أقول له دائما " إنني أحسدك على روح عطائك التي لا تعرف الكلل او التعب رغم كبر سنك " .. كنت أجد فيه شابا أكثر من الشباب، من حيث المثابرة والتواصل والعمل دون كلل او ملل ..كان دائم الحديث عن أهمية الإخلاص للفكر والقيم التي ننتمي إليها، معتبرا ذلك المدخل الحقيقي للتضحية بصدق من اجل الشعب والوطن، وكان يؤكد على أن الحزب وُجد من اجل تحقيق الأهداف السامية التي نناضل من اجلها على المستويين السياسي والاجتماعي، وان لا قدسية إلا للشعب وأهدافه النبيلة، وان الإنسان قيمة يجب أن نقاتل من اجلها مهما عظمت التضحيات .. كان يحثنا دائما على تقديم النموذج الأفضل والأكثر صدقا حتى في التعامل مع كل من كنا نختلف معهم سياسيا او فكريا، وان لا نستعجل قطف الثمار، فالحياة كما فهمها تُراكم أجزاءها شيئا فشيئا إلى أن تُثمر نورا ونوارا إذا ما أحسنا الفعل، وبذرنا ما هو صالح في وجدان الشعب .

وإذا كان الأخ الرئيس أبو مازن قد كرم الرفيق ابو حيدر بمنحه وسام الاستحقاق والتميز، وهو تعبير عن إنسانية ووفاء الرئيس للمناضلين الاوفياء، فإننا كرفاق نكرمه بآلاف أوسمة المحبة والتقدير والعرفان .. نكرمه بمشاعر صادقة تكن له كل الاحترام لمسيرته النضالية الناصعة والمتميزة، هذه المسيرة التي هي مسيرة الحزب الذي أعطى دون كلل او تخاذل، هذا الحزب الذي كان دائما وأبدا صادقا وصريحا مع الشعب بعيدا عن المزايدة او الاتجار بمعاناته وآلامه.. حزب تميز ولا زال بالانتماء لفقراء وكادحي الشعب، وبالإخلاص للمشروع الوطني الفلسطيني، وبمسيرة وحدوية صادقة من اجل وحدة اليسار الذي يشرفه بأنه الأكثر إخلاصا لها، والتي يسعى بكل قوة من اجل التقدم على طريق انجازها .

اجل .. رفيقنا الرائع.. أيها الأب الحنون .. كلنا فخر بك، واعتزاز بدورك ..وستبقى دوما نبراس صدق وعطاء وإبداع ووفاء .. ستبقى دوما كما عهدناك عنوانا للوطن ولأحلام أبنائه المعذبين .. دمت رفيقنا، ودام عطاؤك الذي لا ينضب، والذي لا تعرف الاستكانة له طريق .