رسالة مفتوحة من د.ابو زايدة الى وزير الاوقاف د.الهباش
تاريخ النشر : 2013-11-23 13:19

أمد / رام الله : كتب عضو المجلس الثوري لحركة فتح ، الدكتور سفيان ابو زايدة  رسالة الى وزير الاوقاف والشئون الدينية الدكتور محمود الهباش جاء فيها :"لقد استمعت الى خطبة الجمعة التي القيتها امس في مسجد التشريفات بقاطعة ياسر عرفات. و كانت خطبة حماسية جدا دافعت بها بشدة عن اؤلئك الذين يتطاولون على المقامات العليا و عززت قولك بأحاديث و آيات من القرآن حول وجوب الالتزام بالسلطان، لقد كانت كما هي العادة عبارة عن خطبة لقائد سياسي او ناطق اعلامي اكثر منها خطبة دينية.

لقد تحدثت بأسهاب عن الفرق بين التهجم و التجريح و الشتم و بين حرية التعبير عن الرأي، و على الرغم ان القانون هو الذي يفصل في كثير من الاحيان بين النقد الجارح الذي قد يشكل اساءة تصل الى حد الجناية و بين الحق في حرية التعبير عن الراي الذي هو حق مقدس للانسان ليس هبه من زعيم او سلطان. على الرغم من ذلك فأنني اتفق معك ان التهجم و التجريح و الاساءة ليس فقط للرئيس بل لاصغر شبل فلسطيني هي عيب و ممنوع و يجب ان يحاسب وفقا للقانون كل من يتعدى هذه الحدود.

اتفهم ان تخصص خطبة جمعه كاملة تدافع فيها عن الرئيس ، هذا ليس من حقك فقط و لكن من واجبك ايضا، لما لا و السيد الرئيس فرط برئيس وزراء من اجل ان تبقى انت وزير و كاد ان يفرط برئيس وزراء آخر لولا ان الاخير تراجع عن موقفه. لما لا و انت بالنسبة للرئيس اهم من اي عضو لجنة مركزية و اهم من اي عضو لجنة تنفيذية، و ان الموقف السياسي لفتح و للمنظمة يمكن انتظاره لحين خطبة الجمعه التي تلقيها انت.

كنت اتوقع ان تخصص في خطبتك فقرة او فقرتين تتحدث فيها عن الفلتان الامني و عن حرمة الاعتداء على المواطنين و ممتلكاتهم، و تذكر في السياق ما تعرضت له يوم الثلاثاء من اطلاق نار على سيارتي استهدف اغتيالي معنويا ربما تمهيدا لاغتيالي جسديا، و في السياق ايضا كنت اتوقع ان تذكر حادثتي اطلاق النار على القيادي في فتح النائب ماجد ابو شمالة.

اليس مال المسلم و كرامته اهم عند الله من كل الالقاب و المسميات التي ليس لها قيمة في ظل احتلال يبتلع الارض و الانسان؟ سأعتبر ذلك ان هذا سقط سهوا، خاصة انك كنت من اول المتصلين للاطمئنان على سلامتي.

على اية حال، و بما ان خُطب الجمعه التي تلقيها في المقاطعه يستمع اليها الكثير من القيادات، و على اعتبار انها خُطب سياسية اكثر منها دينية فأنني اقترح عليك ان يكون عنوان الخطبة القادمة هو " مواصفات الحاكم العادل في الاسلام" او " الحاكم الصالح في الاسلام" على اعتبار ان العدل هو اساس الحكم و ان النزاهة و الشفافية و التسامح و التواضع و سعة الصدر هي من اهم المواصفات التي يجب ان تتوفر في الحاكم .

لن تغلب في ايجاد الاحاديث النبوية و الايات الكريمة لتفسير ذلك. و لان الدين معاملة و ان المسلم هو من سلم الناس من يده و لسانه و اجراءاته و ان الصدق هو موافقة القول بالعمل، و لاني اعرف ان وقتك ثمين جدا، فانني اقترح عليك ان تبدء حديثك عن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه . فهو كان نموذجا مشرقا و سلوكه يعتبر دستور لكل زعيم يريد ان يكون عادلا و نزيها و عفيفا. اسرد لهم قصة سيدنا عمر عندما كان يتجول في سوق الحلال يتفقد احوال المؤمنين وشاهد بعض الجمال السمان ، استغرب من سمنتهم المميزة عن باقي الجمال في السوق و عندما سأل لمن هذه الجمال و قالوا له انها لابنك عبد الله؟ قال له وحيك اكنت تطعمها على حساب الاخرين، قال له لا يا ابي، فقال له الخليفة العادل عمر بيعها كما شريتها . لم يحتمل عمر ان يتحدثوا عنه كلمة واحدة حتى لو جار على ابنه.

سيدنا عمر رضي الله عنه ما كان يفضل ابناءه عن ابناء المسلمين فكيف عندما يتم تفضيلهم عن ابناء الشهداء و الاسرى و ابناء من دفعوا في رأس مال هذه السلطة الكثير. لم يكن يقبل على نفسه ان يميز ابنه و يرسلة في بعثة لكلية الشرطة دون ان تنطبق عليه اي من الواصفات. قل لهم لكم ان تتخيلوا لو فعل احد وزراء او موظفي الخليفة عمر هذا الامر ماذا كان سيفعل به.

و في السياق قل لهم كيف ان عمر تعامل مع الجميع بشكل متساوي ، بل انتصر للضعيف على حساب القوي و اذكر لهم قصة عمرو ابن العاص عندما كان واليا على مصر و ضرب ابنه احد المواطنين لان فرس المواطن سبقت فرس ابن الوالي. ذهب الرجل للخليفة عمر ليشتكي ما وقع عليه من ظلم و الذي على الفور انتصر للرجل الضعيف و استدعى عمرو بن العاص و ابنه و عطى الرجل الضعيف العصا و قال له اضرب ابن الاكرمين كما ضربك ليعطي درسا للمسلمين في الشفافية و النزاهة و الحُكم العادل.

و في نفس السياق ايضا كرر قصة عمر رضي الله عنه التي سمعنها منذ الصغر كيف كان يتفقد احوال المسلمين و خلال احدى الجولات وجد الام التي تغلي الحصى لابناءها من شدة الفقر، فذهب عمر بنفسه الى بيت مال المسلمين و احضر الطعام قبل ان يجهزة بنفسة و يطعمه بيدة للاولاد الجياع. و لان كلامك مسموع حاول ان تطبق هذا الامر على واقعنا الحالي ، فذكر القيادة بأن هناك شهداء سقطوا خلال الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة لم يتم اعتمادهم حتى الان، و ان هناك جوعى ممن قطعت رواتبهم بشكل كيدي و معاملاتهم جاهزة و فقط تحتاج الى توقيع فخامة الرئيس و ان هناك حوالي ثمانية آلاف من تفريغات 2005 لا يشبعون الخبز .

و لان التسامح هي اهم صفه من صفات القائد الشجاع فأذكر لهم القصة عندما جاء رجل لعمر بن الخطاب وهذا الرجل كان قد قتل زيد اخو الخليفة عمر في معركة اليمامة، في حروب الردة وكان هذا الرجل مرتدا ثم أسلم، فجاء إلى عمر، فقال له عمر: أنت الذي قتلت زيدا؟ قال: نعم ، قال عمر :اغرب عن وجهي ، فلن أحبك حتى تحب الأرض الدم، فقال يا أمير المؤمنين: أو يمنعني هذا حقي؟، هذه المشاعر النفسية تجاهي منك هل تمنعني حقي؟ فقال الرجل الكبير لا، فقال الرجل إنما يبكى على الحب النساء، فكان عمر شجاعا مرتين ، المرة الأولى عندما كشف مشاعره تجاه الرجل وقال إني أكرهك، ولا أحبك، وهذا شئ لا طاقة لي فيه، لا قدرة لي عليه، لكن هذه الكراهية لن تحول بينك وبين حقك .

اختم خطبتك قبل الدعاء و اقامة الصلاة بقصة عمر بن عبد العزيز عندما ولى الخلافة قُدمت إليه مراكب الخلافة خيل وجياد شهيرة تشبه السيارات اليوم، قال ما هذا؟ قالوا له هذه مراكب الخلافة، قال هاتوا لي بغلتي، وأمر ببيع هذه الجياد، ووضع ثمنها في بيت مال المسلمين. تخيلو لو كان هذا الوالي يعيش في عصرنا، هل سيسير في مواكب و سيارات مصفحة؟ .

هذا الرجل دخلت علية امرأته فاطمة بنت عبد الملك ووجدته قد وضع يده على خده ويبكي، وتسيل دموعه على خده فقالت له ما بك؟ قال ويحك يا فاطمة!! لقد وليت من أمر الأمة ما وليت، فتذكرت الفقير الجائع وتذكرت المريض الضائع، وتذكرت الغازي المجاهد، وتذكرت اليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، وتذكرت الغريب والأسير، وتذكرت المظلوم المقهور، وتذكرت الشيخ الكبير وذا العيال الكثير والمال القليل وأشباههم، في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن الله سيسألني عنهم يوم القيامة،وان خصمي دونهم محمد، فخشيت ألا تثبت لي حجة فرحمت نفسي فبكيت.

و انت يا مؤذن اقم الصلاة"